منذ أن تم تعديل الدستور الموريتاني مع مجيء الرئيس الحالي للبلاد محمد ولد عبد العزيز ، و فرض مأموريتين رئاسيتين فقط في طيات الدستور الجديد دخلت البلاد في مرحلة سياسية جديدة تماما ، و مع أن الرئيس الحالي هو واضع الدستور فان الساحة السياسية الموريتانية تعيش في الفترة الماضية على حالة من جس النبض قصد معرفة مدى تقبل الشارع لدعوات التثليث للرئيس الحالي و بتالي كسر عنق الدستور.
دعوات في الهواء الطلق :
من غرفة التشريع الموريتانية دعا وزير العدل السابق إبراهيم داداه إلى تعديل الدستور من اجل مأمورية ثالثة لولد عبد العزيز ، و حتى إن جرى التعديل الذي لم يشمل مس قانون المأمورية ، فان هذه الدعوة التي لامست النشيد و العلم و المحكمة العليا و مؤسسات أخرى ، أنزلت مختلف القوى السياسية المعارضة للشارع رفضا لها بشكل مطلق و حتى ولدت تنسيقيات جديدة جمعت العديد من التيارات السياسية الموريتانية و دفعت بها إلى حالة التهاب كبيرة أنذرت بتحولات كبيرة و دفعت بالرئيس إلى القول صراحة انه لا ينوي الترشح لمأمورية ثالثة من خلال مجلة إسبانية معروفة .
معسكرات الصراع السياسي :
كشفت التسريبات التي كان نجمها الأول السيناتور المعتقل حاليا محمد ولد غدة عن الكثير مما خفي في الساحة الموريتانية حيث كشفت عن معسكر يقوده رجل الأعمال المقيم في الخارج (قصرا) ولد بوعماتو و كان الهدف منه إفشال التعديلات أو أي توجه يمس من الدستور و من قانون المأموريتين الذي يتيح فرصة اكبر لوجوه جديدة في المشهد السياسي في ساحة عرفت الكثير من الركود و الركون إلى الوجه الواحد ما لم تحدث ثورة عسكرية أو على الأصح "انقلاب" .
الخليفة المنتظر :
مع أن الرئيس الموريتاني محاط بثلة من احكم الرجال سياسيا و أقدرهم على لعبة السياسة السوداء منها و البيضاء ، إلا أن هؤلاء الرجال دخلوا في صراع مكشوف على ترشيح الرئيس لخلافته هذا الصراع ابعد عدة رجال عن الواجهة كان أولهم مولاي و لد محمد لغظف و إلى حد كبير رجل حزب الاتحاد من الجمهورية ولد محمد ، في حين يلبس رئيس الوزراء ثوب الزاهد في السلطة ، خاصة مع توفر رجل بواصفات أفضل من الرجال السابقين، ليس سوى رفيق الدرب للرئيس في ما قبل و ما بعد الانقلاب ضحا على الديمقراطية الفريق محمد ولد الشيخ ، الذي طرح كمرشح فوق العادة و بفرص اكبر بوصفه من اقرب المقربين للرئيس المغادر كما يقول الدستور و بالتالي لا خوف على ولد عبد العزيز من أي مضايقات في حال وصل الفريق ولد الغزواني للقصر الرئاسي .
الانتخابات الأكثر تميزا :
الانتخابات الرئاسية القادمة وبغض النظر عن المرشحين و من هم فإنها ستكون تاريخية بكل المقاييس ، فإما أن يكسر عنق الدستور و هو أمر مستبعد بسبب حالة التهييج التي تعيشها الساحة السياسية في الفترة الماضية ، أو أن تشهد البلاد للمرة الأولى ترشيحا لرجل من خارج القصر ، و انتخابات برئيس جديد تماما و هو ما يعني أن الحظوظ ستكون شبه متساوية و إن كانت مؤسسة الأغلبية" إن صح التعبير" ستقف خلف من يدعمه الرئيس المغادر وقتها .
لن يتغير وجه موريتانيا إلى الأبد و لكن الذي سيتغير هو أن الساحة السياسية الموريتانية ستعرف للمرة الأولى رئيسا يخرج مبتسما من القصر بعد الراحل اعل و لد محمد فال ، و إن كانت موريتانيا قادرة على أن تخلق حالة ديمقراطية و إن كانت في جميع الأحوال لن تخرج عن إطار ديمقراطية الممكن في الحدود الموريتانية الضيقة ، ذات الزوائد الاجتماعية و الثقافة السياسية المطبوعة بماركة صنع في موريتانيا .