نظرية الذُرة: اللعب اكثر أهمية من ان نكون اللعبة.. مشاريع تركية إيرانية صهيونية.. لكن اين العربي؟

خميس, 07/02/2020 - 14:24

منى صفوان
تنويه: ان كنت لا تحب اكل الذُرة المشوية فلا تكمل.. القراءة
يفوز باللعبة من سيجيد تجميع القطع لتكون قطعة واحدة، واكل الذرة كاملة، فمواجهة المشروع الإيراني الفارسي،
اوالتركي العثماني، لايكون بالاقتراب والتعاون مع المشروع الصهيوني- الغربي، بل باحياء المشروع العربي القومي…،لكن ماهو هذا المشروع! هل هو اوبريت، فيلم، ام مسرحية غنائية!
كل هذا رائع ولكن هذه المرة لا نريده عملاً فنياً ، بل مشروعاً اقتصادياً، ان ذلك الاوبريت الضخم للموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب ،حيث يصدح المع نجوم الفن في الستينيات “وطني حبيبي الوطن الأكبر” امبراطورية عبد الحليم حافظ وشادية ووردة وصباح لم يعد تقليده مناسباً، انه مبهج وحماسي فقط على اليوتيوب.
اما على ارض الواقع نحتاج الى مايسترو جديد، يعيد ترتيب العازفين، ويشكل فريقاً من نوع اخر، اعتقد انه وقت الحديث عن الوطن العربي في القرن 21 بشكل مختلف..ربما ككوز ذرة مشوية، وسوف أقول لك لماذا..
اذا المعادلة بكل بساطة، لتواجه مشروع خارجي ليس عليك اسقاطه وانفاق الوقت والمال لمحاربته، بل عليك احياء مشروع داخلي. هذا ابسط واقل تكلفه في النفقات والخسائر المالية والبشرية.
نريد ان نفكر كما يفكر رجال الاعمال، وليس الشعراء، كتفكير بيل غيتس وليس نزار قباني، أي ماهو المردود، ماذا ساستفيد من شركة المشروع العربي ماذا ستبيع؟
انه المشروع العربي القومي الجامع يال البساطة .. أرايت انه من السهل كتابة الجملة، انه ذات الكلام المستهلك اليس كذلك، شعارات مملة
الامر سهل حين نكتبه في مقال، في يوم نهاري مشمس، لكنه صعب للغاية حين يبدو خطة يجب تنفيذها في واقع عاصف ممطر سيء الأجواء.
انظر معي في الجغرافيا المحلية نعيش صراعات تبدو في ظاهرها صراعات محلية، اننا ننغمس فيها كلياً، ناكلها ونتنفسها، انها جزء من الروتين اليومي
لكنها في الحقيقة هي مجرد انعكاس للصراعات بين المشاريع الكبرى( الإيراني/ التركي/ الصهيوني الغربي) وليس هناك مشروع عربي ليكون جزء من الصراع، فالعرب مجرد أدوات للصراع الإقليمي، وليسوا جزء منه. حسنا، وماذا سيفيد معرفة ذلك!
العرب بدولهم الغنية والفقيرة الكبيرة والصغيرة على حد سواء، بجيوشهم ومليشياتهم واحزابهم وجماعاتهم، جميعهم ليسوا الا بيادق اللعبة الكبرى، والتي تزداد رقعتها اتساعاً، من العراق الى ليبيا، ومن سوريا الى السودان، ومن اليمن الى لبنان، مرورا بدول الخليج، ودون استثناء دول المغرب.
وحان الوقت ان يكونوا هم اللاعبين الكبار، وهذا لن يحدث الا ان اقتنعوا ان اللعب اكثر متعة من ان تكون اللعبة.
مهمتنا اليوم تختلف عن مهمة عبد الوهاب وعبد الحليم ، اننا نقول لسنا وطناً واحداً، نعم نحن اوطان متعددة، هويات، أفكار اختلافات ، مذاهب وربما عرقيات واعراق كثيرة داخل الدول العربية، لسنا كلنا واحد، لكن يمكننا ان نلعب معاً، فمصلحتنا ان نكون معاً لان ذلك اكثر قيمة لنا من ان يلعب كل منا في فريق، المسألة مصالح وليست مشاعر.
المشروع العربي المُغيب، والجهد العربي المشتت، والقوة العربية المستنزفة في صراعات بالوكالة، كلها مصطلحات لفكرة واحدة، وهي اننا نفكر بشكل عاطفي في موضوع في أساسه هو مادي اقتصادي نفعي بحت.
ستكون أسباب التوحد متوفرة، ان اقتنعنا بالأرقام والدراسات والأفكار انها الطريقة الأفضل للحفاظ على الثروة والمستقبل ، وأيضا حكم العالم ، بالافكار وليس بالاغاني مع اني احب الأغاني القومية جدا، واحفظها.
