السعودية و قضية أحداث 11 من سبتمبر أزمة تأبى الموت

أحد, 01/21/2018 - 23:59

يبدو أن الاتهامات المُوجّهة للعربيّة السعوديّة، حول ضُلوعِها أو تورّطها بالأحرى في أحداث 11 سبتمبر، وإقرار قانون “جاستا” الذي يَسمح لأهالي الضّحايا بمُطالبة حُكومة بلاد الحرمين والتعويضات، كان يُؤرّق قيادة البلاد المذكورة، حيث عمل فريق الدفاع السعودي على “تفنيد” أربعة آلاف صفحة تقدّم بها المُدّعون، تتّهم السلطات السعوديّة بالتورّط في الاعتداء الشهير، مُطالبين بتعويضاتٍ ماليّة.

وعلى إثر تلك المُرافعات، برّأت محكمة مانهاتن الأمريكيّة المملكة من أحداث البُرجين، وذلك لانعدام الأدلّة، وطالبت شركات التأمين بتقديم أدلّة تُثبت تلك الاتهامات، وبحسب وسائل إعلام أمريكيّة، فقد اعتبر القاضي جورج دانيلز قاضي المحكمة المَذكورة، أن كل ما يزعمه الخُصوم لا يرتقي لاعتباره أدلّة، ولا يُمكن الاعتماد على قصص وشائعات يتناقلها الناس، أو تُحاول أن تُروّج لها “مافيا التعويضات”.

وبحسب صحيفة “سبق” المحليّة الإلكترونيّة، فقد خَلُصت الجلسة إلى اعتبار أن لا مسؤوليّة على الحُكومة السعوديّة، بَلْ تَورّطت في أحداث ١١ سبتمبر، جهات ودول أُخرى، وتملك الأجهزة الأمريكيّة الكثير من الأدلّة.

وعلى وَقع “البراءة النهائيّة” كما وصفها البعض، انطلق مهرجان احتفالي “افتراضي” على منصّة التدوين المُصغّر “تويتر”، فرحاً وابتهاجاً بتبرئة المملكة من التهم المُوجّهة إليها، ونسب البعض من المُغرّدين هذا الفضل إلى ما أسموه “انفتاح” الأمير محمد بن سلمان، الذي نقل البلاد من التطرّف إلى الترفيه العلماني، وهو ما اعتبره البعض الآخر تراخياً وتنازلاً عن دين الله وشريعته.

هذهِ الاحتفالات التي تُغذّيها المباحث بالتغريدات الاحتفاليّة يقول الباحث عمر التميمي لرأي اليوم، أنها دلالة قلق رسمي، تُعبّر عنه القِيادة، فمن يقرأ مقالات الصحافة المحليّة في أوج توجيه الاتهامات، يلمس إما لا مُبالاة، وتأكيد على عدم تأثّر المملكة بتلك الأحكام الصادرة بحق المملكة من قبل محكمة “أمريكيّة”، ومن يرى “الاحتفالات” بعد البراءة يُدرك مدى القلق الرسمي الذي كان تُحاول إخفاؤه الأوساط الرسميّة، وخاصّة أن تلك التعويضات لو ثبتت إدانة المملكة، ستكون في عصر خزينة، باتت تعتمد على جُيوب شعبها، من خلال رفع الأسعار، وفَرضْ الضرائِب، يقول الباحث التميمي.

السعوديون أوصلوا وسم “هاشتاق”، “محكمة مانهاتن براءة السعوديّة”، إلى قائمة الترند، وحلّ الوسم المرتبة الرابعة حتى إعداد هذا التقرير، وتصدّرت التبريكات مضمون التغريدات، والشماتة كانت سيّدتها، فإيران وقطر بحسب المذكورين، في غيظ وامتعاض، بعد مُمارسة إعلام كلا البلدين الترويج لاتهام السعوديّة، والعمل على إدانتها.

سعيد القاضي اتّهم إيران بالوقوف خلف اعتداءات سبتمبر، وطالب بمٌعاقبتها، وشريكتها في الإرهاب، سوزي أكّدت ثقتها ببراءة بلادها، أما حساب “اسم” فقد طالب برد الاعتبار، والمُطالبة والتعويضات، عن تلك الإهانات التي طالت بلاده، والاتهامات المُوجّهة له بالإرهاب، سارة الشعلان اتّهمت قطر بالوقوف خلف الحملة التي نالت من السعوديّة لاتهامها بالإرهاب، أما سعيد الزهراني فقد تساءل عن حُكم الاحتفال بحُكم صادر عن “محكمة الكُفّار”.

مُحلّلون تحدّثوا لرأي اليوم، اعتبروا أن حُكم البراءة سياسي بامتياز، ويأتي في سِياق عِدّة تنازلات قدّمتها العربيّة السعوديّة، وخاصّةً في دائرة مُحيط جبهتها الداخليّة، وهي التي تتنازل يوميّاً حتى عن أساسيّات عقيدتها “الوهابيّة”، وبحسب المُحلل السياسي إبراهيم الغامدي فإن حُكم البراءة ليس قطعيّاً، ويجوز فيه الاستئناف في حال توفّر الأدلّة، وربّما يدخل الأدراج، ويُبحث عن متّهم آخر (إيران) ليجد أهالي الضحايا فيها ضالّتهم، وحتى يحين موعد السعوديّة على لائحة الاتهام لاحِقاً على حد قوله.

التيّار الديني والمُتطرّف تحديداً، كان ناقِماً على حُكم البراءة، لكنّه ومع تقليص صلاحيّاته، لم يعد له سوى منصّة “تويتر” وغيرها، للتعبير بأسماء مُستعارة، عبر حِسابات رصدتها “رأي اليوم”، حيث كان لهؤلاء رأي آخر، فاتّهام بلادهم بهذه الأحداث الدمويّة، جهاد، وعمل صالح ضد أمريكا،  والتبرأة يعني التسليم والانبطاح، وطال تلك الحسابات بعض الاتهامات بأنها تابعة لتنظيم القاعدة، و”الدولة الإسلاميّة”، فبحسب الصحفي محمد الحربي، هذه بقايا افتراضيّة لتلك التنظيمات، ولا تُعبّر عن المملكة لا من قريب ولا بعيد كما يقول.

راي اليوم

الفيديو

تابعونا على الفيس