تعليق على تدوينة الدكتور حماه الله ولد السالم :
بادئ ذي بدء لابد لي الا ان اقدر لاخي الدكتور حماه الله على ما بذله من جهد يدل على غيرته على ( وطنه ) حيث استخدم الخيام
التعبير المحلي الذي يستخدم رديفا لكلمة الوطن او البلد او الدولة ؟
وقد انطلق بشكل لاشك فيه معبرا عن الم وغيرة على البلد ليس الا؟
نعم ان الواقع الذي تعيشه موريتانيا وكل الاقطار العربية بل كل دول العالم المتخلف – واقع مؤلم بل كارثي – وخاصة في نظر من يذهب ويعيش في بلاد متقدمة متطورة استطاعت ان تضع لكل داء دواء بدءا من امراض الجسد الى امراض العقل الى امراض النفس الى امراض المجتمع وانتهاء بكل آفات واوجاع الحياة ؟
واظن ان اخي الدكتور حماه الله كتب المقالة وهو في حالة من الياس مما وصلت اليه الخيام جعله في اكثر الاوقات ينظر الى النصف الفارغ من الكأس – هذا من جهة ؟
ومن جهة اخرى استخدم اخي الدكتور التعميم الفكري الاخلاقي انطلاقا من حادثة فردية واحدة ضربها مثالا ( حادثة سارق صاحب الفرن )
– كما استخدم تخصيص موريتانيا بكثير من هذه الامور علما ان هذه الامور موجودة في كل بلدان العالم المتخلف ؟
واعتقد ان صديقي الدكتور لو اعاد قراءة ماكتب وهو في حالة من الفرح والتفاؤل لوجد انه كان قاسيا في تقييم الخيام ؟
كما ان اخي الدكتور : قارن بين موريتانيا في صدر الاسلام حيث كان الناس في كل انحاء الوطن العربي والاسلامي يعيشون حياة بريئة طيبة – بعيدة عن كل التأثيرات الخارجية الذاتية منها والموضوعية – ان مستجدات حصلت على مستوى العالم وعلى المستوى المحلي يجب عدم تجاهلها ؟
واهمها التطور المادي في الحياة البشرية فبعد ان كان الانسان في سورية او موريتانيا او أي بلد من بلدان العالم المتخلف يعيش حياة بسيطة –
واضرب مثلا على ذلك جدّي حسن رحمه الله : الذي كان يملك اراض واسعة وجمالا ومواش وحصانا او اكثر وخلايا من النحل ودجاجا ….الخ
كان جدي رحمه الله لديه مجموعة من فرش الصوف تكفي لنومه واسرته وضيوفه وصندوقا يضع فيه الاشياء الغالية عليه – وبساطا من صوف صنعته جدتي – وادوات طعام نحاسية لاتنكسر يمكن توريثها لاولاده وجرة كبيرة لتبريد الماء وحفظه ؟
تعالوا لننظر الى ما يوجد في بيت أي من اولادي مقارنة الى ماحدث من تغير خلال مائة سنه :
اجهزة كومبيوتر متعددة لابد من تبديلها كلما ظهر جهاز اكثر تطورا ومواصفات – اجهزة هاتف للاب والام والاولاد لابد من استبدالها كل فترة ولابد من اصلاحها ودفع فواتير كبيرة شهريا – تلفزيونات للصالة واحيانا لغرفة النوم او الاولاد – سجاد لكل غرفة – ثريات لكل غرفة – براد بل اثنان – غسالة – جلاية – غرف نوم واسرة ومفروشات خاصة بغرف النوم – ارائك في غرف الضيوف واخرى في غرف الاولاد او غرفة الجلوس خزن للالبسة وللمقتنيات والتحف والزجاجيات والكريستال – سيارة خاصة بالبيت – ساعات حائط للصالة بل احيانا في كل غرفة – وساعات يد لكل فرد تجاوز العاشرة من عمره – خزن ومكتبات للوالد او الاسرة وخزن للاولاد حسب اعمارهم فهذه خزانة العاب للصغير وتلك خزانة ادوات وكتب جامعية للكبير منهم – عدا عن الالبسة والعطور ومايستخدمه الشباب والصبايا للزينة ……الخ من اشياء لم أشأ الاطالة فيها ؟
اولا : لشراء هذه الاشياء كم ينفق من المال والوقت والجهد ؟
– ثم كم ينفق على صيانتها وتأمين متعلقاتها من بطاريات وكهرباء واصلاح ودهان و…..الخ ؟
وما تسببه عمليات الشراء او الاصلاح او الصيانة او التزويد بما تحتاجه من توترات وخلافات ونقاشات –
هذا في اسرة طبيعية ليس فيها مدخنون او متعاطون للمخدرات او المسكرات او المحرمات الاخرى –
ناهيك عما تحتويه هذه التقنيات من افكار هدامة للدين والاخلاق والمبادئ الانسانية والاسرية والوطنية ؟
قصدت من هذا الاستعراض ان نضع بالحسبان كل التغيرات التي طرأت على مجتمعنا لانها من الاسباب الهامة للتغير الاخلاقي والاجتماعي طبعا لابد ان نعير اهتماما خاصا بوضعنا العربي بسبب وجود ثلثي الطاقة في العالم في وطننا – اضافة الى موقعه الاستراتيجي – والاهم منها جميعها هو ايجاد المستعمر لدويلة العدوان والتي تقوم على مبادئ التوسع والعدوانية والعنصرية التي جعلت المستعمر يركز علينا في نشر الفساد بكل اشكاله والوانه عن طريق مئات الاقنية الفضائية التي دفع اغنياءنا لشرائها لنشر الانحطاط الفكري والخلافات السياسية والفكرية والدينية والمذهبية – واقنية اخرى تتخصص بنشر الانحلال الاخلاقي ؟
اقول هذا حاصل في كل البلدان وليس في موريتانيا وحدها وضع تحت هذه العبارة خطوطا كثيرة ؟
كفانا جلدا لانفسنا : فلندرس الاسباب ثم نبحث عن الحلول – ولنكن منصفين في عدم التعميم فليس كل المجتمع مخطئ بل ليست الاكثرية تتصف بتلك الصفات ؟
ان التغيير الذي حصل في حياة الانسان في البلدان المتخلفة لم يرافقه او يواكبه تطور حضاري واقتصادي يلبي تامين كل هذه المتطلبات وهذه ايضا ضع تحتها عشرات الخطوط ؟
لذلك كان على شباب هذه المجتمعات ان تناضل في مجال البناء وليقل كل منا ماذا قدمت لهذا الوطن في مجال تحضره وتطويره – كما علينا ان نكون واعين لما يخطط لنا من اجل تدمير قيمنا الدينية والاخلاقية والوطنية والانسانية والاجتماعية – وان ننبذ افكار الخلاف البيني وان نرص الصفوف ونتناسي الخلافات –
آسف للاطالة وانتظر من اخي الدكتور ان يوّصف الحلول وآمل ان أجد فيها نظرة الى الجزء المليء من الكأس ؟
وانطلاقا من احترامي الكبير لرأي اخي الدكتور كتبت تدوينتي حبا في الحقيقة وحبا في بلدي الثاني او الاول موريتانيا لانها تستأهل منا كل الخير ولا اشك بان اخي الدكتور اقل مني حبا لهذا البلد الجميل ؟
مع اطيب تمنيات فنانكم فريد حسن