حرب الرسائل المشفرة والمباشرة .. بين ايران وروسيا في سورية

أربعاء, 06/13/2018 - 15:04

 

منى صفوان

لن نخرج من سوريا ولو اجتمع كل العالم..الا بطلب من القيادة السورية” الرسالة الإيرانية عبر نصر الله ليست لإسرائيل، وأمريكا، حديثه في يوم القدس الإيراني- السنوي* ، رسالة واضحة لروسيا تحديدا، التي كانت  قد طرحت انه يجب خروج كل القوات غير الشرعية من روسيا .

وقتها وضح الكرملين أن المقصود هو كل القوات بما فيها إيران وحزب الله ، وهو ما استدعى الرد العنيف من  القيادة الإيرانية  بعد ايام ” بأن قواتنا شرعية ولن نخرج” كانت الرسائل واضحة، وتكرارها دليل عدن تغير الموقف. فهل هو خلاف ايراني – روسي  فيه تعارض للمصالح، ام مجرد اختلاف على شكل تمركز القوات المستقبلي في سوريا.

الامين العام لحزب الله حسن  نصر الله كرر  ذات الرسالة ،  بعد يوم واحد من حديث الرئيس الروسي فلادمير بوتين. فقد كرر  بوتين ايضا بصراحة بأن روسيا لن تغادر سوريا طالما هناك حاجة وضرورة تحددها روسيا، وليس احد سواها . والغريب ان مثل هذه الرسائل اصبح علنيا عبر وسائل الاعلام، فروسيا لمن ستوجه كلاما كهذا الا لايران.

الملفت أن اسرائيل كانت قد تحدثت قبل أسابيع عن بدء مفاوضات مباشرة وسرية بين إيران وإسرائيل في الأردن ، حول التواجد الإيراني على الحدود السورية – الإيرانية ، وقبل اسبوع قال مندوب روسيا في مجلس الآمن أن الاتفاق تم بخروج القوات الإيرانية من جنوب سوريا على حدود إسرائيل.

لكن لم يكن هناك أي إعلان من الجانب الإيراني أو حتى السوري الذي ظهر فيه وزير الخارجية وليد المعلم بعد غياب طويل يتحدث على أن القوات الإيرانية  شرعية في سوريا . وان على امريكا الانسحاب من سوريا.

وبعدها ظهر الرئيس السوري بشار الأسد ليقول انه مامن قوات إيرانية في سوريا وانهم فقط مجرد مستشارين موجودين بطلب القيادة السورية .

هذه الحرب الكلامية – العلنية بين الطرفين الروسي والإيراني تحاول فيها سوريا اللعب على المحاور، فلا تغضب ايران، ولا تعارض روسيا. وهي مهمة ليست بالسهلة.

فلقد صدر التصريح الأول من بوتين بضرورة مغادرة إيران مطلع منتصف الشهر الماضى في ظل وجود الأسد في روسيا ..وفي ظل صمت الأسد ايضا .

حيث يتحدث أمامه رئيس دولة أجنبية عمن يجب أن يغادر ومن يبقى في بلاده، وانتظر الأسد ٣ أسابيع ليظهر ويتحدث ويرد بشكل غير مباشر بعد أن انفجر الغضب الإيراني.

وهذا الاسبوع جاءت  رسالة نصر الله  او الرسالة الإيرانية الواضحة، وهو يعلم أن الضربات الاسرائيلية على مواقع حزب الله في سوريا لا تلقى اي اعتراض روسي . ان لم تكن بالتنسيق مع موسكو. لكن السؤال هل هي ايضا بالتنسيق مع دمشق، التي لن تستطيع أن تطلب من حزب الله المغادرة ، لكنها هل تقبل أن تقوم  بإسرائيل بتخفيض وتخفيف وإضعاف وجوده بطريقتها.

فقوة اي مليشيا تضعف من  الجيش السوري، ومنذ بدء الحرب في سوريا كانت العلاقات تتوتر وتتأزم من حين لآخر بين الحليفين السوري والإيراني ” حزب الله”.

حيث يريد كل طرف اظهار قوته وانه المسيطر، وانه من يقوم بالمهام القتالية ويقود المعركة. وكان جزء منها حرب إعلامية بين الإعلام السوري الرسمي، واعلام حزب الله.

