ليست القدس وحدها هي القضية. انها قضية إستعمار إستيطاني لوطن بأكمله.. إنها فلسطين اليوم والاردن غداً.. بداية الحل في تكنيس كلاب حراسة النظام الصهيوأمريكي الى مزبلة التاريخ

اثنين, 12/11/2017 - 13:51

د. عبد الحي زلوم

 المنظومة الجغرافية والسياسية التي أنشأها الاستعمار الغربي بعد الحرب العالمية الاولى ومنها الكيان الصهيوني في فلسطين كقاعدة متقدمة لخدمة اهداف الاستعمار الاقتصادية والجيوسياسية  وبطريقة متلازمة ومترابطة مع  كيانات سايكس بيكو الهزيلة والعميلة . ساعدت تلك الكيانات على بناء دولة الكيان الصهيوني إما عن طريق العمالة او الجهالة . كانت تلك الكيانات بما فيها فلسطين تحت الاستعمار المباشر تمّ خلاله تربية طبقة من الحكام ارضعوهم من حليبهم وثقفوهم بثقافتهم فأصبحوا عرباً بأجسادهم وأسماءهم واغراباً عن اوطانهم في عقولهم وثقافتهم ومبادئهم فأصبحوا وكلاء أو عملاء للغرب مقابل منافع شخصية بكل ما يستطيعوا نهبه من اموال الشعوب أما بلدانهم وشعوبهم فإلى الجحيم . جيوشهم لم تربح حرباً واحدة لكنهم اليوم يصفون اول من حقق الهزائم للعدو الصهيوني بالارهابين . وتوكلوا بالدفاع عن مصالح العدو بداية في شيء من الاستحياء ونهاية بدونه وبكل وقاحة .  لم يستحي بعضهم من ان يكون اجيراً ووكيلاً للصهاينة وحماية مستوطناتهم ومستوطنييهم تحت عنوان التعاون الامني . ولم يستحي نفرٌ آخر من فرض الحصار على مليوني لاجئ في غزة  .

هناك حقائق لو درسناها وفهمناها  بعناية لوصلنا لنتيجة أن عليّنا الخروج من التبعية الغربية من كافة جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية لان مكوناتها طفيلية امتصاصية مادية تتناقض جملة وتفصيلاً مع حضارتنا ومصالحنا. أما أن ننتطرهم علهم يتغيرون فشروق الشمس من الغرب سيحدث قبل إن يتغير هؤلاء.

دعنا نبين هذه الحقائق:

1- اختطفت اليهودية المسيحية بثورتها البروتستنتية مما نتج عنها حضارة صهيومسيحية :تقول الإنسايكلوبيديا ويكي بيديا Wikipedia :”يرى المؤرخون أصل المصطلح (الثقافة اليهومسيحية Judeo-Christian Culture) يعود إلى الثورة البروتوستانتية … وفي السياق الأمريكي يرى المؤرخون بأن استعمال هذا المصطلح هو للدلالة على تأثير العهد القديم اليهودي (التوراة) والكتاب الجديد (الإنجيل) على الفكر البروتوستانتي ومفاهيمه بشكل خاص … لقد رأى المهاجرون الأوائل لأمريكا أنفسهم الوارثين للكتاب المقدس العبري وتعاليمه … والتي أصبحت بدورها أساساً لمفاهيم النظام الأمريكي … لتصبح تلك المفاهيم العبرية أساساً للثورة الأمريكية ، وميثاق الاستقلال ، ودستور الولايات المتحدة.”.كلام واضح لا لبس فيه ! الحضارة الغربية والأمريكية جذورها وروحها يهودية تلمودية!

2- لم يكن دونالد ترامب أول صهيومسيحي في البيت الابيض:

ففي كتاب نشر سنة 1844 (اي قبل مؤسس الصهيونية ثيودور هيرتزل بنصف قرن) كتب الجد الاعظم لرئيسين امريكيين يحملان نفس اسمه جورج بوش(وكان استاذاً للغة العبرية في جامعة نيويورك) كتاباً بعنوان :”وادي الرؤى: اعادة إسرائيل للوجود” طالب بوش في كتابه بالرقي ورفع اليهود إلى مرتبة نبيلة أمام الأمم في العالم واقامة دولة لهم في فلسطين، فذلك سوف يأتي بالخير على الإنسانية ، حيث يصبح اليهود عندئذٍ همزة الوصل بين الإنسانية والله”         منذ جورج واشنطن وحتى دونالد ترامب كان جميع الرؤساء الامريكيين من البروتستانت الصهيومسيحين هؤلاء بإستثناء جون كيندي والذي تم اغتياله في منتصف ولايته!

