لن يواجهوا إيران عسكريا على ارض إيرانية.. سيحاولون تحييدها عن افساد صفقة القرن

أربعاء, 05/02/2018 - 08:44

د. محجوب احمد قاهري

احداث وتصريحات كثيرة، ملأت الدنيا ولم تقعدها خلال كامل أيام الأسبوعين الاخيرين، لها عنوانان ثابتان، الحرب على إيران ثم “صفقة القرن”.

الصهاينة والأمريكان أرادوا تخويف كل الشرق الأوسط بإيران، وذلك ابتزازا واضحا وصريحا للدول العربية من اجل تمرير صفقة القرن. واما إيران فلن يقدروا على مواجهتها عسكريا، وعلى ارضها.

الأهم، حاليا، بالنسبة الى ترامب هو فرض “صفقة القرن” على الفلسطينيين، والمسلمين جميعا، وهذه أسهل له بكثير من شن حرب عسكرية على إيران، لا يعرف حتى كيف يبدآها، وسيكون له انجاز القرن، يكتبه في التاريخ، ويوطد به حكمه الان.

صفقة القرن تحتاج الى الكثير من المتواطئين لتمريرها. وطوابير المتواطئين جاهزة، لم تعد خافية، ولم يعد هؤلاء المتواطئون يستحيون مما يفعلون. ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، قالها بكل وضوح، القضية الفلسطينية ليست في جدول اهتمامات السعوديين، وعلى الفلسطينيين قبول ما يقدم إليهم او ليصمتوا. ونسى ولي العهد بانه قبل أسبوعين فقط، أطلق والده الملك سلمان على “قمة العرب”، الخائفة من صواريخ الحوثيين، “قمة القدس″، بما يجعل القدس من أولى اهتمامات السعودية والعرب. ولم ننسى نحن بان قمم العرب ليست سوى دجل على العروبة، وما يقال فيها علنا، ليس هو ما يفعل سرا.

والرئيس محمود عباس، الذي فجأة كفر بالأمريكان، ونعت سفيرهم “بالكلب”، التقي سرا في العقبة، جنوب الأردن، ساعات قليل قبل القاء خطابه في افتتاح جلسة المجلس الوطني برام الله، بكبير المستشارين لترامب الصغير كوشنار. ولا نتوقع بان عباس التقى بكوشنار ليوبخه سرا عن التواطؤ الامريكي، وليعلمه بقرار قطعه التنسيق الأمني مع الصهاينة. فعباس هو اول من أعلن عن “صفقة القرن”، ولا شك بانه اول من سيعمل على تطبيقها.

كما ان وزير الخارجية الأمريكي، جورج بومبيو، طار الى الشرق الأوسط، للقاء زعماء حزام الأمان الصهيوني، الأردن والسعودية، ومصر في الجيب، لن يزورها الان. بومبيو، حمل معه فزاعة “الغول الإيراني”، لا ليخطط للحرب على إيران، وانما تخويفا لمن سيلتقيهم، وتحضيرا لزيارة رئيسه ترامب الى القدس بمناسبة افتتاح سفارته الجديدة، القدس التي قرر تسليمها الى الصهاينة بدون موجب حق. فزاعة “الغول الإيراني” مفعولها كالسحر، كلما اظهره الأمريكان ارتعبت فرائس زعماء العرب، فوقفوا في الطابور، خلف الصهاينة، طلبا للحماية، مقابل دافع أموال شعوبهم، وتطبيقا للتعليمات، حتى ولو لم تمسسهم إيران بالأذى.

الأمريكان والصهاينة يستغلون الوضع المتقدم الذي وصلت اليه إيران عسكريا لتخويف دول عربية كثيرة، لا لشئ الا لابتزازها وافتكاك اموالها. فدول العرب اوهن من بيت العنكبوت، فهي غير قادرة على الاستمرار الا باستنادها على الكتف الأمريكي والصهيوني. واما إيران فقد اعتمدت على ذاتها، وأصبحت قوة لا يستهان بها، تخافها امريكا ويخافها الصهاينة، ويخافها العرب.

اما دق طبول الحرب في وجه إيران، فليس سوى محاكاة لما حدث مع كوريا الشمالية. تحدث ترامب بصوت عال وهدد باستعمال “الزر النووي الأكبر” الذي يمتلكه، مما اخاف “كم جونغ اون” فسارع الى إعلانه التخلي عن سلاحه النووي وصواريخه الباليستية مقابل ضمان حياته وحكمه ودولته. ظن ترامب بان هذا سينجح أيضا مع إيران، وسترفع الراية البيضاء. الا ان إيران ليست كوريا الشمالية، فلا الجغرافيا هي الجغرافيا، ولا العقيدة هي العقيدة، ولا الرجال هم الرجال، ولا خبرة الحرب هي نفسها، ولا “كم جونغ اون” هو مرشد الثورة.

كل ما تستطيع أمريكا فعله ضد إيران هو محاولة تقويضها من بعيد، بفرض المزيد من العقوبات، او محاولة بث الفوضى من داخلها، دون ان ينسى الأمريكان والصهاينة التسلي بضرب بعض المواقع الإيرانية خارج التراب الإيراني، كسوريا، ليوهموننا بجديتهم في شن حرب عليها، وهم أعجز من ان يفعلوا ذلك. وسيظلون في انتظار الراية البيضاء الإيرانية، ولن يرونها ابدا.

في المحصلة، أولوية أمريكا هي فرض صفقة القرن، وهي خائفة من تبعات ذلك، وأكثر ما تخشاه تدخل إيران لإفسادها، لذلك اوغلت في تهديدها وعنجهيتها، لتحييدها.  ولن تشن حربا عسكرية عليها، وعلى ارضها.