الوضعية الرابعة للقرود الثلاثة

جمعة, 02/15/2019 - 21:16

دكتور محيي الدين عميمور

توقفت منذ عدة سنوات عن الكتابة المنتظمة داخل الوطن وخارجه برغم دعوات ملحة ومتواصلة من الرفقاء وفي طليعتهم المناضل عبد الباري عطوان، وكان السبب المباشر إحباطاَ لا حدود له في المرحلة التي أسماها المناضل الجزائري الراحل: زمن الرداءة”، والتي قال عنها بأن للرداءة رجالها.

فبعد سنوات وسنوات من الجهاد بالقلم وبالمواقف العامة بدأت أحس بأننا نحرث في الماء ونكتب في الهواء ونصرخ في وادٍ سحيق لا نكاد نسمع فيه حتى صدًى لأصواتنا.

وفي الوقت نفسها تكاثرت كتابات، قد لا يعوزها حسن النية، شجعها ما أحست به من فراغ، فراحت ترتقي منابر الوعظ ومنصات التحليل لتردد ما تعرف به أحاديث المقاهي العامة وقت الفراغ، ولتقول ما لا يمكن أن يناقش إلا من باب الجدل والعناد اللغوي، وأصبح الأمر كله مثيرا للتقزز مشجعا على الابتعاد، بما وصل بي شخصيا إلى وضعية القرود الثلاثة.

وأصيبت الساحة السياسية العربية بانهيار أخلاقي على المستوى السياسي، تميز بتجبر أحمق على مستويات قيادية وبمبالاة أشد حمقا على المستويات القاعدية، وتواطأ رأس المال الطفيلي مع مراكز النفوذ السلطوي، وبما ذكرني بتعبير رهيب قال عنه مناضل جزائري يوما ونحن نحن نعيش تداعيات صفقة السلام المشبوه مع إسرائيل: كنت أظن أننا وصلنا إلى الحضيض، فاكتشفت أن لهذا الحضيض أدوارا سفلية لا يعرف أحد عددها وعمقها.

وكان أخطر ما عشته على الساحة السياسية هو أن صورة رجالات المعارضة بكل أطيافها تقريبا كانت لا تقل سوءا عن صورة السلطات التنفيذية بكل مستوياتها، فلم أسمع معارضا يقف أمام الملأ ليعترف بأخطائه، ناهيك عن خطاياه، وليسجل تراجعا أنيقا عن مواقف كانت لها تداعيات سلبية لا على مسيرته وحده بل على ممارسات الوطن كلها، لأنها وضعت المواطن أمام مقارنات كانت، في معظمها، في صالح نظام الحكم.

وقررت أن أعود للكتابة فيما بدا لي أنها قد تكون اختلاجة النفس الأخير قبل أن يغادر الجسد الفاني إلى الأبد، وفي ذهني تردد الكلمات الرائعة التي سمعها البشر منذ نحو 15 قرنا: ألا هل بلّغْت ؟

هي إذن محاولة، لست أدري كم ستطول، لممارسة النقد الذاتي في حدود الممكن والمتاح، فهذا هو الطريق الوحيد الذي أراه للخروج من ركام الأحداث ومن أنقاض الماضي، وأعتذر مقدما عن أي سوداوية يمكن أن تلف كلماتي، وعن أي سذاجة فكرية يُمكن أن تلقيني في براثنها إرادة الخروج إلى نور النهار والهواء النقي  من بئر إحباط عميق لا يوجد به دلو ولا سلم ولا جدار يسهل تسلقه.

ولن تعيدني رغبة النقد الذاتي الملحة إلى مرحلة الفتنة الإسلامية الكبرى وما نتج عنها من انزلاقات مذهبية ندفع اليوم ثمنها، دماء تراق بدون حساب وتحالفات خبيثة أعادت إلى بلادنا ما هو أسوأ من الاستعمار القديم، وما نتج عن ذلك من اختلال في القيم الاجتماعية وترويج لفتاوى دينية تصنع في مخابر سياسية بتوجيهات مخابراتية أجنبية.

