منوعاتالمحلل الأمريكي تايلور كوين: البشرية تواجه مخاطر انقلاب التكنولوجيات الحديثة عليها

ثلاثاء, 02/08/2022 - 22:22

نيويورك – (د ب أ)- مع كل إنجاز تحققه البشرية في مجال التكنولوجيا، يظهر الجانب المظلم لهذا التقدم من خلال إساءة استغلال هذا التقدم وتحويل التكنولوجيا الجديدة من أداة لتحقيق الرخاء والسعادة للبشر إلى سلاح مدمر. لذلك يرى تايلور كوين الأستاذ في جامعة جورج ميسون الأمريكية والمحلل الاقتصادي أنه إذا كان الكثيرون يرون أن السؤال الأهم على جدول أعمال البشرية الآن هو كيفية مواجهة ظاهرة التغير المناخي، فالواقع يقول إن السؤال الأهم الآن وفي كل وقت هو كيف نعمل دون تحول التكنولوجيات الحديثة إلى أسلحة ضدنا؟
وفي تحليل نشرته وكالة بلومبرج للأنباء يقول كوين إن هجمات الطائرات المسير، والهجمات السيبرانية، والاستخدام العدائي للذكاء الاصطناعي، والهجمات الفضائية، والأسلحة البيولوجية وغيرها، تؤكد حقيقة أن التكنولوجيات الجديدة يمكن أن تتحول إلى أسلحة ضد البشر.
وبشكل عام فإن تاريخ العالم يقول إن التكنولوجيات الجديدة بما في ذلك أكثرها فائدة، تتحول فيما بعد إما إلى أسلحة مباشرة أو آلة من آلات الحرب. هذا الأمر يبدأ من قطارات السكك الحديدية وحتى الطاقة النووية. وهذا المبدأ ينبطق أيضا على التكنولوجيات الحديثة التي يتم تطويرها الآن.
وأصبحت الطائرات المسيرة والهجمات السيبرانية التي تستهدف شبكات المعلومات والاتصالات قوة مهمة في الكثير من مناطق العالم وأهمها الشرق الأوسط والمناطق المحيطة بها. وقد أثبتت هذه الوسائل فاعليتها، ولذلك من السهل القول إنه يمكن أن تنتشر في المزيد من مناطق العالم. وينظر الكثيرون من الأمريكيين إلى الهجمات السيبرانية، باعتبارها أمور مزعجة تجاريا وبيروقراطيا، رغم أنه يمكن أن تؤدي إلى شلل لأجزاء مهمة من الاقتصاد وتحييد بعض القدرات العسكرية.
ورغم أن استخدام الذكاء الاصطناعي والهجمات الفضائية والأسلحة البيولوجية بصورو عدائية مازال أمرا بعيدا، فإنه يمكن أن تصبح بعض هذه التكنولوجيات الجديدة عناصر استراتيجية رئيسية خلال العقود القليلة المقبلة.
هذه المشكلات ليست لها حلول واضحة، كما أنها لا تمنح أي طرف ميزة سياسية. فالولايات المتحدة لم تحقق أي تقدم على صعيد الاستعداد لأي جائحة جديدة، بعد أن سجلت أكثر من 2500 حالة وفاة يومية أثناء جائحة فيروس كورونا المستجد.
وترى وجهة النظر المتشددة في السياسة الخارجية أن الحل هو زيادة الإنفاق الدفاعي لمواجهة مثل هذه التهديدات. وسواء وافق المرء على هذه النظرة أم لا، فإن هذه الأيديولوجيات الحالية ليست بالضرورة حلا مناسبا لكل الحالات.
يقول تايلور كوين إن دورة عقد المشتريات العسكرية تستمر لنحو عشر سنوات أو أكثر، في حين أن هذه التكنولوجيات الجديدة تتطور كل عام. علاوة على ذلك فإن الجيش الأمريكي يواجه صعوبة متزايدة في استقطاب المواهب التكنولوجية نظرا لارتفاع الأجور في قطاع التكنولوجيا.
وفي أوروبا وبخاصة ألمانيا يفترض أغلب المؤدلجين أن هذه المخاطر لن تصل إلى بلادهم. ولكن طبول الحرب المحتملة بين روسيا وأوكرانيا يمكن أن تمثل صافرة إنذار لتلك الدول.
في المقابل فإن الصين لديها أيديولوجيا للتعامل مع هذه القضايا، وهي أيديولوجيا المراقبة. ومع ذلك علينا الانتظار لنرى ما إذا كانت هذه الأدوات التي تطورها الصين للرقابة على شعبها وعلى الدول الأخرى ستجعل الصين أكثر استقرارا أو تؤدي إلى صراعات داخلية على السلطة. وفي كل الأحوال على العالم التصدي لمثل هذه الأيديولوجيات المستبدة وليس تبنيها.
وفي المقابل، تعتبر الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي تمتلك نفس مستويات وسائل الرقابة والتجسس، وإن كانت تمارس الرقابة على الدول الأخرى أكثر مما تمارسها على الشعب الأمريكي. ولا تعتبر أعمال الرقابة والتجسس بالنسبة للولايات المتحدة أيديولوجيا، بقدر ما تعتبر شكلا من أشكال الممارسة السرية التي تتظاهر بالتميز عن الأيديولوجيات الأمريكية الأخرى. وهناك أيديولوجيات تتعامل مع أجزاء من مشكلة تحول التكنولوجيات الجديدة إلى أسلحة مدمرة. وهناك دوائر محبة للخير فعالة، خاصة تلك التي تركز على مخاطر الذكاء الاصطناعي العام، تخشى من أن تطور وحدات الذكاء الاصطناعي فائقة الذكاء قدرات ذاتية خاصة بها تتيح لها التمرد على البشر أو حتى القيام بأنشطة شريرة ضدهم.
كما أن بعض هذه الدوائر تدعو إلى وقف تطوير هذه التكنولوجيات الجديدة كليا. ويمكن للمرء أن يتحدث عن مزايا مثل هذا القرار، لكن المشكلة هي أن روسيا والصين وغيرها من الدول المنافسة للولايات المتحدة ليست لديها خطط لوقف تطوير تكنولوجيات جديدة. كما أن الولايات المتحدة ليس لديها أي خيار حقيقي سوى مواصلة التطوير لكي تحافظ على تفوقها.