مـظاهـر اخـتلال التمثيل السـياسي في مـوريتانيا (تمثيل لحراطـيـن كنموذج)

سبت, 07/28/2018 - 21:33

محاضرة: الأستاذ / محمد ورزك محمود الرازكه

ان سياسة الدولة لم تبرح مكانتها منذ عقد التسعينات من حيث التمثل السياسي في الاستحقاقات الانتخابية بالنسبة للحراطين ، اذ ظل يتركز هذا التمثيل علي منظومة جيوسياسية معقلنة ودقيقة منذ نشأة كيان الدولة الموريتانية وذالك عائد الى عدة أسباب وعوامل منها ما هو اثني وجهوي وقبلي وطائفي وافتاء رجعي مع غياب سلطة الدولة او تراخيها وتبرير الأمر بيافطة التوازن القبلي أو الجهوي في المناطق التي تسود فيها عقلية القبيلة وعقيدة الهـرم الطبقي وتهــيمــن عليها نظرية التعالي وعنصرية التراتب الشرائحي وعظمة السيادة ومن شدة فحوى تجذر هذه العقليات الفاسدة تم تقسيم المجتمع الي عدة طوائف وشرائح وعلي أساسها ظل لحراطين ومن شاكلهم من الطبقات الاجتماعية المسحوقة مبعـدين عن الواجهة السياسية ردحا من الزمن ومقصيين من التـرشحات بالعـدد الذي يتناسب مع كمهم الانتخابي وهذا الاقصاء شبه متعـمد وقد جـري به العـرف السياسي طيلة عـقـود ، فمنذ الارهاصات الأولى لنشأة الدولة حتي أواخر العقد الأخير من السبعينات الا انه منتصف الثمانيات انكب لحراطين علي الدراسة بالرغم من شح الوسائل وغياب الراعية التربوية من طرف السلطات في امكان تواجدهم الجغرافي ونقاط نموهم الديمغرافي ، غير ان هذا الجهد الجهيد لم يشفع لهم ولم تجـدى الشهادات ولا الكفاءات شيءً حتي ان الولاء القبلي والسياسي زادهم طحنا وسحقا ، اما الديمقراطية الوليدة والمواطنة هجينة لم تبرح فنولوجية تابوت المكايدة السياسية ونزوات المغالطة الاجتماعية كل هذا السحـق والطـحـن يبرر بذوبان شريحة لحراطين في عقلية القبيلة والتبعية العمياء للأسياد عن طريق الاحتواء في زنزانة الولاء والجهوى أو إلآء القبلي.
إن هذه الاسباب القاهرة للحراطين جعلتهم تحت فكي كماشة الاقصاء والتهميش من اجل ان يظـلـوا تحت السيطرة والوصاية وعدم الاستكانة والخمول والتقاعس عن تحمل المسؤوليات الجسام اتجاه خدمة الــوطــن والمـواطــنيـن، لكن هذه المعوقات لا عبرة بها في ظل قوة الدولة وسيادة القـانــون فنفـوذ القبيلة او قوة الجهة او أي سلطة كانت تظل هش بالمقارنة مع نفوذ الدولة وقوة سلطة الحاكم المتمثلة في سياسة وارادة الحزب الواحد او أحزاب المعارضة او المولاة اذا ما سعــو بجــــد وحسن نية الي الرفع من مستوي هذه الشريحة التي لم تفـــق بعـد سكرات الفــقــر ولم ترفع راسها من ويلات الثلاث المخيف والمجحف -الاستعباد -والجهل –والظلم اذا ما كانت هناك إرادة وسياسية فاعلة من لدن الأحزاب السياسية وهيئات المجتمع المدني تهدف الي الرفع من مستوي التمثيل السياسي لحراطين في الاستحقاقات الانتخابية الانية ولو كلف الامر سلطة وإرادة قاهـــرة فوق الجميع من حيث الإمكانيات والوسائل اللوجستية في المقاطعات والولايات ذات الكثافة السكانية الخصبة تلبية لنداء الضمير وتأدية لواجب وطني نبيل يضمن التعايش السلمي لجميع مكونات الطيف الاجتماعي كما هو الحال في الولايات والمقاطعات ذات الكثافة السكانية من اخوتنا الولوف والسونكي والتكرور والعمل علي ترشيح لحراطين في الولايات والمقاطعات العديمة السيادة والمتحرر من سيطرة القبيلة والجهة مثل نواكشوط – روصو – ازويرات – نواذيبو.
