الإسرائيلي يشد والأميركي يرخي.. إيران والعاصفة وأصل الحكاية

جمعة, 12/13/2019 - 09:14

الدكتور محمد بكر
توافق الخطاب الأميركي بين ” الماركين” اسبر وميلي على قاعدة ” تهدئة التصعيد” ضد إيران ، في وقتٍ وصلت فيها ألسنة النار السياسية بين دولة الاحتلال الإسرائيلي والجمهورية الإسلامية في الفترة القليلة الماضية لمستويات غير مسبوقة بالتهديد والوعيد المباشرين ومكاثرة القصف بالمقصف والتناطح بالتناطح، هو لايدلل مطلقاً على شرخٍ في الرؤى السياسية بين واشنطن و”تل أبيب”، بل هو مجرد تكتيكات سياسية هي ضرورية في مرحلة سياسية بعينها وتتطلبها لغة السياسة بين الحين والآخر.
وزير الدفاع الأميركي مارك اسبر نفى وجود نية لبلاده أن تقوم بعمل عسكري ضد إيران، وأن هدفهم هو أن تتصرف إيران كدولة طبيعية، فيما أكد رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة مارك ميلي، أن ضبط النفس هو السلوك الأميركي في المرحلة الحالية، وإن العمل العسكري سيكون بعد استنفاذ ماسماها بالسبل السياسية والدبلوماسية، فكيف تكون إيران دولة طبيعية وفق المقاسات الأميركية؟ وهي ذات المقاسات بطبيعة الحال على المستوى الإسرائيلي.
صحيح أن رفع سقف التهديد ضد طهران كان واضحاً عند المسؤولين الصهاينة في الفترة الأخيرة، وجاء في مرحلة حساسة واستثنائية يعيشها الداخل الإسرائيلي، لكن ذلك لايشكل انسحاباً من مسرح العمليات والسيناريوهات والتحالفات التي يصوغها الاسرائيلي على مستوى المنطقة، والعين مسمرة فقط باتجاه طهران، يسرائيل كاتس وزير الخارجية الإسرائيلي الذي هدد من روما بقصف إيران وبجبهة أميركية سعودية إماراتية هو يعي تماماً مايقول، وإلا كيف نفسر مسلسل التطبيع العربي وبيان القمة الخليجية الأخيرة الذي أكد على التكامل العسكري والأمني ضد عدوانية إيران ودعمها للإرهاب ،إلا لذات الأهداف التي أعلنها كاتس، وكيف نفهم تهديد وزير الحرب نفتالي بينيت للإيرانيين بأن دماءهم ستسيل في سورية التي سيحولوها لفيتنام ثانية إلا كنتيجة بدهية لمراحل ومواجهات ومعارك تصاعد فيها النفوذ والتحدي الإيراني، لجهة تواصل دعمها لحلفائها وأذرعها في سورية ولبنان والعراق واليمن، وكاثرت فيها إيران صوراً مليئة بالردع وتغيير قواعد اللعبة وهو مايشكل البعد والمسار اللامنطقي الذي عناه مارك اسبر.
تهديد المستشار في الحرس الثوري الإيراني مرتضى قرباني بأنهم قادرون على إزالة إسرائيل من لبنان دون إطلاق صاروخ واحد من إيران، وأنهم في ليلة ما، يطلب منهم المرشد فإن الاسرائيلين سيرفعون راية الاستسلام، كل ذلك وصلت مدلولاته لخصوم طهران وأضفى صورة ” الارتخاء” في الخطاب الأميركي، لكن ذلك لا يضع إيران بعيداً من عيون العاصفة التي يشكلها ويطبخها الإسرائيلون على نار هادئة ولسان حالهم يقول : قادمون، ولعل محاولة تفجير الداخل الإيراني خلال الاحتجاجات الأخيرة وتصاعد الضغوط الاقتصادية لتكون في ذروتها مثلما قال بومبيو هي فقط أول الغيث.
* كاتب صحفي وأكاديمي فلسطيني
روستوك – ألمانيا