اتسع أمس الإثنين نطاق حملة اعتقالات جماعية شملت أفرادا من العائلة الحاكمة السعودية ووزراء ورجال أعمال، في حملة اعتبرها مراقبون ضمن محاولات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان «المتعطشة» للقضاء على أي احتمال لمعارضة تسلمه السلطة في المملكة.
وترددت أمس أنباء عن اعتقال مؤسس واحدة من أكبر شركات السياحة في المملكة، وهو ناصر الطيار، التي هبط سهمها بنسبة 10٪ بعد دقائق من تردد الخبر.
ويرى منتقدون من خارج المملكة في التطهير مؤشرا آخر على عدم التساهل من قبل زعيم متعطش للسلطة يحرص على منع معارضيه من الوقوف في وجه إصلاحاته الاقتصادية أو تقويض توسيع نفوذه السياسي.
ويخشى متابعون للشأن السعودي من أن تؤدي خطوات الأمير الشاب إلى اهتزاز ثقة المستثمرين بقواعد الاستثمار في المملكة، خصوصاً مع محاولات ولي العهد استقطاب الاستثمار الأجنبي لمشاريع ضخمة ضمن خطته المسماة السعودية 2030.
وهبط مؤشر البورصة السعودية 1.5 في المئة في التعاملات المبكرة، ونزل سهم «مجموعة الطيار للسفر» السعودية عشرة في المئة بعد دقائق من بدء التداول، إذ نقلت الشركة عن تقارير إعلامية قولها إن السلطات أوقفت ناصر بن عقيل الطيار عضو مجلس إدارة الشركة.
إلى ذلك طالبت الأمم المتحدة، بضمانات بشأن قانونية حملة التوقيفات في السعودية. وقال نائب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، في مؤتمر صحافي عقده، أمس الإثنين، في مقر المنظمة الدولية في نيويورك: «نحن نريد ضمانات بأن إجراءات العملية القانونية (لهذه التوقيفات) قد تم استيفاؤها بشكل كامل».
جاء ذلك في معرض رد «حق» على أسئلة الصحافيين بشأن موقف الأمين العام للأمم المتحدة من احتجاز السلطات السعودية لعدد من الأمراء والوزراء ورجال الأعمال دون صدور قرار من القضاء.
وقال النائب العام في السعودية الشيخ سعود المعجب، أمس الإثنين، إن المحتجزين على خلفية تحقيق لمكافحة الفساد خضعوا لاستجوابات مفصلة، وإن السلطات جمعت بالفعل الكثير من الأدلة.
وأشار إلى أن التحقيقات جرت في سرية حرصا على سلامة الإجراءات القانونية، ولضمان عدم الإفلات من العدالة.
وحير المراقبين استهداف مسؤولين مثل وزير الاقتصاد السابق عادل فقيه، ورجال أعمال بارزين تعول المملكة عليهم في إنعاش القطاع الخاص، وتنويع موارد الاقتصاد بحيث لا يعتمد على قطاع النفط وحده.
وقال الكاتب في جريدة «واشنطن بوست» الأمريكية ديفد أغناتيوس إن جيراد كوشنر، مساعد الرئيس الأمريكي وصهره، قام بزيارة شخصية لم يحدد تاريخها، وإنه كان يعكف مع بن سلمان على تطوير خطط واستراتيجيات محددة حتى ساعات الصباح الأولى.
ويرى مراقبون أن لزيارة كوشنر علاقة بما أسموه «الانقلاب» داخل العائلة المالكة السعودية، وأن ما قام به بن سلمان يعد خطوات في سلسلة من الإجراءات التي توافق عليها مع الجانب الأمريكي.
وقالت صحيفة «تايمز» البريطانية إن حملة الاعتقالات أكدت السلطة غير المقيّدة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كما كتبت عن الكيفية التي صنع بها الأمير الوليد بن طلال نجاحه، ووصفت اعتقاله بالأمر الغريب.
وقالت الصحيفة إن بن سلمان أكد أن سلطته غير مقيّدة باعتقال أحد، حتى وإن كان أغنى رجال المال في العالم، وهو الأمير الوليد بن طلال، وعشرات الأمراء الآخرين والوزراء السابقين، في «حملته ضد الفساد» التي سهّلت طريقه نحو العرش.