نادية حرحش
لا أريد ادخال نفسي في ديباجة خطاباتي للرئيس، ولكنني بكل صدق اقول، انني اشعر بأن هناك حاجة لتوجيه الكلام له. واعترف انني ادخل مع نفسي بما يشبه المونولوج في هذا الشأن. أراني اكلمه واطرح عليه الاسئلة . ثم اتوقف وارجع لنفسي قائلة : ” يا بنت اهدي ، اي رئيس وأي محادثة.” ثم انظر الى ما يجري من امور واعيد الكرة واقول : ” لا ما فيها ، لازم أحكي مع الرئيس، يعني بآخر المطاف نقرأ من هنا وهناك كيف يتدخل الرئيس في امور صغيرة جدا كتدخله في دفع نفقات مريض، ومن ثم هذا الرئيس مهم للمنطقة لدرجة استدعائه للسعودية في ظل الفيلم البوليسي الحاصل الان هناك.”
وقد أبدأ من هناك. موضوع السعودية والحريري، وللحق ان الموضوع مقلق، ماذا كان سيحل بنا لو تم اختطاف الرئيس كما حصل مع الحريري.نحن شعب مكسور الظهر لا يوجد لنا من يسندنا. الحريري بالنهاية له حكومة ودولة ستسانده. وهنا كان من المهم مرة اخرى التفكير في مشاركتنا كشعب فيما يجري. او على الاقل ، عندما يهرطق امثالي للسؤال والاستفسار يجد مكانا للتحليل والتعمق.
ولأن ما يجري ليس بالبسيط، ولم يعد الامر اليوم امر اختصاصات ، كالكل متداخل ومتشابك ، لم يعد هناك تمييز بين ما هو شأن داخلي وشأن خارجي. فكيف وامامنا مشهد تاريخي لانتهاك سيادة الدول في موضوع رئيس الوزراء الللبناني سعد الحريري؟
ولكن اذا ما سلمنا ان الرئيس تم استدعاءه للمشاورات والنصائح كما صرح من مصادر رئاسية ، فهذا يعني ان رئيسنا كلمته مسموعة في الخارج وله وزن في الحلول الاقليمية بالمنطقة. ومن هنا فكرت، من سيحل لنا مشاكلنا الداخلية. فبكل جدية يصر عليها الشق الخليلي من جيناتي اريد من الرئيس التدخل في بعض الامور الداخلية المهمة. لا داعي للتدخل في موضوع فيلم الصدمة او الصرخة او زياد الدويري وكامل الباشا، فلقد تم احتواء الامر وانتصرت كلمة الشعب الواعي في عدم عرض الفيلم بالمهرجان . كانت ستكون فضيحة مدوية يا سيادة الرئيس بحقكم. بحق منظمة التحرير والسلطة القادمة من مخيمات لبنان في الكثير من اربابها وابنائها، وفي حق كل فلسطيني لاجيء في لبنان بالتحديد، وبحقنا كشعب ظلم ولا يزال يظلم. والحمد لله كل من يشاهد الفيلم يكيل عليه سبا ويعيش شعور الصدمة.
ولن اطرح موضوع المستشفيات بالقدس وأزمة مستشفى المطلع، لأن هذا الموضوع يحتاج الى اكثر من مهاترة بعض الفقرات.
هناك موضوع مهم يجب ان يكون سيادة الرئيس على اتطلاع به ، موضوع القوى الامنية التي تتدخل وتنفذ حكم القانون . من جهة جريمة نيفين عواودة التي لم يقتنع عاقل او مجنون بما تم تلفيقه من تهمة لسائق المركبة والمهزلة العشائرية التي صرنا نسمع فيها عن منشد وكيلوات من الذهب. ومن الجهة الثانية ما جرى قبل ايام من اختطاف للمحامي محمد حسين من المحكمة بتهمة ” التحريض على اقتلاع الاشجار” على حسب رد محافظ نابلس!