حبات الذُرة.. المتناثرة في الطبق
الامر متعلق بالطريقة التي تحب بها اكل الذرة المشوية، هل تحب اكلها مباشرة وهي متراصة ساخنة في العود ، ام تفضل نثر عود الذرة في الطبق، واكلها كل على حده!!
كيفما كانت الطريقة عليك ان تتأكد انك وحدك من يسأكل الذرة، وانك لن تشارك بها اخرين.
انهيار المنطقة برمتها سيكون مع تتابع انهيار الدول العربية، انها العمود الفقري للعالم، حيث لا يجوز العبث، واللعب بهذه الطريقة الفوضوية
الفوضى أحيانا جزء من المشهد ، فالدول غير العربية التي تتصارع في المنطقة العربية ، هي ببساطة تلعب في الفراغ، فالطبيعة تكره الفراغ، وحين تخلي مكانك فانه لن يبقى شاغراً.
هل تؤمن بالجن
العالم يحتاج ظهور مشروع عربي موازي قوي، موازي لكل المشاريع المحيطه، اننا باختصار نحتاج مشعوذاً يجيد لعبة اظهار الجن، ويقنعنا ان هذا الجني موجود، كما فعل احمد زكي في فيلم البيضة والحجر ، مشعوذ محتال يمكنه إعادة التوازن للمنطقة وربما للعالم . فالمشروع العربي كالجن، الكل يتحدث عنه ولكن احداً لم يراه.
وبما اننا لا نملك مشعوذين بهذه المهارة، فاننا مضطرين للتعامل مع العلماء، والمفكرين والاقتصاديين، ليقنعونا بالأرقام وبالعلم، ان الامر مربح أيضا، وان المشروع يمكن ايجاده، وان هذه الشركة مردودها مربح، واننا لن ننتج عملاً فنياً باهتاً لا يناسب متطلبات العصر، ولن نكون فيديو كليب عصري للاوبريت الخالد “وطني حبيبي الوطن الأكبر”.
اول شرط في مواصفات المشروع المنتظر “عجل الله فرجه”، ان يكون مشروعاً مُصمتا، ركز معي مُصمت وليس صامتاً ، مصمت بلا مسام.
ليصعب النفاذ منه، فالاختراق الإسرائيلي للجسد العربي، يقابل باختراق إيراني والعكس، كما ان الاختراق التركي، سيواجه ضغط بريطاني، وامريكي
انه عالم من الفيروسات السياسية التي تهاجم الجسد العربي المنهك، الذي يهمل صحته وأصبحت ممانعة الجسم نفسها مرتهنة للخارج .. اليست كل جماعات الممانعة تتبع جهات غير عربية إيرانية او تركية!
اعتقد ان هذه الفكرة واضحة، فكيف ستحمي جسمك من فيروسات خارجية تهاجمه وجهازك المناعي بيدها أصلا (انتهى التوضيح)
وايضاً حين يبدو الرجل المريض على وشك الموت فان صراع الورثة غير الشرعيين، يؤدي لما نشهده في المنطقة منذ عشر سنوات، وسوف يستمر لعشر سنوات قادمة، ان اشترك قادة الوعي باللعبة.
لكن اين هم الورثة الشرعيين؟
اننا نفتقد اليوم مفكري الامة الكبار، الذين حددوا البوصلة العربية واتجاتها، ومنهم محمد حسنين هيكل الذي اتشيع له، والذي تحدث كثيرًا عن أهمية التوازن في المنطقة، ومنها عدم الحاجة لمعاداة ايران، وعدم إعطاء اولويك للصراع التركي على حساب الإسرائيلي
انك لا تحتاج ان تعادي جيرانك الا ان كنت تخاف منهم، وانت لا تخاف منهم الا ان كنت ضعيفاً، فان أصبحت قوياً فالعلاقة سوف تتغير.
فوجود مشروع متماسك يحمي هذه المنطقة من التدخلات الخارجية يعني انك لست بحاجة لعداء المشاريع المجاوره، كما يحدث اليوم بين السعودية وايران، والامارات وتركيا، لان الدول العربية جزء من الاجندة البريطانية الامريكية التي تنافس ايران وتركيا في الشرق الأوسط
حين يظهر االمشروع العربي “عجل الله فرجه”، ويكون جاهزًا ومطبقاً على الأرض ستكون العلاقات طبيعية وندية مع تركيا وايران وبريطانيا وامريكا وفنزويلا والصين وروسيا، وبلا واق الواق.. انه المهدي المنتظر، المنقذ، جودو الذي تنتظره الامه.
وسوف تأخذ العلاقة مع إسرائيل وقتها حجمها الطبيعي باعتبار إسرائيل خصماً وليس حليفاً، الامر ايضاً مرتبط بطريقة اكلك للذرة. يبدو انها نظرية يمكن تطويرها مسلوقه ومشوية!
