تيار جديد لإستراتيجيّة التسوية

أحد, 02/11/2024 - 09:17

ثمةّ منهج تتبعه بعض النخب، وهو الدخول في لعبة السيناريوهات التي يقدّر أن تنتهي فيها حربُ العدوان على قطاع غزة إثر عملية "طوفان الأقصى". وقد دخلت شهرها الخامس، أو تعدّت المائة والعشرين يومًا على السابع من أكتوبر/ تشرين الأوَّل 2023.

من يلجأ إلى طرح السيناريوهات عمومًا يكون طرفًا ثالثًا غير طرفَي الصّراع أو الحرب الأساسيّين، أو يكون منحازًا لسيناريو محدّد، يريد أن يسوقَه لحساب أحد طرفَي الصراع. هذا دون إسقاط من يضمرون "مآرب أخرى".

لا يحتمل طرفا الحرب الأساسيان إلَّا أن يطرح كل منهما سيناريو واحدًا، وهو انتصاره في الحرب، خصوصًا في أثنائها، أو إذا طرح وضع اليوم التالي بعد وقف إطلاق النار.

لعبة السيناريوهات
ومن ثم لا يحتمل الدخول في لعبة السيناريوهات، لأنّها تتضمن في إحداها سيناريو خَسارتِه الحربَ، وانتصار عدوّه فيها، ولو اعتبر احتمالًا ضعيفًا، أو الاحتمال الأضعف؛ لأنَّه في النهاية، وبصورة غير مباشرة، يخدش تأكيدَه على انتصاره، وهزيمة عدوّه.

ومن هنا يغلب على المنخرط في لعبة السيناريوهات أن يكون طرفًا ثالثًا، فعلًا، أو مُبَطنًا. وهو الذي تحدّده الكيفيّة التي يطرح بها كل سيناريو من السيناريوهات خصوصًا، حين يرجّح أحدها، مروّجًا له.

ولنأخذ مثلًا ما يُطرح من قِبَل البعض (أكثر من فرد واحد أو طرف واحد). وهنا ينقل معناه، وليس نصّه الحَرفي ما دام القائلون متعدّدين. ويجب اعتبار هذه المقالة تعاكس رغبتها، عند نقل السيناريوهات، موضوع النّقاش.

السيناريو الأول: تحقيق الكيان الصهيوني الأهدافَ التي وضعها للحرب التي شنّها ضدّ الشعب والمقاومة في غزة؛ وفي مقدّمها القضاء على حماس وقيادتها. (القضاء أيضًا على الجهاد وكل الفصائل المقاوِمة). وهدف إحداث تغيير ديمغرافي من خلال تهجير عشرات أو مئات الآلاف من السكان، بما في ذلك تغيير خريطة القطاع الداخليّة.

كما انتهت الحروب السابقة: 2008/2009، و2012، و2014، و2021. وذلك لتكريس هدنة ليعود الوضع كما كان قبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول: الكيان الصهيوني خارج غزة، ولكنه يحاصرها، فيما المقاومة والشعب يعودان للعيش والكفاح، والإعداد للمقارعة في ظلّ الحصار.

يبدو من هذا السيناريو أنه سيّئ؛ لأنه لم يخرج بأفق سياسي. والمهم أنه ضعيف وغير متوقع. علمًا أنه في الأغلب، هو الاحتمال الأقوى، مع حذر من الدخول في لعبة السيناريوهات. وذلك بضرورة العودة إلى إستراتيجية الاستمرار في خيار المقاومة بعد وقف القتال في قطاع غزة. وذلك تحت شعار تحرير الأقصى، ودحر الاحتلال من القدس والضفة، وتفكيك المستوطنات.

وبهذا يتواصل مع "طوفان الأقصى" وإستراتيجية التحرير، وينسجم مع تجربة الصراع التاريخي، حيث لا أفق لحل سياسي. وهو الخط الإستراتيجي المقابل للخط الذي يحمله السيناريو الثالث، والذي يفصّل كالتالي:

يرجّحون السيناريو الثالث ليكون الأقوى احتمالًا، ويعتبرونه ذا "الأفق السياسي". فيسقطون عليه إستراتيجية تسوية يريدونها. علمًا أن ما من سيناريو إلّا وله أفق سياسي، وإن اختلف الأفق السياسي من سيناريو لآخر، إلّا إذا حُصِر الأفق السياسي، في التوافق على حلّ سياسي في إطار حل الدولتَين.

إنّ المقاومة بحدّ ذاتها، تحمل أفقًا سياسيًا، ولو حُصِرت باستنزاف العدوّ، أو بالتمهيد طويل الأمد، للتّحرير الكامل.

يتمنّى السيناريو الثالث حدوث توافق إقليمي – دولي– فلسطيني- كيان صهيوني، يحقق للفلسطينيين "دولة" (بالتأكيد "دويلة")، ويحقّق للكيان الصهيوني ما يحتاجه من أمن وأشياء أخرى، ليقبل بدوره، بالتوافق المذكور.