قد نسكت عن الكثير من القضايا التي لا يجب السكوت عنها ، في مواضيع الفساد ،والحريات، والتجاوزات، وشبكة الاتصالات وشركة المياه التي تبيع المواطن هواء.
ولكن عند سيادة القانون يا سيدي، يجب الا نسمح بأي خروقات. لأنه المنفذ الوحيد لنا كشعب وكسيادة ان بقي منا شعبا او تبقى لنا سيادة.
ان ما جرى في هاتين القضيتين مرعب ، ويؤكد بلا ادنى شك ان ما يجري اشبه بشغل العصابات، وتتحول من خلاله القوى الامنية لادوات بايدي بعض المتنفذين بالحكومة.
قضية نيفين عواودة ، لم تترك المغدورة باب وزارة او جهة حقوقية او حكومية الا وطرقته. صفحتها على الفيسبوك مليئة بالدلائل والاثباتات. لم نسمع لهذه اللحظة رد اي مسؤول من مدير الى رئيس الوزراء على ما جرى بشأن قضية نيفين عواودة. لم ينته الموضوع بادانة قاتل (محتمل)، لأن قضية نينفين عواودة كانت قضية فساد وملاحقة للمغدورة من قبل اشخاص بعينهم. اين هؤلاء ؟ اين ردود الجهات المختلفة لنا كشعب؟ ما جرى مع نيفين عواودة يقول بأن كل منا ممكن ان يتم تصفيته بهذه السهولة. والموضوع ليس موضوع خوف من الموت ، ولكن الموضوع يتعلق بترك الجاني الحقيقي طليقا بلا محاسبة ولا مراجعة. ان لنيفين عواودة علينا حق. هذه المغدورة تم التخلي من قبل عائلتها القريبة عنها في محنتها ، ثم نرى في مشاهد احتفائية عائلتها تلك تأخذ اموالا وذهبا مقابل دمها المهدور ظلما وغدرا.
وربما لم يحن وقت موت المحامي محمد حسين عندما تم اختطافه، او كان خطفه من امام المحكمة علنيا لدرجة لا يمكن بها قتله. ولكن ما جرى مع هذا الرجل مرعب بنفس القدر. رجل حاول الوقوف امام قرار ما والاحتجاج مع ابناء بلدته، فهل تكون النتيجة تلفيق التهم له ومن ثم اختطافه ؟
اطلاق صراحه بعد الوقفة الشجاعة من قبل نقابة المحامين والجهات الحقوقية المعنية مهم. ولكن هذا يؤكد ان هناك كم من الظلم يقع على هذا الشعب في اماكن لا نعرف عنها ولا نسمع عنها شيئا. هل يحق للوزير او رئيس الوزراء او اي كان في منصب حكومي استخدام ادوات القانون بقطاع الامن للانتقام من الناس؟
السيد الرئيس ،
خطابي هذا ليس تهكميا ، ولا اريده ان يكون استجداء ، وليس تحريضيا. ولكن ، ما يجري من انتهاكات صارخة بهذا الصدد يستدعي الدق على الخزان. نحن بحاجة الى امن واستقرار داخلي. وهذا لا يمكن المساومة عليه. المؤسسة الامنية موجودة من اجل حماية الشعب لا التنكيل به ولا يجب ان تتبع أوامر أي متنفذ غير القانون.
حالة العربدة التي تسود الحال الفلسطيني مرعبة. نحن شعب نتصدى لالية محكمة من الاحتلال يوميا. نحتاج السلطة لتكون عونا لنا لا ضدنا.
والمشاكل المريبة يا سيادة الرئيس كثيرة. ولا تتوقف او تنتهي بحالة بذاتها …ولكن عندما يصل الانسان الفلسطيني الى مرحلة لا يأمن نفسه ولا يعرف ما الذي ينتظره عندما يخرج من باب بيته لأنه قرر ان يقول كلمة حق ….فهذه بلا شك هاوية.