لقد تاه المشروع العربي منذ السبيعنيات بسبب انكفاء الدولة الام (مصر) فغياب القيادة، وتطبيق قاعدة الأقرب اهم، وخاصة بعد مقاطعة الدول العربية لمصر بعد توقيع اتفاق مع إسرائيل مما مهد لكل ما يحدث الان
عُزلة طويلة لكل دولة عربية، انكفاء على الذات، والانشغال بالصراعات الداخلية ، ودائما الأقرب اهم، ومع كل هذا كان هناك تنسيق عربي مع المشروع الخارجي أي كان امريكي او إيراني او تركي لإسقاط العراق، والسودان وقلبها الصومال ثم سوريا واليمن وليبيا واليوم لبنان
ان الدول العربية لا تسقط فريسة للمشاريع الخارجية فجاة، بل على مراحل وبالأيدي الداخلية، ولا تسقط مجتمعة بل كل على حده، ففي كل دولة عربية يولد صراعاً داخلياً، ويوجد تابعون لإيران مقابل موالين لتركيا ، مع مطبعين مع إسرائيل الى جانب التابعين للمشروع الغربي البريطاني او الأمريكي، خاصة مع انقسام دول الخليج وارتهانها للمشروع الأمريكي البريطاني وقيام الصراع والمنافسة بينها على هذا الأساس، انه نوع من أنواع الاختلاط المحرم
لا يجوز الجمع بين كل هذه التحالفات في بلد واحد، هذا سبب لحرب داخلية لا تنتهي وسبب منطقي ان يبقى اليمن مثلا على شريط الاخبار بلد حرب مع انه ليس كذلك
في هذا المضمار نحتاج أولاً ان تكون الرؤية واضحه، ان توسيع الرؤية والمساهمة بتوسيع رقعتها هو الأهم ا في وجود التشويش والعبث والتضليل.
فلا يعني مواجهة المشروع الصهيوني تمجيد الإيراني ولا العكس، ولا يعني الحذر من المشروع التركي الارتماء خلف المشروع البريطاني الأمريكي
ان توضيح الوضع وتبين الفرق ، وتحليل المشكلة ، اهم مهمة للكاتب والمفكر العربي اليوم
حصة اللاعبين الكبار
الدول العربية متفرقة، لانها بلاقيادة، بلا مشروع ان حبات الذرة كل حبة في طبق ،انها ليست في عمود واحد بل انها ليست في طبق واحد
فهي مقسمة كالتالي : قطر تتبع تركيا، السعودية حليف أمريكا
والامارات هي وكيلة بريطانيا، سوريا مع ايران وروسيا، اما لبنان تتصارع فيه ايران مع البقية
في اليمن حيث لا توجد دولة بل جماعات تتبع ايران تركيا ووكلاء بريطانيا وامريكا والسعودية والامارات، في ليببا صراع امريكي تركي، وفي السودان اتجاه نحو إسرائيل مع محاولة تدخل تركي، العراق نفوذ إيراني يصارع وجود امريكي، والصومال خارج من غرفة الجراحة بجسد ممزق يعيش صراعا جديدا تركيا بريطانيا.
مصر الكبرى تخوض حرب المياة مع اثيوبيا التي تصارع بالوكالة عن إسرائيل وتتجه مصر ايضاً شرقا لتستنزف في ليبيا مع تركيا.
اليس هذا هو الوضع العربي اليس هذا وطني حبيبي الوطن الأكبر … كل قطعة لوحدة، ولكنها ليست سليمة انها ممزقة من الداخل بلا قرار
جراءة الدول العربية على اتخاذ قرار التحالف العربي الحقيقي سيحتاج أولا تغليب المصلحة الاقتصادية، والتفكير بشكل مالي، المال هو المحفز والمحرك والدافع لاعادة تشتغيل المصنع، فلعبة الشعارات القومية اثبتت فشلها
نحن بحاجه لعقول اقتصادية تفكر بطريقة نفعية، تجيد رسم خطة اقتصادية مالية ،تجمع كل القطع واللاعبيين ليلعبوا بفريق واحد، لا نحتاج المزيد من أغاني الحلم العربي، بل المزيد من المفكرين المنطقيين الواقعيين، من يقدرون التهديد الذي تخافه كل دولة عربية على حده ويتعاملون معه بمنتهي الجدية، نحتاج من يفضلون اكل الذرة المشوية بالطريقة الشعبية المعروفه وهي متراصة على عمودها الساخن
رجاء لا تقل لي بعد كل هذا انك تحب عصير الذرة…يكفينا عصر..
*بقي ان أقول لك شيئاً، ان استنتجت ان الدول العربية هي الذرة المتراصة فانت لست مخطئا ، ولكن بدلا من ان ياكلك الاخرون، قم بأكل نفسك.. وهذه ايضاً نظرية مهمة في علم الاقتصاد والتسويق.
كاتبة يمنية