ولعلي أجرؤ على القول، ودائما من باب النقد الذاتي، بأن البداية المعاصرة للانهيار بدأت منذ ما اصطلح على تسميته بالثورة العربية الكبرى، التي كان من نتائجها غير المباشرة انطلاق الصراع بين الاتجاهات الإسلامية والانتماءات القومية.

كل المبادئ الوطنية في العالم، والتعميم لا يُلغي الاستثناءات والخصائص المحلية، أدركت أن التكامل بين ما هو قومي وما هو روحي، أو ديني، هو طريق التقدم وبناء المجتمعات على أسس سليمة من الانسجام والتضامن والانضباط.

وأتوقف لحظات لأقول بأن تجاهل عامل المؤامرات الخارجية ليس أقل سوء من تحميله المسؤولية المطلقة عن انهيار الوطن العربي والعالم الإسلامي، حيث أن مخابر لعبة الأمم ليس حكاية من حكايات جيمس بوند007، بل هي فرع من كل جهاز سياسي دولي يفهم أن حدود الأمن القومي هي أبعد من الحدود الجغرافية للبلد المعني، وهو يعني في الوقت نفسه أن الحرص على أوضاع البلد المجاور هو جزء رئيسي من عملية الحرص على استقرار البلد نفسه، وبرغم كل ما يمكن أن يبدو على هذا التحليل من تناقض.

ومهمة تلك المخابر هو أن تتسرب داخل أنظمة الأمن القومي لخصومها بل ولأصدقائها وحلفائها، ضمانا لأمنها القومي نفسه، وربما كان هذا من خلفيات الجنرال شارل دوغول، وهو يستجيب لإرادة الجزائر في انتزاع حقها في تقرير مصيرها، عندما ركز الرئيس الفرنسي على محاولة خلق قوة ثالثة، لاهم من  المجاهدين ولا من العملاء لكي تضمن الجزائر المستقلة الأمن “القومي” الفرنسي”، خصوصا بعد استقلال باريس عن الأطلسي ودخولها إلى النادي النووي بجدارة.

وبغض النظر عن الحالات التي حدثت فيها انزلاقات ناتجة عن غرور القوة، كما حدث مع الرايخ الثالث على وجه التحديد فإن كل القيادات الوطنية أدركت تلك الحقيقة، وسيكون من بعض عناصرها، وبعيدا عن التفكير الشوفيني الضيق، دعم الرئيس جمال عبد الناصر لثورة اليمن، المشرفة على باب المندب، طريق قناة السويس، ودعمه لثورة العراق المحاذية لإيران “الشاه”، ودعمه لثورة الجزائر وانتفاضة المغرب وهما الجناح الأيسر للوطن العربي المواجه لأوربا الغربية، صاحبة الأطماع المستمرة في إفريقيا على وجه التحديد.

ويمكن أن نجد نفس النظرة الاستراتيجية للرئيس الجزائري هواري بو مدين في دعمه لحركات التحرير الإفريقية وفي تضامنه مع الملك الحسن الثاني إثر انقلاب الصخيرات في عام 1971، وهو ما جرّ عليه انتقادات جنرالات المقاهي في بعض مشرقنا العربي، وكذلك في رفضه الباتر للوحدة الاندماجية المفاجئة بين تونس وليبيا في 1974، التي تمت على شكل نزوة سياسية وبدون إعداد مسبق أو استشارة قيادات البلدين، والتي أطلق عليها ساخرا تعبير”زواج المتعة”

ولأن هذه ليست دراسة أكاديمية سوف يمنحني عبد الباري فيها ماجستير التفوق، أعترف بأنه ستكون هنا ثغرات سأعجز عن ملئها وأتوسل للقادرين على استكمالها أن يساهموا في هذا الجهد الذي يحاول إشعال شمعة ضئيلة تبدد بعض الظلام.

وسنلاحظ في الزفرات التي نحس بها كيف أن المسؤولية الأولى والأخيرة في الانهيار تُلقى على ممارسات “العسْكر”، وهو قول فيه الكثير من المغالطة، وإن لم يكن بعيدا عن الحقيقة إذا اتفقنا على تحليل هذه الكلمة، واكتشاف العناصر المؤثرة التي تتحكم في حركتها.

