هل تفقد مصر عمقها الاستراتيجي؟ لماذا انحازت السودان لإثيوبيا ضد مصر؟

ثلاثاء, 01/16/2018 - 23:03

علاء عبد المنعم

السودان من الوحدة مع مصر  والحكم تحت التاج الملكي ، ثم الإنفصال وتبعاته ونهاية بالتوترات الحالية ، تراكمات من الماضي ،وتعاطي مع أزمات تخلقها الأنظمة ،والشعوب منها براء، والسودان بالنسبة لمصر يمثل العمق الإستراتيجي في القارة السمراء وخسارته كا شقيق او جار تتاخم حدوده الحدود المصرية ، يمثل ازمة وتصدع كارثي تنهار بسببه المصالح المشتركة بين البلدين واخرها أزمة سد النهضة ، وما تحمل من مدلول كارثي قد يضرب مصر والسودان بالجفاف ، ولقد لعب اعلاميو مصر في تعاظم الإنشقاق ، بعد وصلات السب والقذف التي طالت الشعب السوداني ونظامه ، بل راحوا يكيلون الاتهامات بعمالة السودان ، واستقطاب دول معادية لمصر وزرعها في المنطقة ، حقيقة لا اصدق مبدئيا ان اردوغان اتي الي السودان  نكاية في مصر ، فالرجل جاء ليستثمر ، في ارض تركها المصريون بكامل إرادتهم وبكل ما تحمله من خيرات ، ويكفي ان نعرف ان السودان يمتلك من الثروة الحيوانية ما يكفي قارة بأكملها .

ونحن الآن لا نفتش عن المتسبب في الازمة ، ولكن نسعي لتقريب وجهات النظر ، في محاولة لرأب الصدع والشقاق الذي قد يجعل من حل أزمة سد النهضة مستحيلا ، فابدون استقطاب السودان ونيل تعاطفها وتعاطيها إيجابيا مع قضية شح المياه في مصر مستقبلا لن تحل الأزمة بل ستزداد تفاقما .

هناك دول بعينها تلعب دورا محوريا في إزياد الأحتقان بين البلدين الشقيقتين ،  وتحاول الدفع بقوة لأزمات تخرجها من باطن الارض واخرها مثلث حلايب وشلاتين المتنازع عليه ، ناهيك عن تعاظم مطالب الجانب السوداني بأحقيته في مثلث حلايب وشلاتين خاصة بعد تنازل الجانب المصري عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية  ، فوجد النظام السوداني الفرصة سانحة للانقضاض علي النظام المصري في محاولة للضغط وضم حلايب وشلاتين للاراض السودانية، والحقيقة ان مايفصل الحدود المصرية والسودانية خطوط عرض ونقاط حدودية في صحراء قاحلة ، فبدلا من سعي الجانبين لاستزراع هذه الرمضاء راح الجانبين يلوح كلا منهم بإعلان الحرب علي الأخر ، المستفيد من هذه الحالة المتوترة ، الجانب الاثيوبي ، والاسرائيلي علي حد سواء ، فبنظرة تاريخية فاحصة نكشف كيف استطاعت اسرئيل وبتخاذل من الانظمة العربية ، ان تحقق حلمها في الحصول قريبا علي مياه النيل ، واستثماراتها الزراعية في القارة السمراء اكبر دليل يؤكد هذا االتخازل.

“مصر والسودان سويا في خندق الجفاف”.

 وهنا لا أقول ان وقوف الجانب السوداني مع اثيوبيا مشروعا بل عليه علامات استفهام كثيرة فالدولة التي تدعي تدينا ولو حتي ظاهريا ، لايصح ان تتحد مع دولة اخري ضد شقيقتها ، أو علي الاقل تكون ترسا في معاقبة الشعب المصري وليس النظام في محاولة لتعطيشه . وتعتبر السودان من دول المصب المتضررة ايضا

 ولنعود للماضي القريب وتحديدا عام ٢٠٠٩  حيث قام وفد من مسؤولين أفارقة رفيعي المستوى من دول منبع حوض النيل بزيارة القاهرة وبالتحديد بمحافظة الاسكندرية والاجتماع مع نظرائهم من دول المصب واعني هنا مصر والسودان ثم نشأت خلافات حادة في الاجتماع حول تقسيم مياه النيل.

