كمال جنبلاط كم نفتقدك في يوم مولدك

أحد, 12/08/2019 - 09:17

معن بشور
في السادس من كانون الأول عام 1917، ولد كمال جنبلاط الذي أغتيل مظلوما بعد ستين عاماً في 16 آذار 1977…
وكما في كل عام يزداد شعورنا بإفتقاد تلك القامة الوطنية الكبيرة التي شكلت مع قامات مماثلة على أمتداد الوطن صورة بهية للبنان أمام أبنائه وأشقائه وأحرار العالم..
واليوم ومع دخول الانتفاضة الشعبية المباركة، رغم بعض الشوائب، يومها الخمسين، يفتقد اللبنانيون كمال جنبلاطابا روحيا للكثير من انتفاضاتهم المتعددة من أجل العدالة والكرامة والألتزام بقضايا الأمة…
اليوم يفتقد اللبنانيون والعرب قامة جسّدت في فكرها وسلوكها ونضالها جملة قيم وفضائل ، يفتقدون الأداء الوطني الجامع، والألتزام القومي الساطع، والسلوك الأخلاقي الرفيع، والرؤية السياسية الثاقبة، والشجاعة الأدبية الواضحة، والشفافية الانسانية الرفيعة، والثقافة العالمية العميقة…
بل يفتقد اللبنانيون، وشبابهم بشكل خاص، تلك القدرة الخاصة التي مكنت زعيماً “تقليدياً “من أن يجمع من حوله قوى وأحزاب وشخصيات تقدمية ووطنية وديمقراطية من مشارب وبيئات فكرية وعقائدية متنوعة من كل لبنان في إطار حركة وطنية جامعة عابرة لكل العصبيات البفيضة في لبنان…
ولعل ذكرى ميلاد كمال جنبلاط فرصة لكي نستعيد معه حواراً قد يكون مفيداً اليوم لتصويب الشعارات وتصحيح المسارات…
ففي النصف الأول من سبعينات القرن الماضي، أي قبيل الحرب المشؤومة في نيسان 1975، كان الشارع اللبناني يغلي بالمظاهرات الوطنية والمطلبية والمدافعة عن حقوق المعلمين والعمال والمزارعين والمقاومين ضد العدو الصهيوني…
وكنا في كل تظاهرة تصل إلى مجلس النواب نردد بحماس هتافا معروفاً لمن عاش تلك المرحلة:” 12…12…12 لص… و99 حرامي” فقد كان عدد الوزراء انذاك 12 وعدد النواب 99…
أذكر أنه في لقاء جمعني مع رفاق لي بالراحل الكبير في تلك المرحلة، وكان لنا دور رئيسي في تلك المظاهرات مع أخواننا ورفاقنا في الأحزاب الوطنية والتقدمية، سألنا جنبلاط بطريقته المهذبة واللياقة: “هل تعتبرونني أنا لصاً وحرامياً حسب هتافكم.. هل تعتبرون رشيد كرامي، وريمون أده ،وعبد المجيد الرافعي وعلي الخليل وفريد جبران من اللصوص والحرامية… هل تعتبرون زاهر الخطيب، ونجاح واكيم فاسدين (لم يكن يومها الشهيد معروف سعد نائباً)…
أطرقنا رؤوسنا في الأرض، خجلاً… وتعلمنا يومها درساُ لم ننسه طيلة حياتنا النضالية… وهو خطأ التعميم…. وعظمة تلك الآية القرآنية :” لا تزر وازرة وزر أخرى”…. وأدركنا انه رغم طغيان طابع الفساد والمحسوبية على مجمل الطبقة السياسية والممارسة السياسية، إلا انه هناك دائماً داخل الندوة النيابية والحكومات والرئاسات شخصيات نظيفة ووطنية قاومت قدر الأمكان الفساد المستحكم بالدولة… وقد دفع بعضهم ثمن ذلك، إخراجه من “نادي الحكم” في لبنان…
تذكرت الوزيرين الراحلين أميل بيطار وجورج أفرام، تذكرت الاخ والرفيق بشارة مرهج واستاذه في الأقتصاد الياس سابا، وتذكرت استقالة شربل نحاس كما تذكرت العديد من الوزراء، الذين خرجوا من السلطة نظيفين و انقياء محترمين ، وتذكرت طبعاً رؤساء جمهورية وبرلمان وحكومة سابقين يفتخر بهم لبنان وما زال اللبنانيون يذكرونهم بكل خير…
لم يكن ذاك هو الدرس الوحيد الذي تعلمناه من كمال جنبلاط بالتأكيد، لكن تعلمنا منه كيف يكون التزام القائد الوطني بالعروبة التحررية المعادية للأحلاف الاستعمارية والمشاريع الصهيونية، في ظل اختلال واضح في موازين القوى يومها لصالح أعداء لبنان والأمة….
رحم الله كمال جنبلاط في يوم ميلاده….
ولتكن قامته منارة تهدي لجيالنا سواء السبيل.
كاتب عربي