معهد واشنطن: قدرة إيران على خوض الحروب لم تنتقص

خميس, 07/30/2020 - 10:45

رأت دراسة جديدة صادرة عن معهد واشنطن لدراسة الشرق الأدنى أنّ مواقف دول الخليج تجاه إسرائيل تشكّل التغيير الرئيسيّ الذي حدث في الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة. ولم تعد العلاقات قائمة بالكامل على حل المطالب الفلسطينية، التي شملت بشكل رئيسي انسحاب إسرائيلي لخطوط عام 1967 والسماح لأولئك العرب الذين يدّعون أنهم لاجئون بالعودة إلى إسرائيل نفسها.

بالإضافة إلى ذلك، أوضحت الدراسة، لا يمكن ببساطة أن يُنسب هذا التحول، الذي قادته السعودية والإمارات، إلى التخوّف من إيران وجاذبية التعاون مع دولة أخرى ذات نفس التصوّر. وبدلاً من ذلك، يُنظر إلى إسرائيل بشكل متزايد على أنها شريك تجاري طبيعي تتداخل رؤيته مع رؤية دول الخليج للتعاون في الخيارات التكنولوجية للمستقبل. وعندما زار الأمير محمد بن سلمان الولايات المتحدة في عام 2018، سقط شخصٌ واحد على الأقل من على كرسيه في تجمّع مغلق للقيادات اليهودية عندما شاركها ولي العهد السعودي هذا الحلم.

وطبقًا للدراسة، تمثّلت البطاقة الرابحة الأخرى التي يحملها الأمير محمد بن سلمان من ناحية التصورات، إلى جانب تلك التي يشاركها نظيره الإماراتي ولي عهد أبو ظبي الأمير محمد بن زايد، في الدعوة إلى الإسلام المعتدل والتحرك ضد الإسلام المتشدد اللذان بدآ يحددان على ما يبدو طابع المملكة منذ فترة طويلة. فقد كان الترفيه الحي والسماح للمرأة بقيادة السيارة من التطورات المميزة في السعودية. كما أنّ الأمين العام لـ “رابطة العالم الإسلامي” التي مقرها في مكة، محمد العيسى، عمل بلا كلل في قضايا الأديان، والتي شملت زيارة معسكر الموت في أوشفيتز، إلى جانب قادة يهود أمريكيين، في كانون الثاني (يناير) المنصرم.

وتابعت: تختلف الآراء حول مضمون ومعنى هذا التواصل مع إسرائيل واليهود في بقية أنحاء العالم. ومهما كان الواقع، فإن الموقف على وشك مواجهة اختبارين: الضم الإسرائيلي لأجزاء من الضفة الغربية واحتمال عدم فوز الرئيس ترامب بولاية ثانية.

واستدركت الدراسة قائلةً: تبقى إحدى نقاط القلق الخاصة، أو التي يجب أنْ تشكل مصدر قلق، للسعودية ولدول الخليج الأخرى، هي مدى دعم الرأي العام الخليجي لمواقف قياداته المتغيرة تجاه إسرائيل. فهذه المواقف، بقدر ما يمكن قياسها، لا ترقى إلى درجة الحماسة. وقد تسبّبت الظروف الاقتصادية المتغيرة التي نشأت في البداية بسبب انخفاض أسعار النفط ثم وباء كورونا، في إجهاد العقود الاجتماعية المحلية فعلاً. لذلك فإن إيران التي دائمًا ما كانت انتهازية قد تجد نفسها أمام نقطة ضعف جديدة بإمكانها استغلالها.

وزعمت الدراسة أنّ قدرة إيران على خوض الحروب غير المتكافئة لم تنتقص فحسب، بل ربما تتسارع. فهجمات الطائرات المسيرة في أيلول (سبتمبر) الماضي على منشأة معالجة النفط السعودية الرئيسية في بقيق ومنشأة أخرى صدمت القوى العسكرية في جميع أنحاء العالم، إذ كانت التكنولوجيا المستخدمة فيها منخفضة المستوى نسبياً ورخيصة الثمن، مما يقوّض الفكرة القائلة إنّ دولاً كالولايات المتحدة لديها ميزة عسكرية متأصلة بسبب قدراتها التكنولوجية المتفوقة ومواردها المالية، وإذا كانت الولايات المتحدة قد انتصرت في الحرب الباردة بإنفاقها أكثر من الاتحاد السوفيتي، يبدو من غير المحتمل أن تنجح هذه المقاربة مع إيران.

وتشكل طموحات إيران النووية قضية منفصلة. فقد تؤدي العقوبات إلى تأخير ما يُعرف عموماً بأنه مشروع أسلحة نووية مستتر وراء برنامج نووي مدني، ولكن حتى هذه المسألة تثير مخاوف مبرَّرة. فباكستان المجاورة التي أصبحت دولةً نووية عام 1998 استخدمت التكنولوجيا نفسها تقريباً للحصول على اليورانيوم عالي التخصيب وعلى صاروخ قادر على إطلاق رأس حربي نووي على حد سواء، وكل ذلك حصل قبل 22 عاماً، علماً بأن الجهاز النووي الباكستاني كان جاهزاً للاختبار على الأقل خلال السنوات العشر التي سبقت ذلك التأريخ أو نحو ذلك.

وخلُصت الدراسة إلى القول: “لا تزال التوترات الدبلوماسية بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين – بريطانيا وألمانيا وفرنسا – بشأن كيفية التعامل مع إيران تشكل نقطة ضعف واضحةً للغاية بالنسبة لطهران، التي تَعتبر أصلاً روسيا والصين داعمتين لها بشكل فعال، لكن التحدي الذي تواجهه واشنطن هو كيفية التعامل مع إيران بطريقة يُنظر إليها – من قبل إيران، والحلفاء الإقليميين، وكذلك المجتمع العالمي الأوسع – على أنها فعالة وبالتالي رادعة، وليس كونها خطوات من قبل قوة عظمى تفقد عظمتها”.