الكارثة ان هذا الوفد مثمثلا في دول المصب، قام  مؤخرا بزيارة سرية إلى الكيان الصهيوني، وبترتيب من منظمة مشروع التبادل، وهي منظمة تابعة للجنة الأميركية اليهودية، إحدى أكبر منظمات «اللوبي الصهيوأمريكي لدعم التعاون بين الكيان والبلدين في الشؤون التنموية والزراعية ، فالسياسة الصهيونية تهدف بالأساس من وراء التغلغل في دول حوض النيل إلى زيادة نفوذها السياسي في الدول المتحكمة في مياه النيل من منابعه، مع التركيز على إقامة مشروعات زراعية تعتمد على سحب المياه من بحيرة فيكتوريا، وتعتمد في تحقيق ذلك على سياسة إثارة المشاكل والخلافات السياسية بين الأقطار العربية العربية النيلية وايضا نظيراتها الأفريقية، ومحاولة إقناع دول المنبع بوجود ظلم واقع عليها نتيجة الإسراف العربى فى موارد المياه، ثم تقوم بتقديم الدعم الاقتصادي والدبلوماسي لتلك الدول.

كما استخدم الصهاينة القوة العسكري بهدف ترسيخ تواجدها فى دول حوض النيل لا سيما التى تشهد اضطرابات وقلاقل داخلية، إذ إنها تستغل الصراعات العرقية والقبلية فى منطقة حوض النيل لدعم الحركات الانفصالية بالسلاح والمعدات العسكرية المختلفة، فإسرائيل دعمت الحركة الانفصالية في جنوب السودان منذ انطلاقها، ثم دربت كوادر الجبهة الشعبية لتحرير أريتريا عندما لاحت بوادر انتصارها، وعملت على إقامة علاقات حديثة مع قبائل الكامبا والكيلوي في تنزانيا.

إضافة إلى ذلك، يستخدم الصهاينة الجانب الاقتصادي بهدف أساسي وهو تأمين سيطرتها على مشروعات الري والمياه في دول حوض النيل، فقد نجحت بمساعدة الولايات المتحدة في تأمين سيطرتها على بعض مشروعات الري في منطقة البحيرات، حيث تقوم بتقديم الدعم الفني والتكنولوجي من خلال الأنشطة الهندسية للشركات الصهيونية في مجال بناء السدود المائية. كما ورد بمجلة الوعي.

لقد قدم الصهاينة دراسات تفصيلية إلى زائير ورواندا لبناء ثلاثة سدود، كجزء من برنامج شامل لإحكام السيطرة على مياه البحيرات العظمى.. وقامو باختبارات للتربة في رواندا، حيث يتوجه الاهتمام الصهيوني بوجه خاص إلى نهر كاجيرا الذي يمثل حدود رواندا مع بوروندي في الشمال الشرقي.

اذا خيوط المؤامرة الصهيونية علي القارة السمراء باتت واضحة والهدف الحصول علي الأراض الخصبة والمياه العذبة ، فهل ينتبه احد ؟؟! .

وفي مايو ٢٠١٠  وقّعت، إثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا، اتفاقية مثيرة للجدل بشأن تقاسم مياه النيل، أكبر أنهار القارة الأفريقية، رغم غياب دولتين من دول الحوض هما بوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية، “”ومقاطعة مصر ووالسودان.

المعارضتين بشدة لهذا الاتفاق. فيما أعلنت كينيا الدولة التاسعة دعمها الكامل للاتفاقية الجديدة، مؤكدة رغبتها في توقيعها «في أقرب وقت ممكن». وأعرب مسؤولون في الحكومة المصرية أمس عن رفضهم للاتفاقية، قائلين إن القاهرة متمسكة باتفاقيات سابقة تمنحها حصصاً ثابتة من مياه النيل تصل إلى 95% من الموارد المائية، داعين في الوقت نفسه إلى الحوار والتعاون مع دول المنبع السبع.

وجرى توقيع هذه الاتفاقية الجديدة، التي يتم التفاوض عليها منذ نحو عشر سنوات بين الدول التسع المشاطئة للنهر من أجل تقاسم أكثر عدالة لمياهه، في مدينة عنتيبي بأوغندا. ولم تشارك مصر والسودان، المستفيدان الرئيسيان من مياه النيل بموجب الاتفاقية الأخيرة لتقاسم المياه الموقعة في 1959م رسمياً في مراسم التوقيع، ويؤكدان أن لهما حقوقاً تاريخية في النيل. وكان البلدان أعلنا صراحة منذ معارضتهما لمشروع هذا الاتفاق الإطاري الجديد الذي لم تعلن تفاصيله كاملة. كذلك تغيب عن حفل التوقيع ممثلو بوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية، ومن ثم لم يوقع البلدان بالأحرف الأولى على الاتفاقية الجديدة.

