
الشيخ الحسن البمباري
لم يكد صدى إقالة الوزير الامين العام لرئاسة الجمهورية يبرد حتى عاد الرجل الى الواجهة من جديد ، سواء من خلال الشخصيات التي التقت به فور اقالته ، او الادعاءات بظهور اسمه في لوائح المنتدى للمرشح المحتمل للرئاسة الموريتانية - و الذي تدرس فيه المؤسسة المعارضة الاكبر الالتفاف حول مرشح واحد - و ليس من المستبعد إن قبل اسمه في المنتدى ، أن الرجل الذي كثيرا ما اشير اليه بالبنان بوصفه رجل الدولة المناسب و رجل الاتفاق و الاجماع الوحيد في الحلف القريب الرئيس مرشحا محتملا للرئاسة .
و هو ما وضع الكثير من الاستشكال حول توقيت و طبيعة اقالته و حول المكانة التي يمكن للوزير السابق و المعارض " المحتمل " أن يصلها في ظلال الحراك السياسي المضطرب في البلاد .
هل فقدت (أبعدت) الموالاة رجل المرحلة .
تدخل موريتانيا انتخابات مميزة بما تعنيه الكلمة من معنى للمرة الاولى تقام انتخابات دون مشاركة الرئيس الحاكم ، و للمرة الاولى انتخابات دون مسعود ولد بلخير او احمد ولد داداه بسبب سن الترشح المحدد دستوريا كما المأموريات ، و بالتالي فان الرجال حول الرئيس سيتنافسون الترشح الى اخر لحظة من العام 2018 ، و مع انحصار الصراع بين رجال القصر الاقوياء فان موقف رجال حزب الاتحاد من اجل الجمهورية الداعم الاول للرئيس و الذي يتوقع ان يتولى ولد عبد العزيز رئاسته بعد نهاية مأمورية الثانية 2019 (إن استمرت حالة الانفلوانزا الديمقراطية التي تمر بها موريتانيا ) ، يبد ملتبس جدا و الجميع في انتظار من يقرره الرئيس – الذي وعد بعدم الترشح - مرشحا للحلف الموجود في السلطة حاليا.
خروج ولد محمد الأقظف ينبئ بالقطيعة التامة مع المعارضة بجميع مستوياتها و مؤسساتها بعد ما كان الوصي المباشر على آخر حوار وطني بين المعارضة و الموالاة ، و هو ما يعني ان البلاد تستعد لدخول انتخابات رئاسية أحادية الجانب و على مبدأ " الانتخابات بمن حضر " . و هو ما سيكون ضربة موجعة للمسار التحول الديمقراطي في البلاد ، كما يعني ان لعبة لي الاذرع في جنبات البلاط قد حسمت لصالح الاقوى بين (الرجال حول الرئيس ) .
المنتدى و رجل القصر السابق
في خضم هذا الجدل حول توقيت وطبيعة ابعاد ولد محمد الاقظف حمل اللقاء بينه و الوزير الاول السابق يحيى الوقف الكثير من الاجابات حول مخاض المرحلة القادمة، ولكن الحقيقة تقول ان المنتدى لن يتلقف رجلا جاء بالأمس من صفوف الحلف الداعم للرئيس بل هو قادم من مكتبه بالقصر الرمادي مباشرة على حساب شخصيات لها من التضحية و النضال في المنتدى كبير باع بل وضحت بأصدقاء و ومواقف للاستمرار في هذا الحلف السياسي .
فالمنتدى بالرغم من عدم تحفظه على الرجل فانه يبقى مثارا للإشكال خاصة اذا حضرت فرضية ان ولد محمد الاقظف قد يكون فخا ينصبه الرئيس و تلقفه المنتدى ببراءة ، بل قد تكون له مهمة مقدسة على طريقة وادي الذئاب لذلك تم التنازل عنه في وقت باتت طبول التعديلات الدستورية صوتها يسمع في الافق خاصة القادم منه من (الشرك "من شور لخيام") . و هذه الفرضية بالذات هي ما دفعت المنتدى الى المسارعة بنفي أي علاقة بينه وولد محمد الأقظف خشية خسارة اعضاء جدد في وقت يظهر فيه سعي المنتدى للالتفاف حول شخصية واحدة –بالرغم من صعوبة المهمة بل حتى استحالتها -.
رجل الفرص الكاملة
لم يكن أي سياسي موريتاني امام فرصة تحقيق المجد على طريقة ماكروه (الرئيس الفرنسي ) و في ومن قياسي ايضا سوى الوزير المقال مولاي ولد محمد الاقظف الذي يجد نفسه امام عشرات الفرص الكاملة لدخول القصر الرمادي رئيسا للبلاد بعد ما خرج و زيرا سابقا .
بعد صعقة التعديلات الدستورية بل حتى قبلها منذ الازمة مع ولد بعماتو يبد الحلف الرئاسي هش الى حد ما ليس فيما يتعلق بشكل الحلف فحسب بل في كثرة نقاط الضعف و أبواب دخول الشيطان ، فالتعديلات الدستورية فتحت باب الحرب مع مجلس الشيوخ الذي أعلن رئيسه ما يشبه التمرد على الرئيس اضافة الى امكانية تقوية هذا الحلف بوضع يد مع رجل المال و العلاقات الدولة الواسعة ولد بوعماتو الذي يعيش في الخارج منذ سنوات وتحول الى معارض شرس للرئيس ولد عبد العزيز ، إضافة الازمة الخليجية التي وصل رذاذها الى موريتانيا و المتمظهر بالرفض الشعبي الكبير لموقف الحكومة الموريتانية ضد دولة قطر ، هذا بالإضافة الى القبول الكبير لولد محمد الاقظف في مختلف الاوساط سواء الشعبي منها و السياسي و الشبابي وهو ما يجعله رجل المرحلة بامتياز اضافة الى عوامل اخرى ، عرفت بها بلاد الشناقطة عل ابرزها الفتوى الاجتماعية و الخلط بين ما هو سياسي و اجتماعي و ديني ... من عوامل الصعود السياسي التي تعد ابرز محرك للساحة الموريتانية (وشبيهاتها في العالم" المختلف" الفاشل تنمويا )..
ولد محمد الاقظف في موقف يحسد عليه حقا لما له من رصيد يدفع به الى سدة الحكم ، و لكن الحقيقة تقول ان الرجل لم يمتهن يوما الفهلوة السياسية و هو ما يجعله يتحكم في خيوط الطريق الى القصر او الى أي مكان اخر هو يحدده طالما بقي دام مدركا ان رؤساء هذه البلاد من منهم مازال على قيد الحياة إما في بادية (لمدن ) أو في قطر (المحاصرة ) و في نواكشوط يعيشون حياة تختلف تماما عما يعيشه الرئيس الموجود حاليا في القصر بالرغم من أن الشعب لم يتغير في حاله شيء منذ مساء 27 من نوفمبر 1960 .