نهاية رجل الضاحية الشجاع… منى واصف «متجانسة جداً»… وأنزور يرد على اتهام «الكيميائي» بفيلم سينمائي راشد عيسى

ثلاثاء, 11/07/2017 - 15:14

«لم أصدق أن لدينا أماكن فقيرة إلى هذا الحد». هذا ما قالته الممثلة السورية منى واصف لبرنامج «المختار» على إذاعة «المدينة» أخيراً. دهشتها تلك جاءت بعد زيارة قامت بها إلى حلب إثر تعيينها سفيرة لمحاربة الفقر العام 2002، على ما تقول.
لكن حينما تسأل الفنانة عمن قد يكون السبب وراء الفقر، تجيب «ما فيك تقول فلان مسؤول، يأتي الفقر، ويتبعه الجهل ثم التخلف، وهكذا يهرب الفقراء إلى الدين». هكذا، تقولها السيدة واصف كما لو أن الفقر من السماء، وكأن لا أسباب اجتماعية واقتصادية وسياسية وراءه. (ذكّرني ذلك بكلام مخرجة أفلام وثائقية سورية تجزم بأن الفقر ديّة الكسل).
حديث الفقر كان فرصة لم يفوتها المذيع ليمرر رسالته اللئيمة «حتى في أماكن النزوح هناك ولادات لا تحصى (هنا تعلق منى واصف بالقول: ما لازم)، زواج، تحرش، مشاكل اجتماعية، شو عم بيصير، مين مسؤول؟». وبالطبع هذا جواب أكثر منه سؤال، فالولادات والتحرش والمشاكل لا تحدث في المجتمع القابع تحت سيطرة النظام، إنها فقط مشاكل تخص مجتمعات النزوح!
أما الحل عند منى واصف فهو ببساطة «ما لازم»، لا ينبغي من وجهة نظرها أن ينجب اللاجئون! ذلك ليس من حقهم، إنه فقط للذين تحت سيطرة النظام، أبناء المجتمع المتجانس، الخالي من المشاكل والعقد وسائر الأمراض.
إذاً فالممثلة السورية المخضرمة تحسم موقفها لصالح مجتمع «التجانس» الذي تعيش في ظله. لا ندري كيف التبس على الكثيرين أنها اتخذت موقفاً متضامناً مع ثورة الناس في بلدها، ففي هذه المقابلة الإذاعية لا تجرؤ حتى على انتقاد «نقابة الفنانين»، تلك التي تعتبر ثكنة متقدمة من ثكنات النظام، تقول حين تسأل عن النقابة، وفما إن كانت تعاني من بيروقراطية أو أية مشاكل «النقابة مكتسب، وتكريم من الراحل حافظ الأسد للفنانين، أعطانا شيئاً ما كنا نحلم فيه. لما أثبتنا أنفسنا كفنانين نقدر أن نعمل شيئاً أتتنا هذه الهدية. النقابة بيتي وبدي حافظ عليها كتير». وتساءلت واصف، كما لو أنها جابي الضرائب والدين في ديوان النقابة «لماذا لا يدفع الفنانون الذي يعملون بمئات الآلاف ما عليهم من ديون للنقابة؟».
وأخيراً، لدى سؤالها عن وصيتها، أبدت الفنانة سعادتها بوسام منحها إياه بشار الأسد، وبما كُتب عنها إثر تسلمها الوسام.
كل ذلك بعد مدائح، وألقاب أقلّها أن الممثلة تنتمي إلى جيل التغيير والأحلام الكبرى من نيلسون مانديلا، وتحرير الجزائر، وغيرها.
حسناً أن التاريخ لا تكتبه إذاعات النظام السوري.

