كتاب في سطور/الحاج ولد أحمدو

اثنين, 02/29/2016 - 00:29

كتاب : "بلوغ المأمول في الاحتفاء والاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه و سلم"

 

نقدم في هذه النافذة مطالعة لكتاب تعتمد على قراءة أولية للكتاب تركز على تقديم أهم أفكاره دون أي مناقشة تاركين النقد والتعليق للقراء.

 صدر كتاب " بلوغ المأمول في الاحتفاء والاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم"  عن قسم البحوث بإدارة الإفتاء والبحوث بدائرة الأوقاف والشؤون الإسلامية  في دبي بالإمارات العربية المتحدة لمؤلفه:عيسى بن عبدا لله بن مانع الحميري.

ويقول المؤلف في التمهيد "أن المولد معناه اللغوي:وقت الولادة أما في اصطلاح الأئمة فهو اجتماع الناس وقراءة  ما تيسر من القرآن الكريم ورواية الأخبار الواردة في ولادة نبي من الأنبياء أوولي من الأولياء ومدحهم بأفعالهم وأقوالهم.

فالمقصود من الاحتفال بالمولد هو تعظيم الأنبياء والأولياء والصلحاء مصداقا لقوله تعالى {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب}

ولاشك أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من أعظم شعائر الله قطعا وأجلها قدرا ويتأكد ذلك عند مولد نبينا صلى الله عليه وسلم حيث ورد تعظيمه في القرآن الكريم والسنة المطهرة".

ومن فوائد الاحتفال بالمولد النبوي إحياء ذكرى مولده صلى الله عليه وسلم فقد قال الحافظ السيوطي رحمه الله "إن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبي صلى الله عليه وسلم وما وقع في مولده من الآيات ... هو من البدع التي يثاب عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف".

وقد قسم المؤلف كتابه إلى أربعة فصول وتمهيد ومقدمة وخاتمة تناول في الفصل الأول:الأدلة من الكتاب والسنة وفي الفصل الثاني:تطرق للأدلة من السنة أما في الفصل الثالث:فتناول الاستدلال بالإجماع وخصص الفصل الرابع:للرد على مجموعة من الشبهات حول المولد.

الفصل الأول:الأدلة من الكتاب:

                             ومن الأدلة القرآنية التي ساقها المؤلف في الفصل الأول:قوله تعالى:{قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا} فالله عزوجل طلب منا أن نفرح بالرحمة والنبي صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم رحمة قال تعالى:{وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}.

وذكر الرحمة في الآية بعد الفضل تخصيص بعد العموم المذكور وهو يدل على شدة الاهتمام ومجيء اسم الإشارة ذلك لأكبرا لأدلة على الحض على الفرح والسرور لأنه إظهار في موضع الإضمار وهو يدل على الاهتمام والعناية.

ولذلك قال الألوسي في الآية {فبذلك فليفرحوا} قال للتأكيد والتقرير وبعد أن رجح كزن الرحمة المذكورة في الآية هي النبي صلى الله عليه وسلم قال والمشهور وصف النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة كما يرشد إليه قوله تعالى {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} وقال الرازي في قوله تعالى{فبذلك فليفرحوا} يفيد الحصر يعني يجب أن لا يفرح الإنسان إلا بذلك.

ومن الأدلة أيضا قوله تعالى:{كلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك} في هذه الآية طلب أنباء الرسل لما في ذلك من تثبيت الفؤاد وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الرسل المولد النبوي الشريف يشتمل على أنباء النبي صلى الله عليه وسلم ففي ذكره تثبيت لأفئدة المؤمنين فهو حث على تذكر ذكر المولد والعناية به .

ومن الأدلة التي جاء بها المؤلف قوله تعالى حكاية عن عيسى بن مريم{ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وءاية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين} قال صاحب روح البيان:في هذه الآية "أي يكون يوم نزولها عيدا نعظمه وإنما أسند ذلك إلى المائدة لأن شرف اليوم مستفاد من شرفها".

وهناك آية أخرى تعضد ذلك وتقويه وهي قوله تعالى متحدثا عن ميلاد عيسى عليه السلام {وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا} هذه الآية والتي قبلها وغيرهما من آيات حافلة بالإشارات إلى ميلاد المسيح عليه السلام ومدحه ومزاياه التي من الله بها عليه وهي بمجموعها شاهدة وداعية إلى الاحتفال بهذا الحدث وماكان ميلاد محمد صلى الله عليه وسلم بأقل شانا من ميلاد عيسى عليه السلام بل ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم أعظم منه  لأنه صلى الله عليه وسلم أكبر نعمة فيكون ميلاده أيضا أكبر وأعظم.

الفصل الثاني:الأدلة من السنة :

                             ومن ذلك ما أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  سئل عن صوم يوم الاثنين فقال:{ذلك يوم ولدت فيه وفيه علي أنزل}

وهذا ـ يقول المؤلف ـ نص في الاحتفال بيوم مولده صلى الله عليه وسلم ولا يحتمل غيره ولم أجد للمخالف جوابا إلا طلب الاقتصار على الصوم فقط .

وقال الحافظ بن رجب الحنبلي في هذا المعنى :"فيه إشارة إلى استحباب صيام الأيام التي تتجدد فيها نعم الله على عباده فإن أعظم نعم الله على هذه الأمة إظهار محمد صلى الله عليه وسلم وبعثه وإرساله إليهم كما قال تعالى:{لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من  أنفسهم}

فصيام يوم تجددت فيه هذه النعمة من الله سبحانه  وتعالى على عباده المؤمنين حسن جميل وهو من باب مقابلة النعم في أوقات تجددها بالشكر".

