مغربي ينجح في "توقعات كورونا" بفضل الإحصاء والاقتصاد

أربعاء, 06/03/2020 - 12:56

يبدو أن التوقعات التي نشرها الدكتور إبراهيم منصوري، أستاذ العلوم الاقتصادية بكلية العلوم القانونية بمراكش، تتجه إلى التحقق من خلال ما تم رصده مؤخراً بخصوص تطور الحالة الوبائية لفيروس كورونا المستجد، حيث ارتفاع حالات الشفاء وتراجع أعداد المصابين.

وكانت هسبريس قد نشرت مقالاً بعنوان: "خبير يتوقع "تصفير" عدد إصابات كورونا بالمغرب في نهاية يونيو"، بتاريخ 17 أبريل 2020، أوضح فيه منصوري أن دالّة عدد الإصابات بفيروس كورونا المتحوِّر في المغرب سوف يترتب عنها بلوغ الذروة ومنحنى مسطَّح عند نهاية شهر ماي 2020، وتصفير عدد الإصابات بمتمّ شهر يونيو 2020.

ويتجلى أن توقعات الجامعي إلى حدّ الآن صحيحة، حيث يلاحَظ أن منحنى عدد الإصابات قد بدأ يتسطح فعلاً منذ نهاية شهر ماي 2020، وبدأ العدد اليومي للإصابات يأخذ منحى تنازلياً عاماً في اتجاه التصفير المنتظر عند نهاية شهر يونيو أو بداية يوليوز 2020، بالتطابق التامّ مع تنبؤاته.

وقد عاد الدكتور ابراهيم منصوري ليؤكد توقعاته الأولية في إطار ورقة بحثية ثانية نشرها باللغة الانجليزية على موقع "Research Gate International" بتاريخ 14 ماي 2020، وتحت عنوان "Determinants of the Coronavirus Outbreak in Morocco: An Empirical Analysis in Terms of Logarithmic-Exponential Bases with New Forecast Approaches".

وتكشف صحة هذه التنبؤات نجاعة الأدوات المنهجية المرتبطة بالإحصاء والاقتصاد القياسي (Statistique et économétrie)، التي عمد الباحث إلى استعمالها، مع الأخذ بعين الاعتبار طبيعة فيروس كورونا المستجدّ، خاصة بالنسبة لاحتكام تفشيه داخل المجتمع لمتتالية هندسية (Geometric Progression)، مع مراعاة تخصيص دالة لعدد الإصابات تشرحها متغيرات ثلاثة، تتمثل في الزمن المقدَّر بالترند الخطي (Trend linéaire) والترند التربيعي (Trend quadratique)، بالإضافة إلى متغير-دُمْية (Dummy Variable) يقيس مفعول التدابير العمومية التي اتخذتها السلطات العمومية منذ بداية تفشي الجائحة.

وقد انطلق منصوري في إطار ورقته البحثية من الشكل الأُسِّي (Forme exponentielle) لعدد الإصابات، ثم عَمد إلى إجراء انحدار (Régression) لعدد المصابين بفيروس كورونا المتحوِّر على الترند الخطي والترند التربيعي (Trends linéaire et quadratique)، علاوةً على قياس مناسب للإجراءات الحُكومية الهادفة إلى القضاء على الفيروس اللعين، وذلك عبر بناء متغير-دُمْية (Variable muette : Dummy) ملائم.

وبعد إجراء الاختبارات الأولية حول درجة اندماج المتغيرات وترابطها المشترك (Degré d’intégration et de cointégration)، قام الأستاذ الجامعي بتقدير نموذج قياسي لتصحيح الخطأ (Modèle à correction d’erreur) وضح فيه أن الترند الخطي يؤثر إيجابياً على عدد "المُكَوْفَدِين"، بينما يُؤدي الترند التربيعي إلى تقلصه مع مرور الوقت.

