الشباب وجحيم البطالة / ون ولد الشيخ ولد بكو

أربعاء, 03/18/2015 - 12:45

لبطالة مشكلة اقتصادية ، كما هي مشكلة نفسية ، واجتماعية، وأمنية ، وسياسية ، وجيل الشباب هو جيل العمل والإنتاج ،لأنه جيل القوة ، والطاقة ، والمهارة ، والخبرة .فالشاب يفكّر في بناء أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية بالاعتماد على نفسه ، من خلال العمل والإنتاج ، لا سِيَّما ذوي الكفاءات ،

والخِرِّيجين الذين أمضوا الشطر المهم منحياتهم في الدراسة والتخصص ، واكتساب الخبرات العملية.كما ويعاني عشرات اﻵلاف من الشباب الموريتاني من البطالة ، بسبب عدم وجود سياسة واضحة لتشغيل الشباب والفسادي اﻹداري والرشوةوالمحسوبية وعدم نزاهة مسابقات التشغيل إن وجدت ،رغم ما تزخر به البلاد من الخيرات ،وقلة السكان ، ومن جهة اخرى عدم توفّر الخبرات ، لتَدنِّيمستوى التعليم .وتؤكّد الإحصاءات أنَّ هناك عشرات اﻵلاف من العاطلين عن العمل من جيل الشباب ، وبالتالي يعانون من الفقر والحاجة والحرمان ، وتخلف أوضاعهم الصحية ، أو تأخّرهم عن الزواج ، وانشاء الأسرة ، أو عجزهم عن تحمُّل مسؤولية أُسَرِهِم .أضرار البطالة تفيد الإحصاءات العلمية أنَّ للبطالة آثارها السيئة على الصحة النفسية ، كما لها آثارها على الصحة الجسدية ، إنَّ نسبة كبيرة منالعاطلين عن العمل يفتقدون تقدير الذات ، ويشعرون بالفشل ، وأنهم أقلُّ من غيرهم .كما وُجِدأن نسبة منهم يسيطر عليهم الملل ، وأنَّ يقظتهم العقلية والجسمية منخفضة ، كما أن البطالة تُعيق عملية النمو النفسي بالنسبة للشباب الذين ما زالوا في مرحلة النمو النفسي.كما وجد أن القلق والكآبة وعدم الاستقرار يزداد بين العاطلين ، بل ويمتد هذا التأثير النفسي على حالة الزوجات ، وأنَّ هذه الحالات النفسية تنعكس سلبياً على العلاقة بالزوجة والأبناء ، وتزايد المشاكلالعائلية .وعند الأشخاص الذين يفتقدون الوازع الديني ،بسبب التوتر يقدم البعض منهم على الانتحار ،وأعمال إجرامية وقتل وتطرف مفرط وكره لدولته ومجتمعه اللذان لم يقدمان له أي شيئ.ومن مشاكل البطالة أيضاً هي مشكلة الهجرة ، وترك الأهل والأوطان التي لها آثارها ونتائجها السلبية .والسبب الأساس في هذه المشاكل بين العاطلين عن العمل هو الافتقار إلى المال ، وعدم توفّره لِسَد الحاجة ، إن تعطيل الطاقة الجسدية بسبب الفراغ ، لا سيما بين الشباب الممتلئ طاقةوحيوية ، ولا يجد المجال لتصريف تلك الطاقة ، يؤدِّي إلى أن ترتدَّ عليه تلك الطاقة لتهدمه نفسياً ، مسببة له مشاكل كثيرة .وتتحول البطالة في كثير من بلدان العالم إلى مشاكل أساسية معقَّدة ، ربما أطاحت ببعض الحكومات ، فحالات التظاهر والعنف والانتقام توجَّه ضد الحكّام وأصحابرؤوس المال ، فهم المسؤولون في نظر العاطلين عن مشكلة البطالة، إن الحاجة والفقر يسببان الكآبةوالقلق وعدم الاستقرار ، وما يستتبع ذلك من مشاكل صحية معقَّدة ، كأمراض الجهاز الهضمي ، والسكر ، وضغط الدم ، وآلام الجسم ، وغيرها .والبطالة هي السبب الأوَّل في الفقر والحاجة والحرمان ، لذلك دعا الإسلام إلى العمل ، وكره البطالة والفراغ ، بل وأوجب العمل من أجل توفير الحاجات الضرورية للفرد ، لإعالة من تجب إعالته .العلاج ولكي يكافح الإسلام البطالة دعا إلى الاحتراف ، أي إلى تعلّم الحِرَف ، كالتجارة ، والميكانيك ، والخياطة ، وصناعة الأقمشة ، والزراعة ، وإلى آخره من الحِرف .ولقد وجَّه القرآن الكريم الأنظار إلى العمل والإنتاج ، وطلب الرزق ، فقال تعالى : فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) الملك 15 .وقال أيضاً : (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ) الجمعة 10 .واعتبر الرسول الكريم ( صلى الله عليه وسلم) العمل كالجهاد في سبيل الله ، فقد رويعنه ( صلى الله عليه وسلم ) قوله : (الكَادُّ عَلى عِيَاله كالمُجاهد في سَبيلِ الله، والكرامة الشخصية بالعمل والإنتاج ، والابتعاد عن البطالة والكسل .ومن أولى مستلزمات العمل في عصرنا الحاضر ، هو التأهيل الحِرَفي والمِهَني ، واكتساب الخبرات العملية ، فالعمل يملأ الفراغ ، وينقذ الشباب من الأزمات النفسية ، ويُلبِّي له طموحه في توفير السعادة ، وبناء المستقبل .وكم تجني الأنظمة والحكومات لا سيما الدول الرأسمالية ، والشركات الاحتكارية ، على أجيال الشباب في العالم الثالث ، باستيلائها على خيراته وثرواته ، واشعال نيران الحروب والصراعات والفتن ، واستهلاك مئات المليارات بالتسليح والاقتتال ، مما يستهلك ثروة هذه الشعوب ، ويضعها تحت وطأة البطالة والفقر ، والتخلف والحرمان .يجب على الدولة أن تعتمد سياسة جديدة للتشغيل ونبذ هذه العادات البدوية البائدة من رشوة ووساطة إلخ.. ويجب على الجميع التسلح بالوعي السياسي والاجتماعي ، ونعمل على استثمار ثرواتنا ، وتنمية الإنتاج والخدمات لأجيال الحاضر والمستقبل .