هل ستكون زيارة “مومبيو” عود الثقاب الذي يشعل حرائق المنطقة؟

أربعاء, 05/02/2018 - 08:46

عبدالوهاب الشرفي

زيارة مستعجلة ومعتنية ومختارة يقوم بها “مايك بومبيولمنطقة” الشرق الاوسط”، فهي مستعجلة لانها تتم بعد المصادقة من ” الكونجرس الامريكي “على تعيينه وزيرا للخارجية بعد أيام فقط من هذا التعيين، وهي زيارة معتنية كونها تأتي بمصادقة عليها من الكونجرس ، كما انها مختارة لثلاث دول ذات علاقة هي المملكة السعودية والاردن و”الكيان الصهيوني”.

اول ما يميز هذه الزيارة هوانها تأتي بعد استكمال الرئيس الامريكي “ترامب” اعادة صياغة ادارته كادارة “صقور” من خلال عدد من التغييرات المتتابعة التي قام بها مؤخرا ومن بينها تعيين “بومبيو” وزيرا للخارجية ، واعادة صياغة الادارة الامريكية لتكون في غالبها من فريق الصقور يعني ان هناك قرارات قد اتخذها “ترامب” ولم يكن قادرا على اخراجها من خلال تشكيلة ادارته السابقة وسيمكنه اخراجها من خلال التشكيلة الحالية المنسجمة معه في المزاج وهوماقاله “ترامب” تعليقا على اختياره “لمومبيو” بان مزاجهما يتفق في كثير من القضايا وهذا من جهه ، ومن جهة اخرى ان الدور الذي تنفذه الخارجية الامريكية ممثلة بوزيرها الجديد “مومبيو”  في ما يتعلق بالمنطقة هوغير الدور الذي كان ينفذ من خلال الخارجية الامريكية ممثلة بوزيرها السابق “ماتيس″، وبربط الامرين يمكن القول ان زيارة “مومبيو” تأتي كاول مهمة للخارجية الامريكية تمهد للقرارات التي بسببها اجرى “ترامب” التغييرات في ادارته .

تعمل ” وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية ” على تنفيذ تصرفات على الارض هي في جزء كبير منها تتم بتجاوز القوانين والالتزامات الدولية وترتب للوصول لاهدافها بطرق تمر من تحت الطاولة بينما تتولى الخارجية تحديد المواقف الامريكية المعلنة والتي تكون ملتزمة بالقوانين والالتزامات الدولية في حال كان ذلك يصب في مصالح ” الولايات المتحدة ” او بالتحايل عليها في حال العكس وكل ذلك في الموقف المعلن ، و” بومبيو” كان يرأس ” وكالة الاستخبارت المركزية ” ويدير العمليات الاستخباراتية من تحت الطاولة وهومن فريق ” الصقور ” في الادارة الامريكية ما يعني انه بعد تولية الخارجية سيكون اكثر اندفاعا لتحقيق الاهداف المطلوبة استخباراتيا دون مرعاة لجانب صورة خروج تلك الاهداف ومدى انسجامها مع القانون اومقدار انتهاكها للقانون ، وبذلك يكون الاداء الامريكي اداءا عدائيا من تحت الطاولة وكذلك من فوقها .

قبل زيارة ” مومبيو” لمنطقة ” الشرق الاوسط ” وقبل توليه رسميا مهامه  كوزير لخارجية ” الولايات المتحدة ” كان في زيارة ” لكوريا الشمالية ” التي كان ملفها في غاية السخونة قبل تلك الزيارة ونجحت زيارته في انجاز تهدئة ملحوظة للملف ” الكوري الشمالي ”  ما يشير الى سعي امريكي لتخفف من احمالها لاعتزامها التركيز على ملفات اخرى ترى انها اكثر إلحاحا حاليا من الملف ” الكوري الشمالي ” . وتوجه ” مومبيو” بزيارة بهذه المواصفات لمنطقة ” الشرق الاوسط ” يعني ان المهام الاكثر إلحاحا هي في هذه المنطقة وقد نجح في تهدئة الازمة مع ” كوريا الشمالية ” وباشر من فوره التعاطي مع المهام في منطقة ” الشرق الاوسط ” التي تمت التهدئة مع ” كوريا الشمالية ” للتركيز عليها  .

