الأكراد .. كالمستجير من الرمضاء في النار

ثلاثاء, 12/25/2018 - 22:49

الدكتور حسن مرهج

على خلفية حلم جميل تمثل للأكراد لجهة إقامة كيان مستقل و بحماية أمريكية، بدا اليوم واضحا أن الأماني التي عاشها الأكراد ما هي إلا أضغاث أحلام، و ليس بعيدا عن تواطؤهم مع واشنطن ضد سوريا، يقف اليوم اللاعب الكردي حائرا ضائعا بل و مستمرا في رهاناته الخارجية، فقد كانت واشنطن صاحبة الدور الأساسي في تغذية الفكر الانفصالي للأكراد السوريين، مستغلة بذلك حلهم القديم الجديد بكيان مستقل، يحافظون من خلاله على تراثهم الثقافي و الاجتماعي، و للمفارقة، فإن الدولة السورية كانت تُسهل لهم الكثير من الإجراءات الرامية للحفاظ على التراث الكردي، و ذلك بما يتوافق مع سيادة الدولة السورية، و الحفاظ على وحدة الأرض السورية، لكن على ما يبدو خُيل للأكراد قدرتهم على إنشاء كيان خاص بهم من خلال تنفيذ الأجندة التقسيمية في سوريا و محيطها الإقليمي.

مع بداية الحرب على سوريا سعى الأكراد و بكل وسائلهم للتماهي مع المشروع الأمريكي، مستغلين حالة الحرب التي عصفت بالدولة السورية، و كثيرة هي الأسباب التي دفعت الأكراد للتطلع إلى ما من شأنه أن يجلب لهم و لوطنهم الأم الخراب و الويلات، حيث أن داعش تمدد بالاستفادة من دعم غربي و تواطؤ خليجي، فالأكراد و بغية إرضاء الأمريكي اندفعوا و بدعم منه و تحت عباءة التحالف الدولي لمحاربة داعش، و لكن ما أُثبت لاحقا بأن داعش صنعية أمريكية يُراد منها استغلال الظروف الإقليمية و الدولية لتقسيم سوريا، فضلا عن قيام واشنطن باستغلال الأكراد لتمرير أجندتهم، و من ثم الرمي بهم في بوتقة التحالفات و المصالح الاستراتيجية، و عليه فقد كان للأكراد و من حيث يعلمون أو لا يعلمون، دورا تخريبيا و ارهابيا كـ واشنطن و داعش.

المناورة الأمريكية التي اعتمدت على استغلال الأكراد، و مد جسور الأحلام الوردية بكيان مستقل، فشلوا جميعا في لعب مثل هذه الأدوار، فالجيش السوري الذي جعل من الأحلام الامريكية الكردية تتخبط في منجزات الدولة السورية و جيشها، و اعتقدوا ولو لحظة، كما بعض حلفاء سورية، أن سوريا الدور الإقليمي المؤثر ستكون خارج اللعبة، فهُم على قدْر من الغباء، و الجدير بالذكر أن الأكراد تلقوا عرضا سورياً و روسياً لتوفير مخرج لهم من العباءة الأمريكية، عبر وضع مناطقهم تحت إدارة الدولة السورية و مؤسساتها، حتى يتسنى لدمشق و موسكو سحب فتيل العدوان الترامبي و الاردوغانية عليهم و على الدولة السورية، و اليوم يتابع الأكراد في العُمي السياسي و العسكري، عبر بناء تحالفات وهمية مع بقايا الأمريكي في سوريا، إضافة إلى طلب الدعم من فرنسا الاستعمارية و تأمين غطاء جوي لهم و دعمهم في مواجهة تركيا، في خطوة تُأكد و بدون أدنى شك، بأن الأكراد لم يفهموا اللعبة السياسية التي تُحيط بهم، و لم يدركوا بعد أنهم مجرد أدوات و أوراق سيتم حرقها في لحظة صفاء دولي و تفاهم غربي.

على الأكراد أن يدركوا بأن الرد السوري على الارهاب الأمريكي و التركي سيكون ساحقا، و على الأكراد أن ينتظروا الانتصارات التي سيحققها الجيش السوري في إدلب، حيث هناك المجموعات الإرهابية المدعومة من أنقرة، و على الأكراد أن يؤمنوا بفكرة أنهم أداة للاستخدام الإقليمي، كما أن عليهم أن يدركوا بأنهم جزء من الدولة السورية، و لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يُمنحوا ميزة تجعلهم ينسلخون من هويتهم السورية الثابتة، فهل سيدرك الأكراد اللعبة الدولية؟، و هل من المعقول أن ينطبق عليهم المثل القائل، كالمستجير من الرمضاء بالنار.

كاتب فلسطيني