استطاعت القدس، وإعلانها عاصمةً للكيان الصهيونيّ الغاصب، أن تجمع الشعب البحريني على قلبِ رَجُلٍ واحد سُنّةً كانوا أم شيعة، فبعد زيارة وفد بحريني من جمعيّة ما سُمّي “هذه هي البحرين”، للأراضي المُحتلّة، انتفض البحرينيّون رفضاً لتلك الزيارة، التي اعتبروها أنّها لا تُمثّلهم، وأعلنوا تبرأهم منها.
وعبر موقع التدوينات القصيرة “تويتر”، كان لأهل البحرين، التي تتميّز “رسميّاً” بعلاقاتٍ وطيدة مع جارتها السعوديّة، وَقفةً افتراضيّة، تحت عنوان “#البحرين_تُقاوم_التطبيع″، ونَدّدوا بتلك الزيارة التي لا تُمثّلهم، وبراءتهم منها، كما أعادوا التذكير بجيش البحرين لتحرير فلسطين العام 1948.
المقدسيون، وحُرّاس المسجد الأقصى، كانوا قد منعوا بدورهم أمس الأحد، الوفد البحريني من دُخول الأقصى، واعتبروه مُطبّعاً مع الاحتلال، إلا أن الوفد المذكور برّر الزيارة بأنها زيارة لنقل رسالة سلام، وهو ما تحوّل بين الفلسطينيين إلى مثار سخرية، حيث علّقوا بالقول على منصّات التواصل بلهجتهم العاميّة: “مش باقي غير تعتذروا عن غزوة خيبر”، أمّا في غَزّة فقد اضطر الوفد إلى إلغاء زيارته، فالبيض الفاسد والأحذية القديمة كانت بانتظاره قُرب معبر بيت حانون، لمنعه من دخول القِطاع المُحاصر.
وزارة التربيّة والتعليم الفِلسطينيّة، أعلنت بدورها عن رفضها المُطلق استقبال وفد بحريني يزور إسرائيل في المدارس، ومُوسّسات التعليم العالي التابعة لها، كما دعت الوزارة في بيانٍ لها بقيّة المُؤسّسات التعليميّة ووكالة الغوث لتحذو حذوها، مُؤكّدةً أن هذا القرار لا ينفي الاحترام الكبير الذي يحمله الشعب الفلسطيني للبحرين وأهلها.
وعلى إثر ردّة الفعل الشعبيّة الغاضبة، سواء البحرينيّة أو الفِلسطينيّة، يبدو أنها دفعت حكومة البحرين للتراجع، حيث أصدرت الجمعيّة “هذه هي البحرين” التي تحظى بدَعمٍ رسميٍّ بياناً، تُؤكّد فيه على أن الوفد ضمّ في عُضويّته بعض الأجانب المُقيمين بمملكة البحرين، ويُمثّل الجمعيّة ذاتها، وقام بتلك الزيارة “بمُبادرةٍ ذاتيّة”…، وأضافت أنها قامت بتلك الزيارة استناداً إلى مبدأ التسامح والتعايش، وقد نقل البيان وكالة الأنباء البحرينيّة “بنا”.
الجدل، والرفض الشعبي الغاضب كذلك لكن، لم يَمنع جمعيّة “هذه هي البحرين”، وعلى شاشة التلفزيون الرسمي، أن تُعلن تحت رعاية العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، إقامة احتفالاتها بالأعياد الوطنيّة على استاد البحرين الوطني بمدينة عيسى 15 ديسمبر من الشهر الجاري، وهو ما اعتبره نُشطاء، بمثابة دعمٍ رسميٍّ لما تقوم به الجمعيّة من أنشطة وزيارات سواء في الداخل، أو في الخارج.
وعبر وسم “هاشتاق”، “البحرين تُقاوم التطبيع″ الذي تصدّر “الترند” البحريني، قالت الإعلاميّة البحرينيّة العاملة في قناة “الميادين”: “أنا الصحافية وفاء العم، بحرينيّة الجنسيّة، عُروبيّة الانتماء، مع الإنسان في كل مكان، أرفض التطبيع مع إسرائيل، والزيارات التي قامت بها جمعيّة “هذه هي البحرين”، وأُعلن براءتي من هذا الفعل الشائن”، عضو جمعيّة الوفاق محمد عاشور علّق على حسابه قائلاً: “أنا محمد عاشور، بحريني الجنسيّة، إسلامي الهويّة، أرفض التطبيع مع كيان العدو الغاصب، وأعتبر الزيارات إساءةً للشعب الفلسطيني”، الكاتبة باسمة القصاب وصفت الزيارة بالعار الأخلاقي والإنساني، والمحامي أحمد المناي أعلن براءته من هذا الوفد الزائر.
وأدان أكثر من 130 عالم دين شيعي التطبيع مع العدو الإسرائيلي، واستنكروا بشدّة زيارة الوفد الحكومي البحريني للكيان الإسرائيلي، وبحسب بيان أصدره العلماء نقلته قناة “اللؤلؤة”، أعلنوا فيه رفضهم القاطع لأيِّ شكلٍ من أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب، وإدانتهم الشديدة لهذه الخُطوة.
ولم يخلُ، كما رصدت “رأي اليوم” وسم رفض التطبيع البحريني، كذلك من بعض التغريدات المدسوسة التي هاجمت الشعب الفلسطيني، مُعلنةً تأييدها لرسائل السلام، ورفضها مُقاطعة الشعب اليهودي، والذي ليس علاقة لا من قريبٍ أو بعيد بجرائم جيشه.
الكاتب والمحلل السياسي منصور الحكيم، أكّد ل”رأي اليوم”، أن هُناك مشروعاً خليجيّاً رسميّاً يُسارع للتطبيع مع إسرائيل، ويرغب في إعلان علاقاته من خلال تلك الزيارات “المُتبادلة” تحت عنوان التسامح والسلام، وهو ما اعتبره حيلة ساذجة لن تمر على الشعوب العربيّة جمعاء، وكل رفض وغضب شعبي بوجود مواقع التواصل، سيضع تلك الحكومات، والبحرينيّة ليست استثناء، في موقف مُحرج، وهذا الإحراج بالتأكيد كما يرى الحكيم، سيدفعها للتراجع، والتبرير بأنها ليست وفوداً رسميّة.
ويُوضح الحكيم أن البحرين ترفض التطبيع مع “العدو” كما وصفه، بكافّة توجّهاتها السياسيّة، وحتى الدينيّة، وهذا الرفض للزيارة، ليس حكراً على “شيعة البحرين” الذين تجمعهم مع الحكومة خلافات، كما حاول البعض الترويج، بل هو رفض بحريني يشمل كل مُكوّنات الشعب البحريني على حد قوله.