اعتقال شبكة تجسس إسرائيلية.. رسائل أنقرة إلى تل أبيب

أربعاء, 01/03/2024 - 08:53

بعد أكثرَ من شهر على إحباط جهاز الاستخبارات التركية، محاولةَ الموساد الإسرائيلي، اختطافَ مهندس فلسطيني، ساهم في اختراق منظومة "القبّة الحديدية" عامَي 2015 و2016، تعود أنقرة لتعلن اعتقال أكثر من أربعين شخصًا، نجحت الاستخبارات الإسرائيلية في تجنيدهم؛ من أجل القيام بالتجسس والتعقب وخطف ناشطين فلسطينيين مقيمين في تركيا وعائلاتهم. في ضربة هي الكُبرى منذ البدء في إعادة تطبيع العلاقات بين الدولتَين نهاية عام 2022.

الإعلان عن اعتقال أفراد الشبكة والنجاح في تفكيكها حمل في طيه رسائل تركية في توقيت مهم، لكن قبل التعرض لها دعونا نستعرض تقرير المخابرات الصادر بشأن الشبكة، والذي ألقى الضوء على كيفية عملها.

تقرير استخباراتي
أثناء تواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وبعد أقل من شهر من تهديد مدير جهاز الاستخبارات الإسرائيلية "الشاباك"، رونين بار، باستهداف قيادات حماس في كل مكان بما في ذلك تركيا، شنّت الاستخبارات التركية "MIT " – بالتنسيق مع رئاسة الاستخبارات بالشرطة – عمليات متزامنة في 8 ولايات، في مقدمتها إسطنبول؛ لاعتقال أفراد يعملون لصالح الموساد.
تقرير المخابرات الذي نشرته وسائل الإعلام التركية، تضمن معلومات مهمة عن كيفية تجنيد أعضاء الشبكة، الذين ينتمون إلى جنسيات غير تركية (لم يتم الإفصاح عنهم حتى الآن)، وإرسال الأموال إليهم والاجتماع الدوري بهم، على النحو التالي:

التجنيد
يقول التقرير: إنَّ الموساد جنّد هؤلاء الأشخاص، عن طريق نشر إعلانات توظيف على مواقع التواصل أو مجموعات الدردشة المختلفة، أو وضع روابط معينة، ثم يتم التواصل مع الأشخاص الذين يستجيبون لتلك الإعلانات، ما يفتح الباب أمام الموساد للتواصل معهم عقب إتمام تجنيدهم عبر تطبيقَي تليغرام، وواتساب.

ثم يكون لزامًا على هؤلاء العملاء تجنيد آخرين بعد ذلك؛ لجمع المعلومات المطلوبة عن الفلسطينيين المقيمين في تركيا وعائلاتهم.

التمويل
يشير التقرير إلى أن الموساد كان يرسل الأموال إلى أعضاء الشبكة باستخدام إحدى الطرق التالية:

إما عن طريق التسليم باليد خارج تركيا، وفي حال كان المبلغ المدفوع كبيرًا، فإن الموساد كان يوفر حقائب ذات أماكن سرية لمنع اكتشاف الأموال أثناء الفحص باستخدام الأشعة، أو يتم تسليم الأموال عن طريق وسطاء، أو باستخدام العملات المشفرة؛ للحيلولة بين الأمن التركي، وبين كشف الشبكة
التدريب
يؤكد التقرير أن الموساد كان يجتمع مع عملائه، خارج تركيا؛ لتجنب رصدهم من قبل الأجهزة الأمنية التركية، حيث يتم استقبال عملاء الشبكة في فنادق ذات مستوى عالٍ، ودعوتهم إلى مطاعم فاخرة، وجدولة كل هذه التحركات ضمن برامج ورحلات سياحية خاصة.

وفي تلك الرحلات كان العملاء يخضعون لاختبار كشف الكذب، ثم يقوم خبراء الموساد بتدريبهم على الاتصال السري، من خلال تسليمهم أنظمة اتصال سرية، كما تشمل التدريبات أمن التواصل والتشفير.
رسائل أنقرة
نشْر الاستخبارات التركية تقريرها عقب اعتقال أفراد الشبكة، يؤكد أن هؤلاء العملاء كانوا تحت السيطرة والمتابعة من فترة ليست بالقصيرة، لكن يبدو أن التهديدات الإسرائيلية باستهداف قادة حماس في الخارج، عجّلت بكشف الشبكة أمام الرأي العام.

فتركيا أرادت إرسال رسالة عملية إلى الجانب الإسرائيلي، بالابتعاد عن تصفية الحسابات على أراضيها، وهذا ما أكده مسؤول استخباراتي تركي كبير لموقع "ميدل إيست آي"، حيث قالَ: "تماشيًا مع تحذيرنا السابق من أن أي محاولة للعمل بشكل غير قانوني في تركيا ستكون لها عواقب وخيمة، فإننا نشجع بشدّة جميع الأطراف المعنية على عدم الانخراط في أنشطة مُماثلة في المستقبل."

كذلك تريد تركيا تذكير إسرائيل أن إبرام أي اتفاقيات أمنية وعسكرية بين الجانبَين، لا يعني السماح باستهداف أيّ من المقيمين على أراضيها، وخاصة الفلسطينيين.

ففي الاتفاقيات المبرمة بين الجانبَين أواخر عام 2022، في إطار التمهيد لتطبيع العلاقات مجددًا، كانت هناك مذكِّرة أمنية تسمح لجهاز "الشاباك" الإسرائيلي بممارسة أنشطة؛ لضمان حماية السفارة والقنصلية الإسرائيليتَين، كما أشارت المذكرة إلى زيادة التعاون في مجالات مكافحة الإرهاب ومكافحة التجسس.