هل يواجه لبنان خطر زوال الدولة؟

اثنين, 08/31/2020 - 12:57

د. جواد الهنداوي

مُناسبة السؤال، عنوان المقال، هو تصريح السيد لودريان، وزير خارجية فرنسا، بتاريخ ٢٠٢٠/٨/٢٧، والذي حذّر فيه مِنْ خطر زوال دولة لبنان، مُعرباً عن مخاوفه ازاء التحديات السياسية والاقتصادية

والاجتماعية التي يواجهها لبنان. يأتي التصريح في إطار جهود التمهيد للزيارة الثانية المرتقبة للرئيس الفرنسي الى لبنان في الأول من الشهر القادم، ويُعّبر عن الاهتمام الذي توليه فرنسا، ومن خلفها امريكا والغرب، بالمشهد السياسي المحلي والإقليمي الحالي والمستقبلي للبنان، وتداعياتهِ.

في حِدة و خطورة ما وَردَ في التصريح، ومضمونه “زوال لبنان الدولة”، رسالة إنذار واضحة الى الطبقة السياسية في لبنان او الى بعضها المتمرّد على إرادة الإصلاح،من اجل ان تدرك خطورة الامر و الموقف، ليس فقط من وجهة نظر الداخل اللبناني،وانّما ايضاً من الناحية الدولية، ولكي تمتلك، تلك الطبقة السياسية، إرادة التفاعل الإيجابي مع ورقة افكار الإصلاح التي عدتهّا فرنسا .

 وقَبْلَ مناقشة حقيقة او وهمْ خطر زوال الدولة، نتساءل: هل تتحمل الطبقة السياسية في لبنان، بمفردها وزر تحدي او خطر زوال الدولة؟

 للكيان الصهيوني المُحتل و لأمريكا و لبعض العرب

مساهمات و ادوار في مآسي لبنان، و دخلتْ الآن تُركيا لتجد لها دوراً في الجغرافية اللبنانية و في المشهد السياسي اللبناني .

هدف تدخلات و مساهمات القوى المذكورة اعلاه

هو إضعاف لبنان الدولة أمنياً و عسكرياً و سياسياً و اقتصادياً . ماذا يتوقّع الامريكان و الغرب حين يفرضون و يطّبقون عقوبات اقتصادية و نقدّية ضّدّ لبنان ؟ هل نتّوقع تعزيز لدور ولمكانة الدولة أمْ أضعاف الدولة ؟ و ماهو الهدف من حرمان الجيش اللبناني من قدرة امتلاك اسلحة متطورة دفاعية وليس هجومية ؟ أليسَ من مصلحة اسرائيل ان يبقى لبنان في حالة ضعف و هوان ؟

الدعم الامريكي و الغربي المطلق لاسرائيل ساهمَ و يساهم في إضعاف الدولة ليس في لبنان وَحسبْ، وانّما في المنطقة، وخاصة الدول العربية التي لا تزال في حالة عداء مع اسرائيل . و سبب عداء امريكا لحزب الله في لبنان، ليس لأنَّ حزب الله خطر على دولة لبنان و إنما لأنَّ حزب الله خطر على الكيان الصهيوني المحتل .

الصهيونية و واجهاتها ( امريكا واسرائيل و الرجعية ) تنصبُ العداء و تحارب حزب الله في لبنان و الحشد الشعبي في العراق لكونهما كيانات تدافع عن سيادة و مكانة و اقتدار الدولة وتعزّز دفاعات الدولة، و لكونهما كيانات تشكّل نموذجاً لمقاومة اسرائيل و نزعتها في التوسع و الاحتلال والضّم .

   وَمِنْ نكدْ الدُنيّا ان يتحدث وزير دولة عظمى عن خطر زوال لبنان الدولة والحضارة والتاريخ، و في ذات الوقت، يهرول بعض العرب الى دعم و ترسيخ كيان مجرم و مغتصب و غير شرعي، ويسعى الى تدميرهم و احتلالهم .

لبنان الشرق و لبنان المتوسط (نسبة الى البحر المتوسط ) ولبنان التنّوع ولبنان المقاومة، وَمنْ له هذه المقومات لم ولنْ يواجه خطر الزوال،كان و سيبقى لبنان الأمل الدائم .

الاهتمام الفرنسي للبنان، والذي عرّى الإهمال العربي، لم يكْ فقط بدافع العلاقات التاريخيةو الثقافية التي تربط فرنسا بلبنان او لاعتبارات إنسانية،وانّما ايضاً لاهداف فرنسية استراتيجية و اقتصادية ؛ التوغل السياسي و المالي والمخابراتي التركي في شمال لبنان و استراتيجية السيد اوردغان في تصدير الفكر الإخواني و في التوسع في حوض البحر الأبيض المتوسط مؤشرات لأطماع و تدخلات تركية ابعد و أعمق في لبنان، وعلى غرار الوجود التركي في شمال العراق و في سوريا . وهذا ما يخيف فرنسا ويهّدد مصالحها في منطقة المتوسط، و يضعِف دورها في الدول الصديقة لفرنسا وخاصة لبنان .

فرنسا،سياسياً و أمنياً و مخابراتياً، تعلمْ و تعي و تدرك اكثر من العرب و اكثر من بعض السياسيين اللبنانيين اطماع و عدوانيّة اسرائيل تجاه لبنان و نزعتها بالتوسع على حساب جغرافية لبنان، و كذلك اطماع و رغبة الأتراك بحضور فاعل و مؤثر سياسياً واجتماعياً و أمنياً في لبنان .

فرنسا تدرك ايضاً الدور المقاوم الإيجابي لحزب الله،والذي سيحافظ على سيادة لبنان وعلى جغرافية لبنان من اخطار نزعات الاحتلال والتوسع الاسرائيلي و التركي،لذا رفضت فرنسا و سترفض الانضمام الى كل من إنكلترا وألمانيا في رؤيتهما السلبية تجاه حزب الله اللبناني .

كاتب عراقي ودبلوماسي سابق