والمقصود ـ يقول المؤلف ـ الوصول بهذه الطاعة إلى محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وقد يتحقق هذا المقصود بأي وسيلة مشروعة فالوسائل لها حكم المقاصد إذا كان المقصد شرعا.

ومن الأدلة التي أتى بها المؤلف في هذا الفصل ما صح عنه صلى الله عليه وسلم في صيام عاشوراء فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسئلوا عن ذلك فقالوا هو يوم اليوم الذي أظفر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون ونحن نصوم تعظيما له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن أولى بموسى وأمر بصومه .

وفي هذا الحديث يقول المؤلف تأصيل لملاحظة الزمان والعناية به

وقد استدل ابن حجر بهذا الحديث على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف إذ قال فيستفاد منه فعل الشكر لله على من به في يوم معين من إسداء نعمة أو دفع نقمة ويعاد نظير ذلك اليوم من كل سنة والشكر لله يحصل بأنواع العبادة كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة وأي نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي نبي الرحمة في ذلك اليوم.

وقال السيوطي :وقد ظهر لي تخريجه على أصل آخر وهو ما أخرجه البيهقي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه بعد النبوة مع أنه قد ورد أن جده عبد المطلب قد عق عنه في سابع ولادته والعقيقة لا تعاد مرة ثانية فيحمل ذلك على أن الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم إظهار للشكر على إيجاد الله إياه رحمة للعالمين وتشريع لأمته كما كان يصلي على نفسه لذلك فيستحب لنا أيضا إظهار الشكر بمولده بالاجتماع وإطعام الطعام ونحو ذلك من وجوه القربات وإظهار المسرات.

الفصل الثالث:في الاستدلال بالإجماع:

                             وفيه يقول المؤلف :أما الإجماع فقد انعقد على استحسان الاحتفال بالمولد وقد استحسنه غير واحد من الأئمة المجتهدين يقول الغمام المجتهد أبوشامة المقدسي في كتابه:الباعث على إنكار البدع والحوادث " ومن أحسن ما ابتدع في زماننا ما يفعل في اليوم الموافق لمولده صلى الله عليه وسلم من الصدقات والمعروف وإظهار الزينة والسرور فإن ذلك مع ما فيه من الإحسان للفقراء إشعارا بمحبته صلى الله عليه وسلم ".

ولم نجد يقول المؤلف من إعراض على الاحتفال بالمولد من معاصري أبي شامة والملك المظفر أول من احتفل به فكان إجماعا سكوتيا على مشروعية الاحتفال بالمولد واستحسان العلماء له.

الفصل الرابع: شبهات والجواب عنها:

                                 خصص المؤلف هذا الفصل لما أثير من الشبهات حول المولد وأجاب عنها ومن ذلك :

ـ القول بأن المولد بدعة وفي الحديث  كل بدعة ضلالة والجواب عنه من وجوه

ـ الأول:المحدثات قسمان:

ماوافق الشرع وما خالف الشرع فالأول يدور بين الإباحة والندب والوجوب والثاني يدور بين الكراهة والحرمة

وتقسيم المحدثات إلى هذين القسمين هو الصواب وبه صرحت عبارات كثير من العلماء من أئمة الدين كالشافعي والعز بن عبد السلام وأبي شامة والنووي.

والعلماء متفقون على ذلك لكنهم يختلفون في التسمية فقد تسمى البدعة الحسنة بالمصلحة وأشار إلى هذا الشاطبي في الاعتصام.

ـ الثاني:البدعة في الاصطلاح:وهي ما خالفت أصلا اتفق عليه والبدعة المحدثة:هي التي جاءت على مثال سابق ولم تخالف أصلا.

ـ الثالث:أن عدم الدليل ليس بدليل والاعتماد على المجهول مردود.

ـ الرابع :مفهوم حديث {من أحدث في أمرنا هذا... الحديث} يخصص منطوقه ومنطوق

الحديث {من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد}

فيكون مفهومه" أي مفهوم المخالفة "هو:من أحدث في أمرنا هذا ما هو منه فليس برد فلم يقل أحد أن جمع القرآن وإرساله إلى الأمصار وبناء المدارس ووضع العلوم والتهجد جماعة من البدع المذمومة .

ـ الخامس"صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:{من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها}

والحديث يقول المؤلف عام لأن النكرة في سياق الشرط تفيد العموم وهذا متفق عليه.

ـ السادس:ترك الاحتفال بالمولد من الصحابة لا يعني تحريم أو كراهة الاحتفال بالمولد ولم يقترن بنهي أو غيره فغاية ما فيه هو جواز الترك للاحتفال فقط.

وقد قال الله تعالى:{وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} ولم يقل ما تركه فانتهوا عنه فالترك لا يفيد التحريم.

والله أعلم بالصواب إليه المرجع والمآب.

وختم المؤلف كتابه بقصيدة له تحت عنوان:نفحات الوفاء في عيد المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول فيها:

رسول الله جئت اليوم أسعى       على شوق من الأحشاء شعا

فلا عجبا فإن الفضل منكم         يراعي خاطرا للود يرعى

وهي قصيدة طويلة يمكن الرجوع إليها.

                                                     ولله الأمر من قبل ومن بعد