سد النهضة وخيارات مصر بعد إعلان فشل المفاوضات الأخيرة مع إثيوبيا

أحد, 12/31/2023 - 10:04

على ضوء هذه المواقف الإثيوبية تكون المسارات التفاوضية قد انتهت، وتحتفظ مصر بحقها المكفول بموجِب المواثيق الدوليّة للدفاع عن أمنها المائي والقومي في حاله تعرضه للضرر".

هكذا كان ردّ فعل وزارة الري المصرية بعد انتهاء الجولة الرابعة من المفاوضات بأديس أبابا في 19 ديسمبر/كانون الأول، والذي يتهم إثيوبيا صراحة " باستغلال الغطاء التفاوضي لتكريس الأمر الواقع على الأرض، والتفاوض بغرض استخلاص صك موافقة من دولتَي المصب على التحكم الإثيوبي المطلق في النيل الأزرق بمعزل عن القانون الدولي".

هذا الإقرار المصري جاء بعد 4 جولات من التفاوض، تم الاتفاق عليها في يوليو الماضي، تبدأ في أغسطس، وتنتهي في ديسمبر، للبحث في قواعد ملء وتشغيل السد.

ربما جاء الإعلان المصري- من وجهة نظرنا- متأخرًا بعض الشيء؛ لأنه مع بداية عملية التفاوض، أعلنت إثيوبيا في سبتمبر الماضي إتمام المرحلة الرابعة والكبرى حتى الآن من الملء الأول من السد، وتقدر بـ 24 مليار متر مكعب، ليصل حجم المياه المخزنة في بُحيرته إلى 41.5 مليار متر مكعب من إجمالي 74 مليار متر مكعب" إجمالي مخزون البحيرة " والذي يفترض أن يكتمل خلال موسم الأمطار القادم "2024، أو بعد القادم 2025 " على أقصى تقدير.

هذا الإعلان، ربما نسف المفاوضات من بدايتها، ويشبه إعلانات مماثلة سابقة، مثل: الإعلان عن الملء الأول في يوليو 2020، رغم وجود مفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي في وقتها. ومع ذلك اتبعت مصر – على ما يبدو- سياسة النفَس الطويل في التفاوض، حتى وصلت إلى طريق مسدود في المرحلة الثامنة من مفاوضات السد التي بدأت قبل 12 عامًا، وتم إعلان فشلها قبل ذلك 5 مرات؛ لأسباب تتعلق بالجانب الإثيوبي بالأساس.

ورغم سعي مصر لتدويل المفاوضات، مرة من خلال واشنطن في عهد ترامب 2020، ومرة من خلال محاولة تدخل مجلس الأمن، فإن أديس أبابا كانت حريصة على أن تكون المفاوضات، إما في إطار ثلاثي مع مصر والسودان، أو في إطار أفريقي، على اعتبار عدم فاعلية دور الاتحاد الأفريقي في التوصل لتسوية " ملزمة " لها.

أراضيهم، وعندما يأتي موسم الفيضان مرتفعًا، تضطر مصر إلى تصريف جانب كبير من مياه بحيرة السد إلى مفيض توشكى، دون استفادة منها؛ لتوفير حيز في البحيرة لاستقبال مياه الفيضان الجديد.

لذا، دائمًا، ما تطالب مصر بضرورة التنسيق مع إثيوبيا في مجال توفير المعلومات خلال الملء الأول، ثم عند بدء عملية الملء المتكرر وتشغيل السد بعدها، وهو ما ذهبت إليه المادة 5 من اتفاق إعلان مبادئ الخرطوم "مارس 2015 "، التي نصت على اتفاق الدول الثلاث على الخطوط الإرشادية وقواعد التشغيل السنوي للسد، والتي يجوز لمالك السد "إثيوبيا " ضبطها من وقت لآخر، مع إخطار دولتَي المصب بأي ظروف غير منظورة أو طارئة تستدعي إعادة الضبط لعملية التشغيل. ولضمان استمرارية التعاون والتنسيق حول تشغيل سد النهضة مع خزانات دولتَي المصب، ستنشئ الدول الثلاث- من خلال الوزارات المعنية بالمياه- آلية تنسيقية مناسبة فيما بينها.

لكن دائمًا ما تتهم مصر، إثيوبيا بتعمد إخفاء المعلومات عنها، مما يؤثر على سياسة الري والزراعة المصرية، التي تبنى على تخمينات تضر المصريين حتى في سنوات الفيضان، والفيضان المتوسط.

ما هي خيارات مصر؟
بصفة عامة، هناك ثلاث آليات رئيسية في عملية تسوية لنزاع" قانوني" تنطبق أيضًا على حالة سد النهضة، هي:

الآلية التفاوضية: وقد جرّبتها مصر طيلة 12 عامًا، من خلال 8 مراحل تفاوضية، فشلت فيها المفاوضات 5 مرات، وثبَت لمصر- باليقين القاطع- فشلها في المرة الأخيرة. وبالتالي قد تكون العودة لعملية التفاوض صعبة، لكنها تظل واردة في ظل صعوبة الآليتين الأخريَين.

الآلية القانونية:
من خلال اللجوء إلى التحكيم، وهو محتمل بشرط موافقة أطراف النزاع عليه: " مصر، والسودان، وإثيوبيا"، أو وجود نص ملزم في الاتفاق يحيل الخلاف للتحكيم: "محكمة العدل الدولية "، أو القضاء الدولي، " محكمة خاصة".