محرقة الإنتخاب التونسية

أربعاء, 09/18/2019 - 10:13

الدكتور نصير زرواق
انتخاب رئيس تونس القادم، سينتهي بمحرقة سياسية أياً كان الرئيس القادم في قصر قرطاج…كيف؟
إذا واصل الدكتور قيس سعد ” ملحمته” الشعبية.. باعتباره “محافظا” مستقلا، فقيها دستوريا ، مثقفا، محايدا، مستقلا عن اللّوبي الفرنسي.. فهي بهذا المعنى ستكون نهايات “مؤلمة” ولكنّها ” رائعة ” بكل المقاييس من عدة أوجه:
1- أنها ستنتهي ” بمسح ” كلي للميراث السياسي البورڨيبي، و”قطيعة” نهائية مع نموذجه ” التشويهي” للثقافة والاصالة للتونسيين.. الذي تعايشت معه تونس حتى السبسي…
2-انّها ستخرج تونس من ” كهف” المساوامات السياسية والتنازلات التي تخدم بقاء التحالف ” العلماني الإسلامي” الذي ” ميّع ” المشهد السياسي في تونس وجعل تونس تراوح مكانها في وضع يتسم ” بالسيولة” جعل مختلف اللاعبين الإقلمين والدوليين يحاصرون “القفزة” السياسية التونسية بسبب الشد والجذب الذي يخضع لمنطق مصالح هؤلاء اللاعبين على حساب مصالح تونس…
3- انه سيقضي على “الدّولة” الموازية داخل المؤسسات وبخاصة تلك الخادمة للنفوذ الفرنسي الأكثر رسوخا وتغلغلا وقوة سياسيا وماليا واقتصاديا وتجاريا وامنيا
4- ان توجه الدكتور قيس سيكون ” متناغما” مع الرئيس الجزائري القادم..وهذا ما يخدم البلدين في محاصرة المد الإرهابي ” المصطنع” في ليبيا وباقي نفوذ فرنسا في المغرب ودول الساحل…
واما الوجه الثاني ” للمحرقة” فهو نجاح فرنسا من خلال اللوبي المتفرنس في تونس في إجاد حل من اثنين ” لإزاحة” قيس سعد من الحكم في الدور الثاني، وذلك من خلال إحدى الآليتين:
– اما إخراج نبيل القروي ( ثاني المؤهلين للدور الثاني) ودعمه بكل السبل والوسائل، وذلك بتجميع التيار العلماني والوطني، وربما حتى النهضة( من خلال مفاوضات على تفاهمات ومحاصصات) لدعم القروي ومنحه اصوات مؤيدي باقي المرشحين..
– وأما تجاوز القروي في حال الحكم قضاىيا عليه، او صدور فتوى دستورية تُسقط أهليته لخوض الدور الثاني ، وذلك من خلال ” التفاهم ” مع مرشح حركة النهضة، المرتب ثالثا، لأن حركة النهضة ” تخشى” من جهة أن ” تمسح” من المشهد السياسي مستقبلا بسبب المرشحين المستقلين للمجالس، ومن جهة أخرى ” تطبّع” الحركة، كغيرها من حركات الإخوان في العالم على ” التفاوض” مع انظمة الحكم والتفاهم معها على المحاصصة والإمتيازات لتبقى في المشهد السياسي إلى جانب السلطة، وقريبة من دهاليز الحكم، لأنها باتت “عاجزة” عن العودة إلى المجتمع وبعيدة عن الشارع.. خاصة بعد أن تخلّت عن الدعوة لحساب السياسة والحكم…واقناع باقي الأطياف السياسية بتأييد مرشح النهضة.
إنه مشهد معقد، ولعبة بالغة ” التلوّث” ..لأن الطبقة السياسية التقليدية في تونس تعيش خوفا جديا، ولن تسمح لقيس بالفوز بكل السبل وبشتى الوسائل، وهنا ستجد فرنسا ضالتها لتوظيف هذا ” الخوف” من خلال بناء تحالف وطني/ اسلامي/ علماني وتمويله ومساندته بكل ما تملك حتى ” تمنع” قيس سعيد من الفوز بكرسي قرطاج الذي سيكون “كابوسا” مزعجا لفرنسا ولامتداداتها الثقافية والسياسية والاقتصادية والعلمية والتجارية داخل تونس.. وهي قضية تؤرق الإليزي وتقلق السّاسة في فرنسا..
على الجزائر توظيف كل قوتّها في المشهد الانتخابي التونسي، وترمي بثقلها خلف قيس سعيد، وتوظّف نفوذها وعلاقاتها لصالحه، وعليها ان ” تسحب” النهضة” من المخطط الفرنسي، وتسعى لإقامة تفاهمات بينها وبين قيس سعيد في أقرب وقت ممكن، واستيعابها، لافشال المخطط الفرنسي ضد قيس سعيد، لأن قيس سعيد سيكون ” حليفا ” مضمونا للجزائر إذا استطاعت الجزائر ” انقاذه” من ” المحرقة ” الفرنسية التي توقد نارها بحطب تونسي قبل اشتعالها.
إننا ” نهنيء” الدكتور قيس سعيد.. ونؤيده، ونتمنى فوزه بالرئاسة ، لأنه سيكون فخرا للطبقة المثقفة وللنخبة في العالم العربي، وعلى كل مثقف ، وكل جامعي من النخب العربية أن يعلن تأييده ومساندته للدكتور قيس السعيد، وإبلاغه ان المثقفين العرب ونخبهم معه في معركة الرئاسة حتى آخر المشوار الانتخابي، وانهم يدعمونه دون حدود.. ودون قيود