تقرير ينتقد اوضاع مخيم امبرة للاجئين

جمعة, 12/08/2017 - 21:56

منذ خمسة سنوات يتواجد نحو 55،000 لاجئ مالي في مخيم امبره، في الأراضي الموريتانية، ويعتمد وجود هؤلاء اللاجئين وتوفير العيش الكريم لهم على منظمات العون الدولية، ويتمثل التحدي الآن في جعلهم مستقلين عن هذه المنظمات؛ لذلك تسعى "منظمة العمل ضد الجوع" إلى ضمان المياه والصرف الصحي لهذا المخيم في أزمة طويلة الأمد مثل هذه الأزمة التي يعيشونها.

أول تحد يؤثر على مخيمات امبره، في موريتانيا، هو مشكلة الوصول إليها، فالوصول إلى مخيمات امبره ليس أمرا سهلا، تماما مثل الخروج منها، ذلك أن الظروف المناخية صعبة جدا، مثل أي منطقة من مناطق الساحل.

في موسم الأمطار تمتلئ الطريق بالمناظر الطبيعية التي هي عبارة عن قطع من الرمل الأصفر والوحل والطين بالإضافة إلى الأعشاب الخضراء والكثير من المواشي التي تنتشر في كل مكان من أجل الرعي.

ولا يمكن سوى لطائرة تابعة للأمم المتحدة الوصول، بطريقة سريعة، إلى باسكنو من العاصمة نواكشوط، التي تبعد حوالي 1500 كيلومتر، وهذه الطائرة تصل ثلاث مرات في الأسبوع، وفي المطار فإن غرفة الانتظار ليست على ذلك القدر من الجاهزية، لأنها لم تعد موجودة أصلا، والميزان التي تقاس به حمولة الأمتعة هي آلة محمولة فقط.

من أجل الوصول برا عليك سلوك طريق لا يمكن التنبؤ به ولمدة يومين أو ثلاث. وعلى بعد بضعة كيلومترات هناك دولة مالي، والتي تشترك مع موريتانيا ب 200 2 كيلومتر من الحدود المشتركة القابلة للاختراق؛ وهي دولة تعاني من صراعات لا نهاية لها منذ عقد من الزمن يغذيها الجهاديون.

في مدينة باسكنو يتعايش عالمان متوازيان، السكان الأصليون من جهة؛ والمغتربون العاملون في المنظمات الإنسانية، من جهة أخرى. ويمكن رؤية المجموعة الأولى، وهم السكان المحليون، يتحركون بحرية في الشوارع الترابية، وبين بيوت الطوب المفككة، أو في الساحة المركزية الهائلة، حيث توجد الأسواق وتتركز المواشي، وحيث يقومون بالدردشة في مجموعات صغيرة أمام المحلات والدكاكين الصغيرة.

أما الآخرين فيمكن أن نطلق عليهم لقب الروبوتات؛ كل شيء، بالنسبة لهم يدور حول جداول الأعمال، والبرامج، والقوافل التي تسير ذهابا وإيابا إلى مخيمات اللاجئين الماليين في امبره. كل شيء هنا يدور حولهم، في هذا المحيط الدولي الذي يبلغ ثمانية كيلومترات، والذي أنشئ لهذا الغرض، حيث يعيش نحو 000 55 شخص منذ خمس سنوات. يراقب الجيش الموريتاني المخيم من ضواحي المدينة، الأمن هو واحد من التحديات الكبرى التي يواجهها في عمله.

ومن المثير للسخرية أن الحياة داخل المخيمات أكثر استرخاء وأمنا من الخارج؛ فالنساء يجتمعن تحت الخيام، والأطفال يلعبون كرة القدم بين الرمال، والأكوام بنيت من أشياء مختلفة، والأسوار التي بنيت من جذوع الشجر التي لم تنج من عضب الطبيعة... ومن السخرية الصادقة أن السبب في اضطرار الماليين في الريف إلى الفرار من بلادهم كان التهديد الجهادي في عام 2012 ... وأن الأمر نفسه لا يزال يتحكم في ظروف اليوم، في عام 2017، لا تزال حياة العاملين في المجال الإنساني (وليس اللاجئين فقط) تتحكم فيها نفس الظروف.

في وسط الميدان تفرض الحياة اليومية نفسها، طريقة الحياة البدوية معدية وسائدة، وهناك العديد من الناس الذين تكونوا رغم كونهم لاجئين، فهناك المعلمون والموسيقيون والحرفيون... وحين يحين المساء تنطلق النغمات العذبة التي لا تنسى؛ مع الفولكلور، والصحراء التي تلعب دور الجمهور، ولكن لا يمكن لأي مغترب البقاء، إلى الأبد، داخل محيط معين في أوقات معينة، وبمعايير معينة.

هناك تستقبلك العديد من الملصقات التي تحمل اسم المنظمات النشطة ترحب بالزائر، والجميع يقوم بعمله، "القطاع الصحي مؤمن من قبل الحكومة الوطنية للجمهورية الإسلامية الموريتانية ومنظمة أطباء بلا حدود البلجيكية، والقطاع الهيدروليكي مؤمن، في هذه اللحظة، من طرف منظمة العمل ضد الجوع الإسبانية...، وأما قطاع الأمن الغذائي، فهو مؤمن من طرف مفوضية الأمن الغذائي الموريتانية وبرنامج الأغذية العالمي وشركاؤهما، ومنظمة العمل ضد الجوع، وأما قطاع توليد الأنشطة، وإدارة أزمات المستقبل، فتعنى به المنظمات غير الحكومية الأخرى؛ مثل الرابطة اللوثرية العالمية؛ ويتم تأمين القطاع البيئي من قبل منظمة غير حكومية موريتانية محلية تدعى (سوسكر)... وأما قطاعات الحماية والتعليم فتتكفل بها منظمة اليونيسيف ومنظمة إيطالية غير حكومية تدعى (إنتر أس أو أس)". هكذا شرح لنا بالتفصيل السيد محمد أغ ماخا، رئيس مخيمات امبره.

أما منسق منظمة العمل ضد الجوع والرئيس المؤقت لبعثتها هناك السيد برنارد إدموند فيتحدث بتفاؤل قائلا: "فريقنا، المؤلف من حوالي 60 شخصا، هو فريق متنوع، جزء منه من موريتانيا والآخر من مالي، معظمهم من اللاجئين، وهذا الاختلاط هو واحد من التحديات التي تواجهنا، لذلك نحاول اعتماد نوع من التوفيق المستمر، ونحن نرى أن وجود عمال من اللاجئين أمر مهم جدا لنا في الميدان، لأن هذا الأمر يسمح لنا بفهم مشاكلهم وإيجاد الحلول المناسبة وتوفيرها، وهذا التكافل يسمح لنا بالمضي قدما".

ما إن يضع الزائر قدمه في مخيم امبره، حتى يلاحظ هذا التنوع: فهناك أربعة مناطق مختلفة، مقسمة إلى كتل، يتركز فيها: البولار، والبامبارا، والسونغهاي، والبيضان، وقبل كل شيء الطوارق. العديد من البدو الرحل يأتون من مناطق مختلفة تضررت بشدة خلال نزاعات عام 2012، تمبكتو، تينينكو أو نيورو، وكذلك غاو، كيدال أو موبتي.

تتحمل منظمة العمل ضد الجوع مسؤولية ضمان أحد الأساسيات التي لا غنى عنها من أجل العيش والحياة الكريمة في الريف: المياه والصرف الصحي. 

الفيديو

تابعونا على الفيس