وأنا أسمح لنفسي بالقول إن هذه الكلمة يمكن أن تكون أهم عناصر الخداع التي تبتعد بنا عن التحليل السليم للأحداث والوقائع، وهو ما يُركز عليه كثيرون من أنصار التيار الإسلامي بشكل أراه أحيانا مشبوها، أو على أقل تقدير، ناظرا للأمور بعين واحدة قبل بزوغ الفجر.

فالعنصر المؤثر على الأحداث ليس صاحب الزي العسكري حامل البندقية ولكنه أنظمة المخابرات التي خلقتها النظم لحمايتها من خصومها، ولكنها تحولت شيئا فشيئا إلى صورة جديدة من صور قصة فرانكنشتاين، وهو ما كنت تناولته في هذا المنبر منذ سنوات تحت عنوان “الإنكشاريون الجدد”.

وقد وصلت قوة أجهزة المخابرات في كثير من البلدان إلى مستويات أصبحت فيها هي الأمر الناهي في كل ما يتعلق بمسيرة البلاد، وكان هذا في بدايات الأمر نتيجة ظروف الاحترام والتقدير التي خلقتها رفقة النضال الطويل.

ولقد ذكرتُ يوما بعض التفاصيل عن اجتماع عُقد بداية الثمانينيات في رئاسة الجمهورية الجزائرية لدراسة عدد من التعيينات في قطاع الإعلام، وضم الاجتماع الصديقين، العقيد (آنذاك) بن عباس غزيل، الأمين الدائم للجنة العليا للأمن والأستاذ بو علام بسايح وزير الإعلام.

وأخذ العقيد في استعراض أسماء المرشحين للتعيين، بادئا بالسيرة الذاتية لكل منهم (..) ووصل إلى نقطة تقييم الكفاءة “المهنية” للمرشح، وهنا أوقفته قائلا بأن هذه هي مهمة الوزير وليس مهمة رجل الأمن.

وفوجئت بالوزير يقول بأن الأمن يعرف أكثر مما نعرفه نحن، وبالتالي فإن علينا أن نصغي لما يقوله عمن تسند لهم أي مهام وظيفية.

ولم أقتنع، وربما كان هذا بداية نوع من الشنآن بيني وبين بعض الرفقاء في الأجهزة المعنية، لكنني كنت أرى أن مثل هذا التصرف يمكن أن يفقد صاحب القرار السياسي في لحظة ما مقدرة التحكم في القرار نفسه.

وبرغم أن هذا لم يحدث في الجزائر على الصورة المبتذلة التي عرفتها دول شقيقة فإن المناضل عندنا لم يتوقف عن إدانة التصرفات التي تهدف إلى تحويل صاحب القرار إلى مجرد دمية تسيّر عبر تقارير ليست كلها فوق مستوى الشبهات، ومنها ما ينطق عن الهوى أو يترجم حسابات شخصية.

وأنا أعرف أن تناول قضايا الأمن يثير لغطا مفتعلا نتيجة لحساسية مصطنعة يقف وراءها مستفيدون من وضعية الغموض والتعتيم، في حين أن الضوء هو أكبر حماية لأي مؤسسة وطنية، بشرط أن يكون ضوءا ينير الطريق لا نورا كشافا يعمي البصر ويوجه إلى غير الاتجاه الوطني المطلوب.

مهمة أجهزة الأمن مهمة بالغة الأهمية، ودفاعنا عن أجهزة الأمن هو من أول واجبات كل وطني يدرك أهمية الأمن والاستقرار للوطن، لكن هذا قد يتطلب حماية بعض رجال الأمن من أنفسهم، خصوصا عندما تتضخم مسؤولياتهم في ظروف معينة إلى حدّ قد يخلق الإحساس لدى بعضهم بأنهم كيان متميز عن بقية خلق الله من العاملين في خدمة الوطن، وهو ما عبّر عنه يوما صلاح نصر، مدير مخابرات الرئيس المصري جمال عبد الناصر، عندما قال متباهيا لعشيقته: “أنا قادر على أن أدفع الرئيس إلى عدم البيات في داره، بمجرد أن أقول له أن هناك محاولة اغتيال تستهدفه”.

