لهذه الاسباب ينهار القطاع الصناعي الاردني

أربعاء, 11/28/2018 - 00:28

تمارا سمير البغدادي

   لفت انتباهي هذا الخبر بإحدى الصحف، “وتابع، “كل شيء موجود هنا، وكما نقول في ‏بلادنا (من الإبرة إلى الطائرة موجود‎ ‎‏)””؛ وهو ما علق به أحد الأشخاص عند سؤاله ‏عن معرض “إكسبو موصياد”، وكان هناك عنوان لخبر آخر بنفس الصفحة، ” ‏أردوغان: تركيا تقف بكل إمكانياتها إلى جانب المستثمرين” انتهى.؛ لا يخفى على أحد ‏أن مسيرة حزب “العدالة والتنمية” بدأت بعملية لترميم عصب الاقتصاد التركي ‏لأدراكهم وقتها بأن قوتهم بصناعتهم، فأشركوا رجال الأعمال بعملية الإصلاح وكانت ‏النتيجة مضاعفة المستثمرين وبالتالي أعداد المصانع والعاملين بها ليتضاعف الإنتاج ‏المتنوع لديهم ليصل لدرجة الاكتفاء الذاتي، فنقلوا البلاد من الأقل دخلاً ونمواً إلى الأكثر ‏نمواً؛ وهذا ليس بكلامي بل هو ما أشارت إليه البيانات “أن النمو الذي سجله الاقتصاد ‏التركي خلال الربع الثاني من العام الحالي، أظهر الأداء العالي الذي تمتع به ‏الاقتصاد.”؛ لن أنكر بأنني قد تمنيت من أعماقي  بأن يكون هذا الخبر خاص بمملكتي ‏الحبيبة ليختفي الرعب المسيطر علي منذ فتح ملف القانون المعدل.‏

   لست بخبيرة اقتصادية ولكن يعز علي أن أقف بلا حراك وأنا أراهم يدقون المسمار ‏الأخير بنعش قطاعنا الصناعي متخبطين بقراراتهم ليصيبوا عصب الاقتصاد الأردني ‏في المقتل، كيف لا ولقد وصلت قلة الحيلة بنا نحن الصناعيين إلى حد عجزنا عن دفع ‏أجور العمال بل لأكون صادقة قد وصل بنا الحال لتسريحهم ونحن نعلم يقيناً العواقب ‏الوخيمة لهذه التصرفات من زيادة بمعدلات التضخم والبطالة، لكننا عاجزين عن إيجاد ‏البدائل وسط ارتفاع تكاليف الإنتاج وزيادة الضرائب المفروضة علينا ناهيك عن تغول ‏المنتجات المستوردة وعدم قدرتنا على المنافسة لا لعيب بمنتجاتنا؛ فنحن نصدر لأكثر ‏من 120 سوق عالمي والمنتج المحلي ذو جودة منافسة بالأسواق العربية والعالمية، ‏بقدر ما أن العيب بالتشريعات التي تحميها فباتت فرص استمرارنا ونمو أعمالنا كمهمة ‏من مهمات “توم كروز” المستحيلة. كيف لا ونحن نعاني من منافسة غير عادلة بسبب ‏اتفاقية التجارة الحرة مع العديد من دول العالم؛ حيث أن معظم الاتفاقيات الأردنية تميل ‏لصالح الطرف الآخر، فتدخل لأسواقنا سلع مدعومة من بلادها وتباع بأسعار أقل من ‏كلف إنتاجها محلياً؛ كيف لا، وتشريعاتنا الحكومية غير ثابتة؛ فرض الرسوم والضرائب ‏وتصاريح العمالة‎ .‎ناهيك عن رفع أسعار الكهرباء ورفع الحد الأدنى للأجور؛ ثم يأتي ‏القانون المعدل ليقضي على آخر رمق لنا، فيزيد من حرارة المشهد الصناعي أرتفاعاً ‏بفرض المزيد من الضرائب، بالإضافة لعبء الإثبات في حال الاعتراض والتهديد ‏بالحبس في حال وجود فروقات ضريبية وإلغاء إعفاء أرباح الصادرات؛ ألا يكفينا ‏تحديات التصدير للأسواق الخارجية التقليدية وتراجع نسب التصدير لها، ليزيد القانون ‏المعدل من تحدياتنا بتصدير المنتج الوطني بفرض ضريبة على أرباح الصادرات؟؛ ‏للمعلومية يعتبر الأردن الدولة الوحيدة بالعالم التي تفرض ضريبة على الصادرات، في ‏حين أن الدول الأخرى تتخذ إجراءات من شأنها دعم وتشجيع صناعاتها الوطنية.‏

   بهذه اللحظة بالتحديد أشعر بأني قد تحولت من صناعية إلى قارئة فنجان لقطاع ‏الصناعة وأنا أخبره بأن طريقه مسدود مسدود؛ لكني لا أقوى على مصارحته بواقعه ‏الأليم، فأنا أرى بفنجانه أن العديد من المصانع ستضطر لإغلاق خطوط إنتاجها وتسريح ‏عمالها، وأنا أعي جيداً ما يعني فصل العمال وما سيترتب عليه من تداعيات وأنا لا أتكلم ‏هنا عن ما سيواجهه العامل من مصير حالك وعدم مقدرته على تأمين أبسط احتياجاته؛ ‏ولكني أتكلم عن أرقام تكشف أن من المرجح أن يخسر آلاف العمال وظائفهم وينضموا ‏لقائمة العاطلين عن العمل، مما سيكون له أثر على انخفاض القدرة الشرائية وبالتالي ‏سيتأثر باقي المواطنين سلباً وسيضطر المستثمرين لتعليق استثماراتهم؛ لأن المناخ العام ‏غير موات، ما سيهدد آلاف الوظائف الأخرى خارج القطاع الصناعي مما سيزيد من ‏فرص ردة فعل شعبوية وتحرك ضد الحكومة، لنعود لحالة القلق والخوف والترقب التي ‏اعترتنا إبان أحداث كابوس الدوار الرابع. ‏

تمارا سمير البغدادي