الجزائر: الرئيس وسبعة أشهر الأُولى

جمعة, 07/03/2020 - 21:19

وجيدة حافي
مسودة الدُستور التي قيل في حقها الكثير ومازال النقاش يدُور حولها، هته الأخيرة التي جاءت بمواد غامضة هدفها تعميق الخلاف وتوسيعه بين مُختلف الجهات، لكن قبل الغوص في تفاصيلها بوُدي فقط أن أتكلم عن فترة رئاسة السيد الرئيس التي دخلت شهرها السابع، فلحد الآن تقريبا لم يتغير شيئا، الشعب تائه والدولة لا تعرف من أين تبدأ الإصلاحات، فكل القطاعات مُهترئة وتُعاني الصدأ وتتطلب تدخلا سريعا قبل فوات الأمور، فالجزائريون لم تعد تهمهم السياسة وكواليسها (التي تُعتبر جُزء من الإصلاحات وبوابة الإستقرار)، بل تحسين مُستوى الخدمات والمعيشة الصعبة، والتطبيق الفوري لا الكلام لمُجرد الكلام ولفت الإنتباه، صحيح أن جائحة كُورنا أفسدت الخطة وغيرت الموازين الوطنية والدُولية، وجاءت في وقت حرج للجزائر ورئيسها، هذا بالإَضافة إلى الأموال المنهوبة الضائعة من خزينة الدولة بسبب العصابة ، ولكن رغم كل هذا إلا أن دولتنا ما زالت قائمة بالواجب وتُحاول التحكم في زمام الأمور والخروج من أزمة كُورنا بأقل الأضرار، ستقولون لننتظر مازال الوقت فبوتفليقة لم يفعل شيئا ورغم هذا إنتظر الشعب ولم يتحرك، نعم أُوافقكم الرأي ولكن طريقة تفكير الشعب في عهد بوتفليقة تختلف عن الآن، فنحن خُدعنا مدة عشرين سنة ولهذا تجد نصفنا يُطالب بتحرك سريع وتنفيذ جدي للقوانين، فالثقة عامل مُهم بين الحاكم والمحكوم، لكنها غائبة الآن بسبب حماقات الماضي وكذب الساسة علينا، ضف إلى ذلك لو من الأول حاسبنا الرئيس السابق ولم نُغمض أعينا عن زلاته وتجاوزاته لما تخلفنا ورجعنا للوراء، ولهذا المُهمة لن تكون سهلة للسيد تبون من كل النواحي، فالعين عليه، والكُل يُراقبه،لأنه جاء بعد فترة صعبة عاشتها الجزائر ومنعت العصابة من إكمال مُهمتها القذرة واللعب بالجزائر وسرقتها، فرغم الحراك ورغم كل شيئ إلا أنه مازال هناك المُندسون بقايا النظام السابق، يظهرون في صورة ملاك ومُحب للبلد لكن ما خفي أعظم، فولائهم للماضي وشوقهم للبقرة الحلوب هو من يدفعهم إلى النفاق واللعب على كل الحبال، للفوز بمنصب يضمن لهم تنفيذ مآربهم، وفي نفس الوقت للإفلات من العقاب، وهم كُثر ومعروفون في الوسط.
طبعا السيد الرئيس يعرف هذا ، كيف لا وهو صاحب الخبرة والرجل الذي عاش وعايش أحداثا، وتقلد مناصب سامية كأمين عام ووالي، ووزير للسكن والإتصال، وواجه ظروفا وعائقات منعته رُبما من إتخاذ القرار المُناسب في المكان المُناسب، لكن يا سيدي صدقني أن الضربة والخديعة تأتي من أقرب الناس منك، من هؤلاء الذين تتوسم فيهم خيرا وتظنهم سندا، ولا تكتشف خداعهم إلا بعد فوات الآوان، والتاريخ العربي والعالمي شاهد على هذا، من خلال قضايا خيانة أبطالها أشخاص مُقربون جدااا من الحاكم، فصفة الخيانة ليست بشيء جديد على العرب، حتى أن “تشرشل لما سُئل عن رأيه في الشُعوب قال:” إذا مات الرُوس يموت السلام، وإذا مات الأمريكان يموت الغنى، وإذا مات الطليان يموت الإيمان، وإذا مات الفرنسيون يموت الذوق، وإذا مات الألمان تموت القُوة، وإذا مات العرب تموت الخيانة “فنحن معرفون منذ الأزل، تبدأ من تسليمنا للقدس وتنازلنا عنها لليهود من 1948، حتى في عهد الثورة الجزائرية وحسب المُؤرخين لولا الخيانات والغدر لكُنا الآن إستقلينا قبل 1962، على كل حال هذه مُجرد وجهة نظر في سبعة شهور الأولى للرئيس الذي ما زال تنتظره الكثيير من التحديات والصُعوبات، فالجزائر مشاكلها عويصة ولا تُختصر في مواضيع، هي مناطق ظل، شباب عاطل عن العمل، دينار مُنخفض، ظروف معيشية صعبة، دخل لا يكفي مع هذا الغلاء، بيرقراطية في التعامل، بلديات والله العظيم دائما في أشغال وطُرقاتها مُهترئة، جنوب مُهمش ودائما ينتفض مُواطنه لكن دون فائدة تُرجى، حُدود مُلغمة، صحة مريضة… إلخ، هته هي القضايا المُهمة للشعب البسيط، أما الدُستور وما جاء فيه من بنود فلا أظن أن عاملا بسيطا يتقاضى 18000دج سيهتم بمواده، وخاصة تلك التي لا تخدُمه وتُحقق له الرفاهية والتطور، الشق المُتعلق بالسياسة والأحزاب ليس من أولوياته، فالشعب هدفه تحقيق التوازن بين جيبه والقفة التي أثقلت كاهله وأتعبته رغم كل مُحاولات مُحاربة الغش وإرتفاع الأسعار. حتى مُحاكمات العصابة لم تعد تستهويه وتجذب الأنظار كما في الأول، فالمرحلة القادمة صعبة لنا جميعا، وخاصة للمُواطن البسيط.
نحن ليس مُتشائمون ولا نُبدي رأينا لمُجرد الإعتراض والنقد، لكن نكتب من عُمق الواقع، من ما نراه في أعين الناس وأرائهم التي نتبادلها معهم كمُواطنين يهمنا إستقرار بلدنا، فبلد المليون ونصف مليون شهيد لا يقتصر وجوده في عاصمة البلاد، بل ينتشر في أكثر من 48 ولاية، قابلة للإنفجار والتوتر في أي لحظة، وفي الأخير نتمنى للسيد الرئيس كل التوفيق في هذه الظروف الصعبة والغير مُستقرة، فمن إجتهد وأصاب فله أجران ومن إجتهد وأخطأ فله أجر، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
كاتبة من الجزائر