وكان من مظاهر انحراف جهاز الأمن في مصر أن أحد قادتهم، واسمه الحركيّ الرائد “موافي”، كان متخصصا في اصطياد جميلات السينيما المصرية بتدبير أوضاع أخلاقية مُخلّة، ثم استعمالهن في الإيقاع ببعض القيادات العربية، وكانت منهن فنانة انتحرت في لندن، كان يُطلق عليها في مرحلة تألقها سندريلا.

هنا نفهم كيف انتصرت إسرائيل في 1967، وقبل ذلك، لماذا تمكن الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين من التسرب إلى أعلى المفاصل السياسية في سوريا، وبرغم أنه أعدِم عندما اكتـُشف بما يشبه الصدفة، لكن هذا لم يغير شيئا كبيرا في سلوك المخابرات الشقيقة، والذي استعرضه “دريد لحام ” في كاسك يا وطني، وراحت تواصل انحرافاتها إلى أن نجحت في العشرية الثانية من تدمير ركيزة أساسية في بناء الوطن العربي بالتعامل الأحمق مع شباب طالبوا بالحرية وبالعدالة الإجتماعية، كزملائهم قي مصر وتونس وليبيا.

ولن أتناول صورة أخرى أكثر سوءا وهي زرع بعض القصور التي اجتمعت فيها القمم العربية بميكروفونات لصالح الكيان الصهيوني، لأنها لم تكن مجرد عمليات تسلل خبيث وإنما عمليات تواطؤ أكثر خبثا، كان للسلطات المحلية ومخابراتها دور رئيسي في ذلك.

ولعل ما خفي كان أعظم.

 ويرى البعض من مظاهر الانحراف التضخمَ الأمني الذي يفتعل مبررات تكاد تكون مضحكة لتناقضها مع الواقع المعاش، ففي دراسة صادرة عن معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية – في ديسمبر 2017، ونشرت في “الفيس بوك” في يونيو 2018، جاء أن الجهاز الأمني هو جزء هام من الهيكل الأمني الفلسطيني الذي يضم 80 ألف فرد، وهو ما يساوي 44% من مجموع موظفي السلطة من العسكريين والمدنيين، وإن هذا الجهاز يستحوذ على 40% من ميزانية السلطة، وهو ما يتفوق على مجموع النفقات على التعليم والصحة.

وليست هذه هي المرة الأولى التي أتناول فيها هذه القضايا، فقد كتبت في فبراير 2008 وقلت بأن علينا أن نتفادى الخلط بين “رجال” الأمن و”جهاز″ الأمن.

وقلت: “رجال الأمن هم مواطنون يسهرون على أمن المواطن (..) وكأي مواطنين فيهم الصالح والطالح، ومنهم الكفء ومنهم غير ذلك، أما جهاز الأمن فهو، بالنسبة للمواطن العاديّ، مؤسسة غامضة معقدة، لكنها باختصار شديد جهاز بالغ الأهمية مهمته الدستورية تنفيذ قرارات القيادة السياسية في ضمان الأمن القومي، ببعده الوطني والجهوي والدوليّ، غير أنه، في العديد من الأقطار العربية، انحرف تدريجيا من مرحلة جمع المعلومات الحيوية المتعلقة بمسيرة الدولة وتقديمها للقيادة، إلى مرحلة جديدة أعطت لنفسها حق إبداء الرأي المُلزم، والتعليق على المعلومات التي تقدمها للقيادة السياسية بما يخلط بين المعلومة المحايدة والرأي الموجَّه أو الموجِّه.

من هنا تضح صحة المقارنة التي قام بها المفكر المصري الدكتور سعد الدين إبراهيم بين أجهزة الأمن ومرض السرطان، وتكامل معه المناضل المصري المعارض الدكتور أيمن نور، على ضوء دراسة ممارسات الأمن المصري.

