ونخذل من أتى منا بأمر ** له أهل الشريعة منكرونا/ الشيخ محمد المامي
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال تعالى: ﴿ لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾
وقال تعالى:
﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾
أما بعد/ فقد بلغنا أن المدعو: محمد ولد علي، قد نشر كلاما مسيئا في بعض وسائل التواصل الاجتماعي، يتضمن كفرا بالله ورسوله، وردة عن الإسلام، والعياذ بالله، وهو مجرد اجترار لسخافات الملحدين، وترّهاتهم التي لا تحتاج إلى رد، لمخالفتها للنقل والعقل والذوق السليم. قال الله تعالى:
﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾.
ونحن بهذه المناسبة، نعلن إنكارنا الشديد لهذا الكفر البواح الصراح، والمنكر الشنيع، ونبرأ إلى الله منه ومن قائله الكافر الملحد المارق، ونعلن تبرؤ الأسرة والقبيلة من هذا المجرم، ومن أقواله الكفرية الشنيعة، ونشير إلى أن أقاربه الذين كان يقيم معهم قد طردوه وتبرؤوا منه، جزاهم الله خيرا.
وهذا المرتد لن يضر إلا نفسه، فهو لن يضر الله شيئا، قال الله تعالى: ﴿وَلَا يحْزنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ. إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.
وهو لن يضر رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا، قال الله تعالى: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ . إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ﴾. وقال تعالى: ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ. فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ. إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾.
Â
وهو لن يضرنا معاشر المسلمين شيئا، ولن يضر الشعب الموريتاني المسلم، ولا الأسرة التي ينتمي إليها، فهي أسرة الصلاح والعلم والفضل والشرف، قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ. أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ﴾. وقال تعالى: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيئينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا. فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾.
وقال الله تعالى في شأن أبي لهب: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ. مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ. سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ. وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَة الْحَطَبِ. فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ﴾.
وقال في شأن ابن نوح: ﴿وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب معَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ. قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ﴾. إلى قوله تعالى: ﴿قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ﴾.
وبهذه المناسبة نذكر سلطاتنا بوجوب تطبيق جميع الحدود الشرعية، ومنها حد الردة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من بدل دينه فاقتلوه". رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي. وقال الإمام خليل بن إسحاق في مختصره في باب الردة – أعاذنا الله منها -: "وإن سب نبيا أو ملكا، أو عرَّض، أو لعنه، أو عابه، أو قذفه، أو استخف بحقه، أو غيَّر صفته، أو ألحق به نقصا، وإن في بدنه أو خصلته، أو غض من مرتبته، أو وفور علمه أو زهده، أو أضاف إليه ما لا يجوز عليه، أو نسب إليه ما لا يليق بمنصبه على طريق الذم، أو قيل له: بحق رسول الله (صلى الله عليه وسلم). فلعن وقال: أردت العقرب، قُتِل ولم يستتب حدا".
وقال القاضي عياض في الشفا: "اعلم - وفقنا الله وإياك - أن جميع من سب النبي صلى الله عليه وسلم، أو عابه، أو ألحق به نقصا في نفسه أو نسبه أو دينه أو خصلة من خصاله، أو عرَّض به أو شبهه بشيء على طريق السب له أو الإزراء عليه أو التصغير لشأنه أو الغض منه والعيب له، فهو ساب له، والحكم فيه حكم الساب يقتل كما نبينه ولا نستثني فصلا من فصول هذا الباب على هذا المقصد، ولا يمترى فيه تصريحا كان أو تلويحا، وكذلك من لعنه أو دعا عليه أو تمنى مضرة له أو نسب إليه ما لا يليق بمنصبه على طريق الذم، أو عبث في جهته العزيزة بسخف من الكلام وهجر ومنكر من القول وزور، أو عيَّره بشيء مما جرى من البلاء والمحنة عليه، أو غمصه ببعض العوارض البشرية الجائزة والمعهودة لديه. وهذا كله إجماع من العلماء وأئمة الفتوى من لدن الصحابة - رضوان الله عليهم - إلى هلم جرا".
نعوذ بالله مما ابتلى به هذا الملحد المجرم، وندعو الله أن يثبتنا وجميع المسلمين بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن يعصمنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يديم علينا جميعا نعمة الإسلام، ونقول ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين. اللهم توفنا مسلمين، وأحينا مسلمين، وألحقنا بالصالحين، غير خزايا ولا مفتونين، اللهم قاتل الكفرة الذين يكذبون رسلك ويصدون عن سبيلك، واجعل عليهم رجزك وعذابك. رواه أحمد والطبراني والبزار والحاكم، وصححه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
رئيس زاوية الشيخ محمد المامي
محمد المامي بن محمد بن عبد العزيز بن الشيخ محمد المامي