3- عداء الصهيو مسيحية للاسلام  وحضارته مثبتٌ:

كافة ادبيات المحافظين الصهاينة الجدد تقول جهاراً نهاراً ان الحضارة العربية الاسلامية هي العائق الاساسي لتحقيق الهيمنة الكاملة للرأسمالية الصهيو امريكية على العالم . ومن اوضح ما كتب في ذلك صامويل هانتينغتون،  وهو ركن من أركان النظام الأكاديمي الأمريكي في جامعة هارفارد وكذلك عضو فاعل في مؤسسة الأمن القومي الأمريكي، حيث عبر عن ذلك صراحة وبدون التباس، حين كتب في كتابه صراع الحضارات “إن المشكلة بالنسبة إلى الغرب ليست مشكلة الأصوليين الإسلاميين ، بل المشكلة بالإسلام نفسه ، الذي يمتلك حضارة مختلفة يؤمن أصحابها بتفوقها في الوقت الذي يتألمون من ضعف أحوالهم. والمشكلة للمسلمين هي ليست وكالة المخابرات المركزية أو وزارة الدفاع الأمريكية ، المشكلة في الغرب نفسه ذي الحضارة المختلفة، والتي يؤمن أصحابها بتفوقها وصلاحيتها كنظام عالمي ، يرغبون في فرض هذه الحضارة على العالم “

4- الحرب العالمية الرابعة على العالم الاسلامي :

 نقلت وكالات الانباء العالمية عن المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الامريكية جيمس  وولسي ( James Woolsey) في محاضرة له في ابريل سنة 2003  ( أثناء غزو العراق ) في جامعة كاليفورنيا في لوس انجليس (UCLA)” أن الولايات المتحدة مقبلة على خوض الحرب العالمية الرابعة ( معتبراً الحرب الباردة حرباً عالمية ثالثة). أما الهدف هذه المرّة فهو العالم الاسلامي ، وصولاً الى إعادة رسم خارطته “وقال”  أن هذه الحرب ستكون حرب أجيال .” وأضاف: “هذه الحرب هي ضد ثلاثة اعداء : نظام الملالي في ايران والانظمة الفاشية في كل من العراق وسوريا، والمتشددين الاسلاميين في كل مكان”.

 5-  تتم محاربة الاسلام وحضارته العربية والاسلامية تحت عنوان محاربة الارهاب :

 يعرف الجميع أن الولايات المتحدة هي أول من انشأت المنظمات الجهادية الاسلامية كما في أفغانستان لتحارب حروبها بالوكالة وأنها هي من انشأت ومولت داعش. ثم بدأت ابواقها تقول: هذا الارهاب هو جوهر الاسلام فبدأت بمحاربة الاسلام تحت مسمى الحرب على الارهاب.

تمّ محاربة كافة الافكار والتنظيمات الاسلامية ابتداء مما اسموه بالاسلام السياسي المنفتح الى ما اسموه بالاسلام العنيف من منظمات قاموا هم بإنشاءها ورعايتها وتمويلها كداعش.  . بدأوا بمحاربة كل قيادات المنظمات الاسلامية ابتداء من بنغلادش حتى قاموا مؤخراً بمحاكمة القيادات الاسلامية بحجة انها حاربت الجيش الهندي  عند انفصال بنغلادش عن باكتسان قبل اكثر من 40 سنة وتم اعدامهم وهم في السبعينات والثمانيات من العمر وتم محاربة كل المنظمات الاسلامية حتى المعتدلة منها وتمّ الحكم على قياداتهم بالاعدام.

 6-  امريكا هي اسرائيل الكبرى:

 إن محاولة تجاهل هذه الحقيقة  الواضحة من البعض هو ما بين الغباء والخيانة .

لا يوجد أكثر وضوحا مما قاله ارائيل شارون في 3 اكتوبر 2001 عندما قرر اعادة احتلال الضفة الغربية وهدم معالم  الدولة كمطار غزة مثلاً كما نقله صوت إسرائيل ISRAEL  KOL عن شارون  قوله لشمعون بيريز:”  في كل مرة نريد أن نفعل شيئاً تقل لي : أمريكا ستفعل كذا أو أمريكا ستعمل ذاك…” اريد أن أقول لك شيئاً واضحاً جداً: لا تقلق على ضغط أمريكا على اسرائيل . نحن الشعب اليهودي نسيطر على أمريكا والأمريكان يعلمون ذلك.”