ذلك أن عناصر ذلك المرض المدمر هي خلايا كانت تقوم بدورها مع بقية خلايا الجسم، لكنها، في لحظة ما، أصيبت بنوع من الجنون وخرجت عن سلطة النظام الذي يُسيّر حياة الإنسان، وأقامت لنفسها نظاما خاصا ينثر خلاياه المدمرة في كل أنسجة الجسم، فتمتص طاقته وتروح تعيش لنفسها على حساب حياته، ولا تخضع، كبقية خلايا الجسم، لسلطة الغدد وتعليمات الحوامض الأمينية، أي تصبح جسما داخل الجسم، على غرار تعبير : دولة داخل الدولة.

وهذا ما عرفته على وجه التحديد بلدان متخلفة تعيش مرحلة الرداءة السياسية، حيث أصبح جهاز الأمن هو المرجع الأول في كل ما يتعلق بالقرار السياسي بل والإداري، وتطور أداؤه من دوره الطبيعي في جمع المعطيات التي توضع تحت تصرف صاحب القرار، إلى السيطرة المطلقة على القرار نفسه، وتزامن ذلك بزرع عناصره، المُسيّرة بمنطق الولاء المُطلق، داخل جلّ الأجهزة والمؤسسات الوطنية، بما في ذلك الجامعات والمراكز التعليمية والهيئات الإدارية والأجهزة الإعلامية، بل وفي مجال العمل الديبلوماسي والتشريعي والقضائي.

ويمكن أن نضيف إلى ذلك جانبا تخصصت فيه بعض الأجهزة المشرقية، باستقطاب عدد من المنحرفات والمنحرفين في مستويات ليست كلها متدنية، يخضعون للابتزاز والتهديد بالتشهير، ولا تملك القيادات السياسية العليا التدخل إن وصل لها خبر ما يحدث، لأن مصلحة الوطن، كما يقول لها المُكلّف بالأمن، هي فوق كل اعتبار أخلاقي.

وواضح أنني، وأنا أكتب عن ذلك منذ سنوات، كنت أحذر من أن هذا الوضع الشاذ يسمح بدخول عناصر مشبوهة إلى ميدان العمل الوطني، لمجرد أن بعض مسؤولي الأجهزة الأمنية راضون عنهم، وهم ذراعها في السيطرة وإحكام النفوذ، وهو ما عرفناه في وضعية الثورة المضادة التي أجهضت الربيع العربي في مصر.

وواقع الأمر أن أجهزة ما، دورها هو الرقابة والإبلاغ، عندما تصبح صاحبة الرأي الأول والأخير في تعيين إطارات الدولة ومسؤوليها في مختلف المستويات والممسكة الرئيسية بالقرارات المصيرية في كل المجالات فإن المنتسبين لها يصبحون قِبلة الولاء الوظيفي، طمعا أو خوفا، لأن من ترضى عنه مُرشحٌ لِمجدِ المسؤوليات العليا ومكاسبها، مع ضمان الحماية من الخصوم والمنافسين، ومن لا ترضى عنه يُلْقى به “وراء الشمس″، طبقا للتعبير الشعبي المصري”.

وعندما يتولى السلطة من ليس أهلا للمسؤولية، ومن يمارسها لإرضاء من يولونها أمرها، يكون الفساد هو الطابع القاعدي لكل بناء.

ولأن البشرَ هم البشرُ في كل مكان وزمان، والرغبة في إرضاء القيادات العليا قد تبرر للبعض القيام بما يعجز اللسان، عفة وخجلا، عن وصفه، فإن التهرب من استعراض هذه القضايا يصبح جُبْناً لا مبرر له، لأنه خيانة للمؤسسة التي تتولى مهمة الدفاع عن الأرض وعن العِرض.

وباختصار شديد جدا، تحولت جيوش عربية إلى مجرد عصيٍّ يُخوّف بها من عصى، ونسيَ الناس الممسك بها او تناسوا أو دفعوا نحو التناسي، وأصبح التركيز على إدانة العسكر، وكانت الخطورة هي حدوث شرخ رهيب بين الجماهير وأبنائها من رجال قواتها المسلحة.

وقد يكون للحديث بقية

مفكر عربي ووزير اعلام جزائري سابق