ولا يشير النص إلى أي أرقام، للحجم أو الأمتار المكعبة، للتقاسم المقبل للمياه، لكنه يلغي اتفاقي 1929م و1959م، ويسمح لدول الحوض باستخدام المياه التي تراها ضرورية مع الحرص على ألا تضر بالدول الأخرى.

كما ينص الاتفاق على إنشاء مفوضية لحوض النيل تكلّف بتلقي كل المشاريع المتعلقة بالنهر من قنوات ري وسدود وإقرارها. وسيكون مقر هذه المفوضية أديس أبابا، وستضم ممثلين للدول التسع المعنية.

لقد بدأت المفاوضات منذ عام 1995م، لوضع اتفاقية إطارية للتعاون بين دول حوض النيل، وتمسكت مصر -ومعها السوادن- بموقفيهما الخاصين بضرورة قيام دول المنبع بالإخطار المسبق للدولتين قبل تنفيذ مشروعات في أعالي النهر -بعد قيام دول بإنشاء سدود تمكنها من حجز المياه خلال السنوات الماضية- واستمرار العمل بالاتفاقيات القديمة التي تنظم موارد النهر بما يحافظ على حصة مصر التاريخية التي تصل إلى 55 مليار متر مكعب من المياه، وأن يكون نظام التصويت في حالة إقرار إنشاء مفوضية لدول حوض النيل بالأغلبية المشروطة بمشاركة دولتي المصب «مصر والسودان

ومن هذا العرض الذي نشرته الصحف وقتها نري ان مصر والسودان كانتا حليفين في مواجهة دول المنبع ، لهذا لعبت مخابرات واجهزة دول من بينها الموساد الصهيوني في خلق الشقاق بين البلدين وتفعيل مبدأ فرق تسد، فليس حقيقيا ان مصر او علي الاقل شعبها لا يريد استقرارا للسودان ، كما لاتريد اثيوبيا استقرار للصومال ، فمصر والسودان تربطهما علاقات تاريخية ضاربة في عمق التاريخ و شريان حياه يتخطي حاجز الزمن والمكان ، والاضرار به بسبب تصرفات حمقاء من كلا الجانبين  لاتعي أبعاد الكارثة ، قد يؤدي في المستقبل القريب الي انهيار حضارة وادي النيل ، “فهل يستمع احد لصوت العقل”؟!.

في رأيي المتواضع إن التعرف علي ابعاد المشكلة هي البداية الحقيقية لحلها ، والمشكلة هنا تتمثل في النزاع بين دولتي المصب  علي ملكية حلايب وشلاتين ،وايواء بعضا من جماعة الاخوان المسلمين في السودان ، وحقيقة المشكلة الأخيرة لاتمثل مشكلة شعوب ولكن ارادة أنظمة لاتعي ما تفعل ، لو كان النظام المصري نظر الي العمل و

 الاستثمار في السودان ، خاصة انها تمتلك كل مقومات النجاح لأي مستثمر ،  لهذا  هرولت تركيا لاقتناص الفرصة ، لما وصلنا لهذا ، اذا ما انتبهنا للعلاقات التاريخية بين البلدين ،واقررنا ان السودان لم يكن في يوما من الايام محكوما من السلطات المصرية وانه كان يقع تحت الحكم الملكي مثل مصر تماما لما تضخمت الأحقاد ووصلنا الي هذه الطريق المسدودة ، علي الجانب المصري ان يلجأ الي الحلول الدبلوماسية ، والابتعاد عن تعظيم النعرات بين البلدين واسلوب الأستعلاء المقيت ناهيك عن استخدام بعض الابواق الإعلامية الغير مسؤولة ، في سب وقذف أشقائنا السودانيين ، فالشعوب لا دخل لها بصراعات الأنظمة السياسية ، سواء في مصر او السودان علي حدا سواء . نقطة .

كاتب صحافي مصري

الفيديو

تابعونا على الفيس