ويعني ما سلف ذكره، حسب منصوري، أن منحنى عدد الإصابات بمرض "كوفيد-19" له شكل تربيعي من فصيلة منحنى التوزيع الاحتمالي الطبيعي الغوسي (Distribution normale gaussienne)، بحيث يزداد مُعدل تغير عدد "المُكَوْفَدِين" في أول الأمر حتى يصل إلى ذروته ليبدأ بعد ذلك في الهبوط المضطرد إلى الحد الذي يصل فيه إلى تصفير عدد الإصابات بالفيروس.

وبخصوص التدابير العمومية المرتبطة بالوقاية من الفيروس وحث المواطنين على الامتثال الحازم لحالة الطوارئ الصحية والعزل الصحي، أورد منصوري آنذاك أن التقديرات والاختبارات التي اعتمدت تشير إلى أن "تلك التدابير لعبت دوراً مهماً في هذا المجال، مما مكن المغرب من تجنب انتشار سريع وفظيع للفيروس.

كما بين منصوري آنذاك أنه بعد تقدير النموذج القياسي بالاستناد إلى التحليل العصري للسلاسل الزمنية (Analyse moderne des séries chronologiques)، يجب حساب المشتقة الجزئية (Dérivée partielle) على المدى الطويل للمتغير التابع (Variable dépendante) بالنسبة للترند (t)، مع مُعَادَلة هذه الدالّة مع الصِّفر، وذلك من أجل تحديد الزمن الذي سيبلغ فيه منحنى عدد المصابين بكورونا ذروته (Pic).

وبعد إجراء الحسابات الضرورية، تبين للأستاذ الجامعي أن "المنحنى سيبلغ ذروته في اليوم الواحد والتسعين تقريباً، ابتداء من اليوم الثاني من شهر مارس 2020 الذي عرف ظهور أول إصابة بفيروس كورونا المستجد في المغرب".

وخلص منصوري إلى القول إنه "بناء على هذه النتائج الإمبريقية، ربما يفصلنا عن بلوغ أَوْج الإصابات ما يقارب خمسين يوماً، أي إن عدد الإصابات بمرض كوفيد-19 سيبدأ هبوطَهُ المضطرد المتوقع ابتداء من أواخر شهر ماي 2020".

وعن الدراسة المستخلصة من تجربتي الصين الشعبية وكوريا الجنوبية، قال منصوري إنها "توفر آمالاً وافرة على أن هبوط عدد المصابين سيتسارع أكثر مما كان يرتفع قبل وصوله إلى الأوْج؛ مما يعني أن تصفير عدد الإصابات بفيروس كورونا قد يحدث في المغرب عند متم شهر يونيو 2020 أو بداية شهر يوليوز على أكثر تقدير".

وتدفع إعادة تصفح الورقة البحثية للدكتور ابراهيم منصوري إلى الاقتناع بأن كل تنبؤاته قد تحققت فعلاً، بحيث بدأ منحنى عدد الإصابات يتسطح وشرع معدل تغيُّر العدد التراكمي للمصابين في التنازل المضطرد؛ إذ أن المنحنى يتجه فعلاً إلى التصفير، وقد يحدث ذلك بمتم الشهر الحالي أو بداية الشهر الموالي، بالتطابق التامّ مع التوقعات الأولية للباحث الاقتصادي.

ويؤكد منصوري أن "تحقق كل هذه التنبؤات لا علاقة له بالتنجيم وعالم الشّوافات المظلم"، مشدداً على أن "الورقة البحثية التي أعدها قد تفيد الجميع، ليس فقط من أجل توقع المستقبل، بل أيضاً، وعلى العموم، من أجل تعليم وتعلُّم الأدوات المنهجية الضرورية لكل بحث علمي رصين، مع العلم أن كل أداة منهجية لها نواقصها".

ويرى منصوري أن هناك حاجة لتحسين المعرفة حول الأبحاث الإمبريقية المفيدة، خاصة في العلوم الاجتماعية والإنسانية التي ما زالت تعاني من فقر منهجي واضح، مما يستوجب العمل الدؤوب في سبيل إغناء تحليل البيانات الكمية والكيفية في إطار مناهج علمية ملائمة.