المغرب : نهاية أخنوش .. من التالي ؟

سبت, 06/09/2018 - 21:42

 

عبد السلام المساتي

قلنا وكررنا كثيرا أن حملة المقاطعة، التي انطلقت قبل شهرين تقريبا، تحمل في عمقها صراعا سياسيا لا يمكننا أن نتجاهله لأنه يفرض نفسه علينا. وهو الأمر الذي ما عاد يخفى على أحد خاصة في ظل التطورات الأخيرة التي تعرفها ساحتنا السياسية. لن أتحدث هنا عن السيد الداودي الذي خرج في مظاهرة عجيبة غريبة صحبة العشرات من عمال شركة سنطرال للحليب الذين يدعون أنهم تضرروا من حملة المقاطعة التي تقصد منتجاتهم. ولكنني سأتحدث عما حدث بطنجة قبل أيام.

حقا كان الأمر صادما، ذاك الذي حدث في طنجة الخميس المنصرم حين عمد مجموعة من المواطنين إلى رفع شعارات أمام الملك تطالب برحيل السيد عزيز أخنوش. ما حدث يذكرنا تماما بما حدث قبل سنوات وبالضبط سنة 1999، أي بعد ثلاثة أشهر من تولي محمد السادس للحكم، عندما رفع مجموعة من المواطنين في حضرة الملك وبطنجة أيضا شعارات تطالب برحيل رجل الدولة القوي حينها  ادريس البصري. وفعلا تمت التخلي عن البصري مباشرة بعد ذلك.

 فهل يتم التخلي عن أخنوش أيضا؟

لا مجال طبعا للمقارنة بين المرحوم السيد إدريس البصري والسيد عزيز أخنوش، فالأول كان ينظر لنفسه بإيمان مطلق على أنه الرجل الثاني الأقوى في الدولة بعد الملك الراحل الحسن الثاني،  بينما لا أعتقد أن السيد أخنوش يفكر في ذلك حتى لأنه ببساطة دون السلطة والقدرة اللازمتين ليصبح بقوة إدريس البصري. والدليل هو ما يتعرض له اليوم من انبطاح سياسي دون أن يكون قادرا على إنقاذ نفسه وسمعته.. الفرق بين البصري وأخنوش أيضا هو أن الأول كان يروض الإسلاميين في حين الثاني هزمه الإسلاميين.

ما أقصده أننا اليوم، بكل تأكيد، أمام نقطة تحول كبرى في المشهد السياسي المغربي فما حدث ليس عاديا ولا يمكن أن يكون عاديا في أية ظرفية لأننا لم نعتد من المواطنين أن يخاطبوا الملك بطريقة مباشرة فيما يتعلق بتقصير أو بتجاوزات مسؤولينا، إذ جرت العادة على أن يتم استقبال الملك بشعارات الترحيب وتجديد الثقة والحب… لكن أن ينضاف إلى هذه الشعارات شعار يطالب برحيل وزير فنحن إذن أمام تحول عميق أُسه هو فقدان الثقة المطلقة في جميع المسؤولين ماعدا الملك.  فشعار “ملكنا واحد محمد السادس.. أخنوش ارحل” الذي تم ترديده بطنجة يعني شيئا واحدا أن السيد أخنوش قد اقترب جدا من تقاعده السياسي، وأنه خسر معركته السياسية مبكرا جدا. فوصوله إلى رئاسة حزب التجمع الوطني للأحرار في أكتوبر 2016 كان مرتبطا برهانات كبرى من بينها الفوز بالانتخابات التشريعية القادمة ومن ثم ترأس الحكومة.. إلا أن تفكير السيد أخنوش في المستقبل أنساه أن يحصن نفسه ضد مفاجآت وصدمات الحاضر لاعتقاده، ربما، أن خصومه السياسيين أصبحوا دون القدرة على منافسته. غير أن العكس هو ما حدث عبر حملة المقاطعة التي حولت السيد أخنوش إلى خصم في عيون جل المغاربة الذين وصل بهم الأمر إلى رفع شعار ارحل في وجهه وبأية طريقة.. أمام ملك البلاد.

لم يتبقى الآن إلا أن ننتظر سماع خبر إقالة أو استقالة أخنوش.. فمن التالي؟