الاداء الامريكي اوبالاصح ” الترامبي ” تجاه منطقة ” الشرق الاوسط ” هوباتجاه امن ومستقبل ” الكيان الصهيوني ” وتحت عناوين مختلفة منها عنوانين هما في واجهة الاداء الامريكي وهما عنوانين غاية في الخطورة والحساسية ومطروحا بالحاح على طاولة ” ترامب ” و” صقور ادارته ” ، وهما ملف ” الاتفاق النووي الايراني ” والمحدد اتخاذ القرار بشأنه في 12 / مايوالمقبل والذي يعمل ”  ترامب ” على اتخاذ قرار بالغائه ، وملف ” نقل السفارة الامريكية ” الى مدينة ” القدس ” بعد اعتراف الولايات المتحدة بها عاصمة ” للكيان الصهيوني ” قبل اشهر والمحدد لاقدام على هذه الخطوة في 15 / مايوالمقبل ، وبالتالي فزيارة ” مومبيو” لمنطقة ” الشرق الاوسط ” الحالية هي ضمن خطوات الترتيب لاخراج القرارين في هذين الملفين الى الوجود .

إعتناء ” المملكة السعودية ” بملف ” النووي الايراني ” معروفه وهي مشاركة للعديد من الملفات في المنطقة ودورها لاشك مطلوب ضمن الترتيبات اللازمة لاعلان القرار الامريكي بشأن ” الاتفاق النووي ” كما انها ذات علاقة بملف ” القدس ” لرمزيتها الدينية التي تفرض عليها تحديد موقف تجاه قرار ”  القدس ” والامر يحتاج لتهيئتها في هذا الجانب كذلك . ” الكيان الصهيوني ” ايضا هومعني بهذين القرارين بشكل مباشر والترتيب معه مطلوب قبل اعلان القرارات وقد ظهرت احدى ” المطلوبات ” من هذا الكيان من خلال عقد رئيس وزرائه ” نتن ياهو” بعد مغادرة ” مومبيو” الكيان الصهيوني ” مباشرة مؤتمرا صحفيا خصص ” لاعلان اتهامات مباشرة بالتطوير الايراني السري لاسلحة نووية ” ، الاردن كذلك معني بشكل مباشر من خلال احتفاظ ملكه ” عبدالله ” رئاسة ” لجنة القدس ” والامر يحتاج اخطاره وتهيئته للقرار المتخذ بشأن نقل السفارة الامريكية الى مدينة القدس وكان تصريح ”  مومبيو” اثناء زيارته للاردن ذوعلاقة مباشرة بهذا الابلاغ والتهيئة من خلال القول : ان حل دولتين هو( احتمال ) لحل شامل بين الفلسطينيين و” الاسرائيليين ” ، اي ان حل الدولتين القائم على توزيع القدس بين الفلسطينيين و” الاسرائيليين ” الذي كانت تتبناه الادارة الامريكية وجميع المعنيين بالملف الفلسطيني تقريبا بات احد ” احتمالات ” لدى الادارة الامريكية الحالية وليس الخيار الذي تعمل له كحل بينهما ، وهذي يعني اعلان تراجع للموقف الامريكي تجاه تصور الحل بشكل مباشر ومعلن لاول مرة مايعني ان الامر ليس الاعتراف ” بالقدس ” عاصمة ” للكيان الصهيوني ” وانما حتى حل الدولتين ولوبعاصمة اخرى بات احتمالا ما يعزز تصور ان الزيارة للاردن كانت بهدف الترتيبات لنقل السفارة الامريكيه الى ” القدس ” .

ستكون زيارة ” مومبيو” التي انتهت اليوم في الاردن وبدأت من السعودية ومرت ” بالكيان الصهيوني ” هي زيارة وضع ” البنية التحتية ” لقراريين مجازفين سيتخذهما ” ترامب ” وقد تكون هي الزيارة التي ستقلب منطقة ” الشرق الاوسط ” رأسا على عقب وما ”  مايو” عنها ببعيد .

رئيس مركز الرصد الديمقراطي ( اليمن ) ورئيس تحرير الغاية نيوز

alsharafi.ca@gmail.com