الجمارك الوطنية في يومها الدولي.. المهام والتحديات / محمد عليون صمبيت

خميس, 01/27/2022 - 12:43

تحتفل الجمارك الدولية في ال 26 من كل عام بذكرى تأسيس أول إطار عالمي يجمعها (المنظمة الدولية للجمارك - بروكسل 26 يناير 1953). وهي فرصة يتم استغلالها من طرف البُلدان الأعضاء في الهيئة (183 بلدا) من أجل تخليد الحدث بمستوى يليق بالتطلعات.

يَتَمَثَّلُ التّخليد في؛ استعراض المُنجزات و تقوية أواصر التعاون الجُمركي (المحلي، الإقليمي، والدولي) ورسم خطط لاستشراف مستقبل زاهر، من خلال "ميكانيزمات" فعالة لمُعالجة تحديات السرعة المُنبثقة عن عمليات التأثير والتأثر في عالم مماثل للقرية الكونية الواحدة.

وتُعتبر هذه المناسبة فرصة مهمة نستعرض من خلالها مهام الجمارك المحورية، لصالح المواطن العادي، ولفت الانتباه إلى تلك الأدوار بشكل دقيق وإيجابي، عِوض ما يُفشى من إشاعات مُغرّضة وقصص خيالية لا تمت للواقع بصلة مؤدية إلى بعض سوء الفهم تارة والتحامل تارة أخرى، وكنتاج لذلك يحدث عدم اهتمام وتعاون مع وكلاء وأعوان الجمارك في تأدية المهام المنوطة بهم.

والجَمارك الوطنية كغيرها من القِطاعات الوطنية؛ أمنية كانت
أو عسكرية أو مدنية. إلا أنها تحوز ميزتين خلافا لغيرها:
"مدنية و عسكرية"، تجعلها تُمثل قطاعا شبه عسكريا. وهي في ذلك تستخدم المُتاح من الموارد البشرية والأدوات المادية، في ظل احترام قانونها الصارم مع ما تتمتع به
من امتيازات سبيلا لتحقيق ما يلي:

◇ حماية الاقتصاد الوطني:
تقع مسؤولية حماية الاقتصاد الوطني، بالدرجة الأولى على عاتق الجمارك، من خلال الإجراءات الوقائية التالية؛

- رسوم تقليص الفارق بين أسعار المنتجات من خلال التعرفة الجمركية (Tarif doinier)؛ وهو إجراء يُتيحُ فرصة صمود المنتج الوطني ويُعطيه القدرة على المنافسة في السوق المحلية.

- تُمكّنُ التعرفة من حماية الاقتصاد الوطني عن طريق رفع أسعار السلع المستوردة. ومن هنا فإنها تُشجع "المصانع والمزارع" الوطنية على زيادة إنتاجها، ويتوجب على المستهلكين في هذه الحالة دفع أسعارا أعلى، في حال
رغبوا في السلع المستوردة.. مما يصب في مصلحة
المنتج الوطني دائما.

◇ مُمارسة الرقابة على البضائع والأشخاص:
للحيلولة دون التهديدات؛ أمنية كانت؛ كتهريب الأسلحة والذخيرة والمُتاجرة بالبشر والإرهاب والجريمة والهجرة السرية.. أوالتهديدات الصحية مثل؛ ولوج المؤثرات العقلية والأدوية منتهية الصلاحية والمواد المُزوّرة والمُخدّرات داخل التراب الجمركي(التراب الوطني). أو التهديد الثقافي؛ من خلال حماية الملكية الفكرية والمُحافظة على التُّحف الفنية والقطع الأثرية النادرة من التهريب.

◇ مُمارسة الرقابة على وسائل النقل:
تتمثل هذه المهمة في التأكد من أن وسائل النقل المعنية في وضعية سليمة، لا تُخالف القواعد والإجراءات الجمركية، سواء من ناحية الأوراق الضرورية أو من ناحية السلامة الأمنية لوسيلة النقل المعنية.

◇ تزويد الخزينة العامة للدولة بموارد جبائية:

وبغض النظر عن إثارة هذه النقطة للاهتمام، فإن الجمارك الوطنية تُغذي الخزينة العمومية بموارد لا يستهان بها؛ من رسوم قانونية مُستحقة عند التخليص الحُدودي للبضائع القادمة من الخارج وضريبة القيمة المُضافة وضريبة الاستهلاك.. وجميع تلك الرسوم والضرائب مُبوبة في القانون الجمركي: 035-2017 الصادر بتاريخ: 21/12/2017. حيث تُصرف مباشرة في الصالح العام (نفقات الدولة).

ولِما سبق ذكره فإن الجمارك الوطنية تُراقبُ بعين ساهرة حركة البضائع والأشخاص على امتداد التراب الجمركي الوطني من خلال المنافذ الثلاث: الجو، البر، البحر.

وتلك المهمات والأدوار التي تضطلع بها، تضع في الاهتمام الأهداف الاستيراتيجية السبعة للمنظمة العالمية للجمارك وسبل تحقيقها، والمبوبة في الآتي:

♧ تعزيز الأمن وتيسير التجارة الدولية وتبسيط النظم الجمركية وتوحيدها.
♧ الحث على تحصيل الإيرادات بشكل عادل وفعال وناجع.
♧ حماية المجتمع والصحة العامة والسلامة ومحاربة الغش ♧ تعزيز القدرات عبر دعم مختلف المصالح الجمركيةالوطنية
♧ تشجيع كل الأطراف المعنية بالشأن الجمركي على تبادل المعلومات والتجارب والممارسات النموذجية التي تستحق الاقتداء.
♧ رفع مستوى كفاءة الجمارك وتحسين أدائها وسمعتها.
♧ إجراء الأبحاث والتحاليل بشأن القضايا التي تهم الجمارك والتجارة الدولية بهدف تعزيز ثقافة الأداء الاحترافي من خلال إشاعة المعارف بين أعضاء المنظمة والأطراف.

وبالمجمل فإن الجمارك اليوم أضحت تُشكل صمام أمان لاقتصادات الدول وأمنها الصحي وحوزتها الترابية ومياهها
الإقليمية من شتى أنواع تهريب المحظورات، والمُغامرات الإرهابية، و تبييض الأموال ..إلخ. الأمر الذي سعى
ويسعى وُكلاء الجمارك الوطنية بجهد وتفانٍ وإتقان
إلى تحقيقه رغم الصعاب والتحديات الجمة.

وليستمر العطاء تتحتم مشاركة الجميع عن بصيرة و توخي الحذر والالتزام بالنظم والقوانين التي تشكل الفيصل في القطاع بين جميع الأطراف والله من وراء القصد.