موت موظف

حدث ذات مرة، في واحدة من قصص الكاتب الروسي العظيم أنطون تشيخوف، أن عطس موظف أثناء عرض أوبرالي يشاهده، تلفّت حوله خشية أن يكون قد أزعج أحداً فوجد رجلاً أمامه يمسّد خلفية رأسه، محاولاً تنظيفه من الرذاذ. عرفه الموظف، فقد كان الجنرال العجوز الذي ينتمي للمؤسسة نفسها التي يعمل بها. ورغم أنه لم يكن رئيسه المباشر، فقد اعترى الموظف بعض القلق. «لقد رششتك بالرذاذ ، يا صاحب السعادة… أرجوك اغفر لي… أنا… لم يكن». ابتسم الجنرال، وأدار رأسه تجاه خشبة المسرح.
لكن الموظف لم يسترح تماماً، ولم يعد كذلك يفهم شيئاً من العرض، فقد كان على قلق. انتظر حتى الاستراحة في وسط العرض وراح يكرر اعتذاره للجنرال «آسف يا سيدي. أنا لم أقصد أن».
في اليوم التالي، وكان الموظف على خشيته من أن يكون الجنرال لم يصفح عنه تماماً، ذهب إلى مكتبه في العمل، انتظر انتهاء طابور المراجعين ليقول «أمس في المسرح، يا صاحب السعادة، لو تذكر.. «.
هكذا ظل الموظف المسكين يلاحق الجنرال من مكان إلى آخر محاولاً الاعتذار، وطالباً الصفح، إلى أن جأر الجنرال في وجهه مستشيطاً غضباً. أغمي على الموظف إثر ذلك. عاد بعدها إلى بيته مغتماً ليدس نفسه في الفراش، ويموت.
في حي السلّم، في ضاحية بيروت الجنوبية، هنالك رجل (علي شمص) بدأ يتصرف تماماً مثل موظف تشيخوف. لقد شتم، تحت وطأة الغضب، أو ربما في لحظة تخلّ، أمين عام «حزب الله» حسن نصرالله، لكنه سرعان ما ندم أشد الندم، فراح يعتذر مرة تلو المرة، صباحاً، مساءً، ويوم الخميس، ويوم الأحد، على اليوتيوب، وفي الساحة نفسها التي وقع الحدث لأول مرة، وفي مهرجان شعبي حاشد، إلى حدّ أن الرجل بات أحد نجوم اليوتيوب، والناس ينتظرون اعتذاره كل شروق مع تلك العبارة اللازمة «أعتذر من كعب صباطك يا سماحة السيد»، مع ترقّب لنهاية هذه الحكاية، من سيجأر فيها، ومن سيموت.
حزين حقاً من أجل علي شمص، أخشى عليه مصير موظف تشيخوف. أخشى عليه أن يسوح في الشوارع مردداً إلى الأبد عبارات الاعتذار تلك.
لكن ما يجب قوله أيضاً إن هذا ليس مصير شمص وحده، ما يحدث لشمص هو مصير نصر الله نفسه. يتصور المرء أن نصرالله سيعطي أوامر عاجلة بأن دعوا الرجل وشأنه، أعطوه الأوامر بألا يعتذر مرة أخرى.

أنزور يرد بفيلم

قال نجدت أنزور، المخرج السوري الموالي للنظام السوري، في مقابلة مع «سي أن أن»، إنه يحضّر لفيلم روائي طويل يحمل عنوان «رجل الثورة»، معتبراً أن من أخطر ما يواجه نظامه «اتهامنا باستخدام الكيميائي».
أنزور كتب السيناريو مع حسن م يوسف وهو يروي، بحسبه، حكاية «صحافي غير شرعي يدخل سوريا مع التنظيمات الإرهابية ليحصل على صورة قوية».
خبر «سي أن أن» يقول إن فيلم أنزور الجديد يجهد للرد على اتهام النظام السوري باستخدام السلاح الكيماوي. ولعل أنزور أكثر من يدرك، بقربه من النظام، أن نظامه استخدم الكيماوي بالفعل عدداً من المرات.
لكن كيف نفسر حرص أنزور على رد الاتهام وهو الذي برر (بل ودعا) على الملأ لضرب من أسماهم حواضن الإرهابيين بالبراميل المتفجرة؟ هل ننتظر غداً فيلماً جديداً يحاول الرد على اتهام النظام باستخدام البراميل المتفجرة!

ناجون من الرقة

من أكثر التقارير التلفزيونية تأثيراً ذاك الذي عرضته «سي أن أن» تحت عنوان «آخر الهاربين من الرقة.. النجاة من داعش تضعهم في قفص الاشتباه». يتناول التقرير شخصية الناجية من الرقة نجاح الحامد، ويتلقفها من اللحظة التي تخلع، «بشكل هستيري» على ما يصف، عباءتها السوداء، وهي تصرخ «يي بي جي»، فيما يقول التقرير إنها «تلقي بنفسها وأطفالها عند أقدام منقذيها. إنها على وجه الدقة، تركع مع أطفالها عند أقدام تلك القوات. مشهد يفطر القلب حقاً، الأطفال خصوصاً وهم راكعون على ركبهم.
تقرير ممتاز يلخص بدقائق حصار أهل الرقة، الجوع، الحصول على طعام، محاولات الداعشيين شراء القاصرات، تحدي الناس، يوميات الحصار والرعب والموت. وفي النهاية حالة الاشتباه بهم كأسر لداعش.
*كاتب فلسطيني