لقد حان وقت المصارحة مع النفس بالنسبة للحراطين أولاً ومع اخوتنا ثانيا ، فكل هذه الأسباب والمعوقات عصارة ثقافة رجعية ومفاهيم خاطئة وافتراءات عنصرية وفتاوي اقطاعية وصلت الي منزلة التقديس والايمان، بل أصبحت جزء من عقيدة البعض ومرجعية من مراجع متوننا الفقهية التي ينظر البعض اليها وكأنها وحي منزل ومنزه ومن حاول التطاول عليها او دعا الي نبذه والتخلي عنها فهو مرتد وجب الوقوف في وجهه واشهار السلاح وإعلان الجهاد ضده ولو كانت سلطة الدولة أو القانون اذ لا طاعة لحاكم او رئيس في معصية الخالق حسب ما جاء في نص بعض المتون الفقهية عكس ما في الكتاب أو السنة وخير دليل على ذالك الفتاوي التالية:
فقد افتى الكثير من الفقهاء والعلماء بعدم جواز امارة أو تقديم جديد او قديم عهد بالرق " لحراطين "على الأسياد وعلى أساس هذا فقد يمنع الكثير من لحراطين من الترشح في الكثير من المقاطعات والولايات ايمانا بهذه الفتاوى ولذا نرجع اقصاء لحراطين من التمثيل السياسي الي عوامل عديدة منها على سبيل المثال مايلى:
1 – العــــــامل الإفـــتاء: ففي باب الإفتاء فقد افتى بعض الفقهاء والعلماء والأئمة والخطباء في البلد بعدم شرعية ترشح لحراطين جديد او قديم عهد " بالرق" في المناطق التي يجد بها كفء حسب ما جاء في بعض متونهم الفقهية التي يرون بعدم جواز من سبق وان مرس عليه الرق لمن لم يمارس عليه ومن هنا كانت السلطات في البلد وبعض الأحزاب السياسية ملتزمة بهذا الافتراء وعلى من يغــرب في الاطلاع على هذه الفتوي الاطلاع على جزء 12 من كتاب الدكتور يحي ولد البراء باب الرق والعتق وبعض الكتب الصفراء.
2 –العــــامــل الاقتـــصادي: تعاني شريحة لحراطين من الاقصاء المنهج والحرمان من جميع الامتيازات سواء المنضويين في احزاب المولاة وبعض أحزاب المعارضة فعلي سبيل المثال لم يستفيد أي منهم من رخص التنقيب او ترخيص الوكالات التجارية من بنوك وصرفات او دعم معـــنوي في مجال رخص الصيد التقليدي والحديث او حتى المقاولات والايــراد والتصديـــر بالرغم من ان بعض الوزراء من هذه الشريحة شغـــلوا مناصب مهمة في هذه الوزارات ويمكن الاطلاع على هذه المعلومات من خلال دخول موقع الوزارة المعنية او الجريدة الرسمية السنوية.
3 – العــــامــل الثــقافي والاجـــتماعي: تسعي الدولة جاهدة الي نزع الثقة من المثقف والسياسي الحرطاني وعدم اسناد أي وظيفة معنوية أو معتبرة اليه اذ ظلت نسبة التميل الإداري والدبلوماسي محدودة ما بين 01% الى 02 % بالإضافة الى الغياب المطلق في المؤسسات العسكرية والوزارية والبرلمانية وادارات الامن والمستشارين والمكلفون بمهام لدى رئاسة الجمهورية ورؤساء المحاكم والقضاة ومدراء الامن والمدراء الجهويين للصحة والتعليم والامناء العامون والولاة والحكام وكتاب الضبط فلم تتجاوز نسبة التمثيل فيها للحراطين حوالي 03% الى 04 % بينما وصلت نسبة التمثيل عند أطياف المجتمع الأخرى حوالي 19 % من السود الأفارقة و77% من البيض البرابرة .
