ومن شر البلية ما يضحك

جمعة, 06/12/2020 - 10:31

ولأن مهازل النظام الجزائري لم تعد لها حدود ولا ضوابط بالشكل الذي بات ظاهرا للعيان أن هذا النظام قد بلغ درجة خطيرة من الإفلاس السياسي، وليتأكد بالملوس أن عقدته من المغرب جعلت منه ذلك النظام الذي لا يعرف أبجديات السياسة. ومن فرط ما أصابه من هوس أصبح فاقدا للقدرة على التمييز ليعادي المغرب بالأكاذيب والأباطيل. وآخر ما تفتقت عنه عبقرية هذا النظام أن قنصل المغرب بوهران ضابط بالمخابرات المغربية. والغريب في الأمر أن هذا ادعاء تبنته رئاسة الجمهورية التي يفترض فيها أن تعنى بقضايا كبيرة ذات بعد وتصور استراتيجي لا أن تنغمس في جزئيات. ولأنها أعلى مؤسسة في هذا النظام كان عليها أن تترفع عن الخوض في هذه الأكاذيب وأن تعطي لنفسها وقارا إن كان لها أصلا وقار تراعيه، وبالتالي كان عليها أن تبقي هذا الملف في يد وزارة الخارجية الجزائرية ليبقى محصورا في إطار القنوات التي كانت من وراء افتعال هذه الأزمة. ولربما أن الأمر يخص المغرب، فكل القضايا صغيرة كانت أم كبيرة يجب أن تتجند لها كل مؤسسات النظام الجزائري من رئاسة ووزارات وإعلام، لأن الأمر عندهم يتعلق بحرب مفتوحة ضد عدو أرادوه أن يكون المغرب ولا شيء سواه.

أما عن الادعاء بأن القنصل المغربي ضابط من المخابرات المغربية، فلا نجد في ذلك أرضية للأخذ والعطاء في بديهيات يقينا منا أن النظام الجزائري يعلم هو بنفسه أن ما يدعيه هو افتراء وبهتان. وإذا كان لديه ما يثبت هذا الادعاء عليه أن يكشف عنه للشعب الجزائري الشقيق، فهو أولى به. ولذلك فإن هدف النظام الجزائري من وراء ذلك هو ممارسة سياسة الكذب الممنهج على أشقائنا في الجزائر لجعلهم تحت تأثير وهم دائم وهو أن الجزائر مستهدفة من قبل المغرب. فهذه الخرجة الإعلامية للناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية لا يمكن فهمها إلا في إطار الإيحاء للشعب أن نظام الثكنات العسكرية قد حقق انتصارا دبلوماسيا على المغرب، وذلك أولا للتستر على الفشل الذي مني به هذا النظام في مواجهته الدبلوماسية مع المغرب، وثانيا للاستمرار في الترويج لأزمة مفتعلة لشغل الرأي العام الجزائري وإلهائه، خشية هذا النظام من استئناف الحراك الشعبي وعودته إلى الشارع هذه المرة بمنسوب قوي ما بعد مرحلة كورونا.

وقد فات هذا النظام في سياسة الترهات والأكاذيب أن يكيل ما هو أخطر من الاتهامات الرخيصة بعد ما قد أجاز لنفسه ما أجاز وأن يلصق تهمة أكبر من تلك إلى السيد القنصل وينعته برجل الموساد، كما حاول عبثا أن يستغل تواجد عشرة وزراء في الحكومة الإسرائيلية ليدعي أن المغرب وإسرائيل يخططان لضرب استقرار وأمن الجزائر وكأن الجزائر آمنة مستقرة. ولأن القاموس السياسي الجزائري مرصع بهذه المهازل، فإنني شخصيا أستغرب كيف أضاع هذا النظام هذه الفرصة لكي لا يقول عن السيد أحرضان بوطاهر أنه من يهود المغاربة زرع في الجزائر لكي يتجسس لصالح إسرائيل تحت غطاء مغربي.

والحقيقة التي يجب أن تقال للشعب الجزائري الشقيق أن نظام الثكنات العسكرية نظام أشرف على الإفلاس إن لم يكن قد أفلس. وساعة الحقيقة قد دقت. وللنظام الجزائري نقول حبل الكذب قصير، كفى من أن تجعلوا من المغرب شماعة تعلقون عليها إخفاقاتكم. فالمغرب ماض في بناء دولة عصرية ولا يلتفت إلى دولة الثكنات. حاولتم إرهاقه لكنكم أرهقتم الشعب الجزائري الشقيق. فهو شعب ابتلي بكم ولكنه قادم إليكم. وأنتم يا رجال الثكنات أشبعتم العالم بالحديث عن الحق في تقرير المصير للكيانات الوهمية، بينما الشعوب الحقيقية كالشغب الجزائري حرمتموه من الفرصة لكي يقرر مصيره بنفسه. ومهما تكالبتم فإن افتعال أزمة حول قنصل فهي قفزة نحو المجهول لن تجديكم في شيء ولن توفر لكم طوق النجاة من الغرق الذي أنتم فيه.