جنوب أفريقيا تسترجع تاريخها النضالي

جمعة, 01/19/2024 - 13:59

رفعت جنوب أفريقيا دعوى ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية بسبب جرائم الإبادة في غزة (الأناضول)
قامت دولة جنوب أفريقيا – في 29 ديسمبر 2023 وبعد 83 يومًا من تقاعُس العالم عن القيام يإجراءات تنفيذية تردع الكيان الصهيونيّ عن ارتكاب مجازرَ منقولة على الهواء مباشرة – برفع دعوى إلى محكمة العدل الدولية تتهم إسرائيل بارتكاب جريمة إبادة ضد الإنسانية عبر قصف الفلسطينيين وتجويعهم ومنع وصول الماء والدواء إليهم.

السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا انفردت جنوب أفريقيا برفع الدعوى ضد إسرائيل؟

للإجابة عن هذا السؤال، علينا استرجاع تاريخ جنوب أفريقيا النضالي الذي أفضى لانتزاع حقوق شعبها، رغم مناصرة الغرب ذلك النظام العنصري حينها.

قواسم مشتركة
تعتبر الدعوى المرفوعة في محكمة العدل الدولية بخصوص ارتكاب جريمة إبادة جماعية (Genocide)، استرجاعًا لقضية الفصل العنصري (الأبارتايد)، الذي عانى منه شعب جنوب أفريقيا طويلًا، وناضل من أجل تحقيق أهدافه بإلغاء هذا النظام العنصري والذي تحقق عام 1994، أي بعد 66 عامًا من فرضه عليهم.

هناك قواسم مشتركة عديدة بين نضال شعب جنوب أفريقيا والشعب الفلسطيني لعبت دورًا رئيسًا في اضطلاع جنوب أفريقيا بهذا الدور الذي سيسجله التاريخ لها:

بدأ الأبارتايد في جنوب أفريقيا عام 1948، أي بالتزامن مع احتلال فلسطين واضطهاد شعبها وتهجيره.
الأبارتايد فصل عنصري مبني على العِرق واللون، كذلك إسرائيل تمارس عنصرية بغيضة من منطلق ديني باعتبارها دولةَ يهود العالم.
الأبارتايد تم عبر هجرة أوروبية إلى جنوب أفريقيا، وكذلك نشأت إسرائيل عبر هجرة اليهود من كافة أرجاء العالم إلى فلسطين؛ بدعاوى دينية مزيفة وتهجير سكانها الأصليين.
حقوق شعب جنوب أفريقيا الأصلي، كانت غير معترف بها، وكذلك الحال اليوم، للفلسطينيين أصحاب الأرض، فهم بلا حقوق رغم توقيع اتفاقية أوسلو التي كانت مجرد حبر على ورق.
أفرزت جنوب أفريقيا قيادات تاريخية عانت الأمرّين من قمع النظام العنصري، أهمها الزعيم التاريخي نيلسون مانديلا الذي سجن لمدة 27 عامًا، وكذلك أفرز النضال الفلسطيني زعماء تاريخيين؛ أمثال الزعيم ياسر عرفات الذي حُوصر في المقاطعة ومات مسمومًا فيها، وأيضًا الشهيد أحمد ياسين، والدكتور عبد العزيز الرنتيسي.

ارتكب جرائم حرب ضد الإنسانية وغيب قسريًا مئات الآلاف من السوريين.

وكذلك هذه الدعوى غير مرحب بها من الدول العظمى التي ارتكبت جرائم مشابهة، حيث يخشى الجميع من استفادة الشعوب المظلومة والمقهورة من تسليط الضوء على هذه الجرائم وتجرؤ الدول لاحقًا على رفع مثل تلك الدعاوى، وتحوّل دعوى جنوب أفريقيا إلى قضية معيارية قابلة للمقارنة بها، ومحاكمة من يرتكب جرائم مشابهة، فهذه الجرائم لا تسقط بالتقادم مهما طال الزمن على ارتكابها.

ما بعد هذه الدعوى ليس كما قبلها، فالكيان الصهيوني قام على سردية مظلومية الهولوكوست المرتكبة بحقهم ما جعل الآباء المؤسسين لكيانهم الصهيوني يعتبرون التوقيع على ميثاق المحكمة يصبّ في مصلحتهم، لكن هل انقلب السحر على الساحر؟ وتحولت جرائم الإبادة التي ارتكبتها النازية بحقهم قبل عقود، إلى جعلهم كيانًا ظالمًا يرتكب أسوأ الجرائم في نظر الرأي العام العالمي، ويعادون الفلسطينيين الساميّين أيضًا، خاصة جيل الشباب واليافعين مواليد ما بعد 2000 جيل Z !!

وحتى دول البريكست تقوم بذلك؟
لماذا أُسست الأمم المتحدة أساسًا، أليس لحماية البشرية والإنسانية؟، ثم ألا تعتبر جرائم الإبادة والتجويع وقصف المشافي ودور العبادة تهديدًا للسلم والأمن الدوليين، أم لا يعلو صوت فوق صوت الدول صاحبة حق النقض في مجلس الأمن؟!
هل انقلب السحر على الساحر؟
الحقيقة أن هذه الدعوى المرفوعة إلى محكمة العدل الدولية تخيف الأنظمة الاستبدادية القمعية التي ارتكبت ولا تزال جرائم شبيهة بجرائم غزة، وفي مقدمة تلك الأنظمة نظام الأسد الذي ارتكب جرائم حرب ضد الإنسانية وغيب قسريًا مئات الآلاف من السوريين.

وكذلك هذه الدعوى غير مرحب بها من الدول العظمى التي ارتكبت جرائم مشابهة، حيث يخشى الجميع من استفادة الشعوب المظلومة والمقهورة من تسليط الضوء على هذه الجرائم وتجرؤ الدول لاحقًا على رفع مثل تلك الدعاوى، وتحوّل دعوى جنوب أفريقيا إلى قضية معيارية قابلة للمقارنة بها، ومحاكمة من يرتكب جرائم مشابهة، فهذه الجرائم لا تسقط بالتقادم مهما طال الزمن على ارتكابها.

ما بعد هذه الدعوى ليس كما قبلها، فالكيان الصهيوني قام على سردية مظلومية الهولوكوست المرتكبة بحقهم ما جعل الآباء المؤسسين لكيانهم الصهيوني يعتبرون التوقيع على ميثاق المحكمة يصبّ في مصلحتهم، لكن هل انقلب السحر على الساحر؟ وتحولت جرائم الإبادة التي ارتكبتها النازية بحقهم قبل عقود، إلى جعلهم كيانًا ظالمًا يرتكب أسوأ الجرائم في نظر الرأي العام العالمي، ويعادون الفلسطينيين الساميّين أيضًا، خاصة جيل الشباب واليافعين مواليد ما بعد 2000 جيل Z !!