4 – العــــامـــل الأتـــني و(الديمغرافي): هنا وصية مطــلـقة على لحراطـــين من طـــرف الاسياد تشبه وعـــد بالفور من حيث غوغائية القبلية المدعومة من طرف الدولة وبعض هيئات المجتمع المدني اذ نجد انه في التجمعات الحضرية او الطائفية او القبلية داخل المقاطعة يتم ترشيح جميع الشركاء السياسيين من شريحة واحدة كما هو الحال في بعض المقاطعات والولايات ففي ولاية الحوض الشرقي النعمة امرج باسكنو مثلا ...وبنفس الوتيرة في ولاية كركول مقاطعة كيهيدي ومقامة...بينما عجزت احزاب المولاة وبعض أحزاب المعارضة من ترشيح لائحة للحراطـين تجارى هذه اللوائح في اوابه والبلديات الريفية التي يشكل فيها لحراطين السواد الأعظم.
5 – العـــامـــل السياســي: تسعي الدولة جاهدة الي عدم الاعتراف بمكون لحراطين وإشراكه في الكعكة السياسية بوصفها مكونة اجتماعية لا تقل أهمية عن مثيلاتها من شرائح الطيف الاجتماعي فمن المغالطة الجمع بين الشريحة والقبيلة في كفة سياسية واحدة لان القبيلة كيان يضم عدة شرائح قد تكون مختلفة من حيث الاعــراف والعـــادات والقيم والاعراق التي تميز كلا منها ما مـــيزها عـــن غـــيرها، بينما شريحة هي جزء من القبيلة يجتمع تحت لون او حرفة واحدة.
ان سياسة الاقصاء المتبع من طرف الحزب الواحد صاحب القوة والنفوذ امر يندى له الجبين الاجتماعي وتأبى عنه عقيدة التنوع والاختلاف وتمقــته فرضيات المعاهدات السياسية بل يجب ان تكون سياسية الحزب مبنية علي التناوب أو النسبية أو المحاصة ولا مكانة لفـــرضة اخــري وخير دليل علي ذالك تغـيب لحراطين في كل المناسبات السياسية والاستحقاقية علي المستوي الوطني فعلي سبيل المثال لا الحصر في المقارنة بن نسبة ترشح لحراطين علي لوائح الاستحقاقات النيابية والبلدية منذ 1986 وحتي 2003 فلم تراوح النسبة ما بين 3% الي 5% أما في العقد الأخير من عمر الدولة فقد بلغت النسبة ما بين 05% الى 06 % عندما ظهرت أحزاب سياسية مسيرة ومرؤوسة من طرف أبناء مخلصين لهذه الشريحة وبعض أحزاب المولاة والمعارضة ذات التوجه التحرري لليبرالي بالرغم من الزيادة الديمغرافية للحراطين وبالمقارنة بين نسبة التمثيل في استحقاقات ما بين 1986 الى 2003 ومن 2008/06 /23 و 23/ 11 / 2013 نلاحظ ما يلى:

هذه النسب تقريبية
الرقم
الحزب السياسي
2007 - 2013
2013 - 2018
العمد
النواب
العدد لحراطين
الجهة
النسبة المئوية
العدد الإجمالي
01
حزب الاتحاد من اجل الجمهورية
218
218
218
89
02 / 185
01
04%
03
02
التجمع الوطني للإصلاحي(التواصل)
155
160
18
13
10 / 155
02
10%
10
03
التحالف الشعبي التقدمي
150
60
09
02
15 / 150
08
22%
15
04
حزب الوئام
103
56
04
02
15 /103
02
20%
12
05
الحراك الشبابي من اجل الوطن
97
40
05
01
00 / 97
01
02%
01
06
الاتحاد من اجل الديمقراطية والتقدم
64
40
03
01
00 /64
06
02%
00
07
حزب الصواب
38
45
01
00
00 / 38
00
00%
00
08
حزب الفضيلة
35
35
04
00
00 / 35
00
00%
00