حيث تظهر الحرب في الإعلام الإيراني بأن القوات الإيرانية ومقاتلي حزب الله هم من يقود المعركة في سوريا ومن خلفه الجيش السوري ..وهو الأمر الذي اغضب القيادة السورية.

وفي كثير من المواقع القتالية بعد تحريرها من الارهابيين والمعارضة المسلحة، كانت وزارة الإعلام السورية تمنع القنوات الإيرانية من دخولها وتسمح فقط للقنوات السورية  بالتواجد والتغطيه، لتكون لها الصدارة .

المنافسة الاعلامية  الخفية بين القيادة السورية وبين حزب الله وإيران،  لم تظهر كثيرا في الإعلام فهي حرب على السيادة واخذ موقع الصدارة وليس اختلاف على الأهداف. فلا خلاف حقيقي بين سوريا وإيران، خاصة ان العدو واحد.

وكما تحتاج سوريا إيران فهي تحتاج روسيا، لكنه ليس لمصلحة دمشق وجود إيران قوية في أراضيها، ولا حتى اي دولة أخرى.

لكن سوريا لا يمكن أن تطلب من ايران المغادرة بعد انتهاء الحرب، لاسباب كثيرة ، اولها أن هذا يعني تفجر صراع جديد بين إيران وإسرائيل ارضيته الاراضي السورية ، حيث ستكون منصة الصواريخ الإيرانية جاهزة لضرب اسرائيل وهو الأمر الذي ترفضه دمشق  التي لا تريد التورط بحرب أخرى مع اسرائيل،  وان كانت إيران ترغب بذلك فايران لن تتضرر.

سوريا منذ هزيمتها في أكتوبر ١٩٧٣ وخسارتها للجولان لم تدخل في صراع وحرب مباشرة مع اسرائيل ، وان كانت جزء من محور المقاومة ، إلا أنها قد لا تنوي أن تخوض حربا جديدة على اسرائيل، بعد ٧ سنوات من حربها على الإرهاب.

غير أن وجهة نظر إيران مختلفة، فمن مصلحتها البقاء في سوريا، حيث يوفر لها هذا موقع مهم في صراعها مع اسرائيل، حيث تصبح متواجدة على الحدود الإسرائيلية ، في مساحة  اكبر، وتستخدم مساحة قتالية أكبر، حيث جهزت بنيتها العسكرية اضعاف ما هو موجود  في جنوب لبنان ، وهو الأمر الذي يقلق اسرائيل ويجعلها تقوم بضرب هذه المواقع منذ  عامين ونصف.

في هذا السياق روسيا لا تريد تفجير الوضع بين إيران وإسرائيل، وتعمل كشرطي المنطقة الذي يمسك بزمام الأمور ، وخيوط اللعبة والعلاقات، ويفتح باب التنسيق العسكري مع الجميع، يسمح بضربة اسرائيلية محدودة على المواقع الإيرانية، وهو يعلم خطوط إيران الحمراء، ولايسمح لاسرائيل بتجاوزها  ، ويوافق على رد من حزب الله  ان تجاوزت اسرائيل خطوط ايران الحمراء.

روسيا تريد تهدئة المنطقة  لتتمكن من ادارة مصالحها، واداراة المنطقة، ويفهم من حديث بوتين منتصف شهر مايو في سوتشي عن خروج القوات الأجنبية ومنها الإيرانية موافقة الأسد بالصمت. وانه متوافق و الصالح الروسية في المنطقة، بعد ان اصبح لروسيا قاعدة عسكرية جديدة في حميميم بجانب  طرطروس.

فلحد الان برغم حديث “الاسد ” عن عدم وجود قوات إيرانية، الا انه لم يدافع عن تواجد ايران، فقد انكر وجودها، ولم  يرد أو يعترض على تصريحات بوتين والكرملين.

*يوم القدس الإيراني تقليد سنوي أقره ايه الله الخميني آخر جمعة في رمضان يتم فيها احياء يوم القدس، وهو من المناسبات السياسية التي يتم فيها توجيه رسائل سياسية لإسرائيل عبر المحور الإيراني عن طريق خروج المسيرات وإحياء الفعاليات- وكانت رسالة  ايران هذه المرة موجهة لروسيا، فهل نفهم من ذلك ان ايران تجد ان ما تقوم به روسيا يخدم المصالح الاسرائيلية، وان هذا سبب جوهري للخلاف بينهما.

كاتبة يمنية