الهجمات الأمريكية واستراتيجية المواجهة الإيرانية

أحد, 07/26/2020 - 09:58

رنا العفيف
منذ أن قامت الولايات المتحدة الأمريكية باغتيال الجنرال قاسم سليماني، وأعين الولايات المتحدة الأمريكية تصبّ على إيران وحلفائها، وترصد كل خطواتها بدقة عن طريق الاستخبارات الأمريكية، وذلك لمعرفة خطط وسبل المواجهة في الرد ومن الذي سيقودها، إلا أن الجمهورية الاسلامية الإيرانية كانت حذرة من أي اختراق أمني تحاول واشنطن أن تصل إليه.
وبالفعل آنذاك أصدرت وزارة الداخلية الأمريكية تذكرة تحذر من الهجمات السيبرانية عن طريق خبراء قرصنة، ألا أنه من المعروف عن طهران أنها تمتلك قدرات سيبرانية عالية الدقة ومتقدمة، بعد أن تعرضت منظومتها النووية الى هجمات بفايروس ستوكسنت عام 2010، والذي شاع أن الولايات المتحدة وإسرائيل تقفان وراءه.
واليوم طهران تخوض أعتى انواع الضغوط العسكرية والسياسية والصحية، وكل هذا طبعاً هو جزء من العقوبات، أي بالمفهوم السياسي هو حرب الضغوط، لكن لماذا إيران اليوم في مرمى نيران المقاتلات الأمريكية، وما الرسالة التي تحاول واشنطن ايصالها لطهران في هذا التوقيت الحصري.
أولا : الولايات المتحدة الأمريكية تثير الجدل في منطقة الشرق الأوسط لكسب مصالح على حساب دول متضررة في ظل الانتخاب المرتقبة لتخلط الأوراق ببعضها البعض ولتكسب قياساً مع الحرب العسكرية تجاه خصومها اقوى.
ثانيا: طهران قامت بعدة اتفاقات خلال هذه العقوبات، وكانت مع سورية ومع الصين، وهذا ما آثار جنون الولايات الأمريكية لتكون طهران اليوم في مغبة التصعيد لتنال واشنطن وإسرائيل من عزيمتها.
ثالثا: اعتراض طائرة مدنية إيرانية فوق الأجواء السورية تعني أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تمت للأخلاق الدبلوماسية والسياسية والعسكرية لتقوم بانتهاك الأجواء السورية بطريقة غير شرعية، ناهيك عن رصد الخطوات الإيرانية التي تؤكد أن ما حصل هو عن عمد ورصد بأمر من حليفها الإسرائيلي.
كل هذه الاستفزازات والمناورات تقع في جعبة سبل المواجهة، ليكون هناك مفاوضات جديدة تُجبر حزب الله على التراجع عن قرار الرد، بعد اعلانه عن استشهاد مجاهد له في الهجوم السافر على الجمهورية العربية السورية.
هذه الاعتداءات العدوانية المتكررة ليست فقط لجس نبض سورية وحلفائها، بل باتت هذه الاعتداءات بمثابة عداد الحسابات الذي كبرت فاتورته السياسية عند حزب الله، وفي قواعد الاشتباك ومعادلة الردع، وليكون اليوم الجميع تحت جائحة سياسية مرضية أخطر من جائحة كورونا في التصعيد، فكيف ستكون المواجهة اليوم.
هناك أكثر من حساب لأمريكا وإسرائيل ومن يقود معهم، فالاتجاه واضح والحسم لا بد منه، ولكن ماذا عن الاستعراض العسكري الإسرائيلي الذي يلوح في الأفق؟، وهل سنرى مناورات عسكرية إيرانية مع أمريكا؟، ام أنه سيكون هناك تأجيج لخلق أوراق جديدة معقدة في المشهدية ؟، وكيف سيرد حزب الله على هذه الحرب النفسية وهل سيكون الرد من الجولان في حال اتخذ قرار الرد.
لربما المرحلة القادمة أخطر لأنّ طهران وحلفائها لن يقبلوا بعد اليوم أي انتهاك يخترق أي منظومة في قواعد الاشتباك، فالخطوط الحمراء لم يبقى منها شيء بعد أن كسرت قواعدها المنظومة العدائية الإسرائيلية، لخلق صراع نفوذ جديد على الساحة الإقليمية متناسية سياستها العنصرية التي تمارسها بحق الشعوب، وكما قال كاظم غريب ٱبادي اعتراض المقاتلات الأمريكية لطائرة الركاب الإيرانية جريمة لا يمكن قبولها وعلى المجتمع الدولي أن يتخذ موقفاً من الإجراءات الأمريكية التي تهدد الأمن والسلم والدوليين.
وهذا يعني أننا ذاهبون الى محطة جديدة لربما تغيير من سياسة المنطقة ولو كلف الرد تدمير تل أبيب بالكامل.
كاتبة سورية