كارتر تبين له حينما أصبح كرئيس بأن إسرائيل لم تكن تنوي تحقيق السلام مع جيرانها، كما تبين له عدم استطاعته الضغط على بيغن حتى في قضية تطبيق نصوص اتفاقية كامب ديفيد. وفي ذلك كتب كارتر يقول:” من المستبعد أن تتمكن أي قوة عربية مجتمعة ولا حتى الولايات المتحدة من إجبار إسرائيل على اتخاذ قرارات لا تريدها فيما يتعلق بقضايا رئيسية مثل القدس الشرقية، والضفة الغربية، وحقوق الفلسطينيين، أو الأراضي العربية المحتلة. فمثل هذه الأمور تحسم في القدس.. “

7- إذا كانت إسرائيل هي من تقرر السياسة الأمريكية والاقليمية كما يقول رئيس أمريكي فما الذي تخبؤه للاردن ؟

منذ ان انفصل جابتونسكي عن الحركة الصهيونية في بداية عشرينيات القرن الماضي لأن الحركة الصهيونية وافقت على فصل شرق الاردن عن وعد بلفور ، وحركته تزداد قوة وعنفاً واصبحت تسمى باللكود الذي حكم دولة الكيان الصهيوني اخر 40 سنة بقيادة نتنياهو اليوم . اذا كان الرئيس كارتر يرى أن السياسة الامريكية لمنطقة الشرق الاوسط تقررها ( القدس )ويعني اسرائيل فماذا يخبؤه الكيان الصهيوني بالنسبة للاردن ؟

ليس هناك سراً في الامر  .  شعار حزب اللكود الحاكم منذ ايام جابتنوسكي وحتى اليوم هو (هذه الضفة لنا – اي فلسطين – وكذلك الاخرى – اي شرق الاردن ). وحيث ان الصهيونية تنفذ برامجها على مراحل فيبدوا ان مرحلة الوطن البديل في شرق الاردن قد آن أوانها.

8- دعنا نرى العوامل الاتية:

تزاد الضغوط الاقتصادية على الاردن لسلب ارادته السيادية السياسية . يتم تجفيف مصادر المعونات التقليدية من دول الخليج والكل يعلم أنها تأتي بناء على اوامر من واشنطن. كذلك اصبحت المعونات الامريكية مشروطة وستكون غداً بشروط يضعها الصهاينة بتنفيذ اهدافهم .

ادوات الاستعمار الحديث كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي تضغط على الاردن بزيادة قوانين الجباية والضرائب على مواطنيين منهكين اصلاً قبل قوانيين الجباية تلك . كيف يمكن ان نفسر هذا الضغط غير انه لخلق هوة بين الحاكم والمحكوم في هذا الزمن الرديء خاصة وان البنك الدولي نفسه كتب في احصائياته ان مجموع الفقراء في الاردن يبلغ 17% والفقراء العابرون 18% اي نسبة الفقر الثابتة والعابر 35% .

بدأ العدو الصهيوني بأعمال استفزازية بأن يهاتف نتنياهو حارس سفارته وقاتل اردنيين بانه يأمل بانه رتب لقاء حبيبته في نفس ليلة قتل الاردنيين مع رفض محاكمة القاتل .

يستحضرنا القول بأن النظام الصهيوامريكي لم يخذل فقط ملك الاردن اليوم لكنه خذل والده وجده بل وجده الاعظم وأن الاستعمار الصهيوامريكي لا صديق له. فشاه ايران لم يجد مكاناً في العالم ليدفن فيه وماذا عن ماركوس ونوريغا والقائمة تطول….

9- وما هو الحل ؟

هناك تيار صاعد في العالم يقاوم الهيمنة الصهيوأمريكية بقيادة دول البريكس وخصوصاً روسيا والصين . ولقد انضم الى هذا المعسكر دول اخرى منها تركيا وايران . عليّنا الانضمام الى هذا المعسكر الصاعد. إن كلفة هذا الانتقال ستكون كبيرة لكن كلفة السكوت وانتظار القادم كقضاء وقدر ستكون اكثر كلفة بكثير جداً. وسوف يساند الشعب قيادته حين سلوكها لهذا الخيار .

10- علينا تحديد من هم الاعداء:

دأب الغرب بتحديد وترسيم من هم اعداءنا ليتوافق ذلك مع هواه ومصالحه. كانت ايران هي المحج للبعض يأتمرون بأمر شاهها وينتهون بنواهيه حينما كان وكراً للصهيونية وعوناً لها . وعندما انقلب عليه شعبه وانقلب على نرجسيته وفارسيته بنظام سمى نفسه بالاسلام اصبحت ايران الصديقة هي العدو اللدود . دفع وكلاء الصهيوامريكية العراق لمحاربة ايران الجديدة بعد شهور فقط من ثورتها في حرب استمرت  8 سنوات ودفع  عرب النفط  مئات المليارات من الدولارات . ثم اصبح صدام حسين هو العدو ودفعوا مئات المليارات من الدولارات لاسقاطه وتدمير العراق . آن الاوان بان نتوقف بقبول  الاعداء الاشباح الذي يحددهم لنا الاعداء حسب هواهم ومصالحهم.

   مستشار ومؤلف وباحث

الفيديو

تابعونا على الفيس