أي مستقبل ينتظرنا (2)؟ / اسغير ولد العتيق

ثلاثاء, 11/24/2015 - 18:42

إذا أبحرنا في مضمون هذا العنوان لتتبع الآثار و الانعكاسات السلبية لمر دودية عائدات البلد الاقتصادية على الحياة المعيشية للسكان فإن الأقلام تجف والأوراق تنفذ دون أن نستوفيه حقه،دلك أن تعدد واختلاف تنوع الثروات والموارد الاقتصادية الموريتانية المعدنية   " السياحية، النفطية ،الزراعية،

، المائية، الحيوانية السمكية إضافة إلى وجود موارد أخرى  لم تكتشف بعد حسب الدراسات والبحوث الجيولوجية  دون آن أنسى القوة المائية المولدة للطاقة الكهرومائية ثم الطاقة النظيفة الشمسية ،هذا بالإضافة للإعانات الأجنبية والتحويلات ،الضرائب والرسوم وموارد أخرى.. كل هذا وأكثر لم يؤمن للموريتاني ابسط وادني الرتب العالمية للعيش الكريم حتى ولو على مستوى درجة مواطني دول الجوار "المغرب،تونس،الجزائر والسينغال"التي تعتمد اقتصادياتها في الغالب على مصادر أقل بكثير مما نمتلك نحن من مقدرات أقلها مرد ودية موقعنا الجغرافي.
إن الآثار الإيجابية للنمو الاقتصادي على حياة السكان ،لا تحتاج لحملات دعائية ولا للبحث عن أدلة لأنها ستكون أوضح من ضوء الشمس في كبد السماء وبالتالي فهي مقنعة بذاتها غنية عن الدعاية التي ليس لها من هدف غير التغطية على عجز وفساد السلطة وعدم قدرتها على الاستجابة الفورية لحل مشاكل السكان المتمثلة في الحاجة  لماء الشرب لكهرباء دائمة ،لغذاء ،لدواء،لسكن،لنقل،لتعليم، لبنى تحتية عصرية بما يتطلب ذلك من وسائل وإمكانات مادية..
لا يمكن الحديث عن نهضة اقتصادية في ظل تردي مردودية قطاع الخدمات الذي يمثل مقياسا لدرجة تقدم الدول كالتعليم النوعي والمجاني والمواكب للحداثة،ورعاية صحية سريعة الاستجابة لمكافحة الأوبئة والكشف عن الأمراض سريعة الانتشار،وسائل نقل ومواصلات تتماشى مع العصر مطارات ،جسور وطرق سريعة تتلائم و الحجم المتزايد للسكان ،سكن لائق في مدن عصرية عمودية الامتداد، لصرف صحي وفي قمة الهرم التشغيل والغذاء .
لا يخفى على أحد ارتفاع قمة منحنى فقر السكان،تردي مستوى معيشتهم الغذائية، حيث يقبع ما يزيد على نصف الأسر الموريتانية تحت مستوى خط الفقر والبعض الآخر يعتمد على دخل عرضي أو راتب هزيل هو الأدنى في شبه المنطقة . فلا غرابة إذا اشتكى ارتفاع أسعار مواد الاستهلاك، جمود الرواتب والأجور،ضيق سوق العمل ورد ائته انعدام فرص التشغيل ضعف قيمة العملة الوطنية .
إن مستوى الرفاهية يقاس بجودة الخدمات والسهر على صيانتها وتطويرها طرديا مع متجددات الحاجة  في أربا وأمريكا ومن في فلكهم يحدد مستوى عيش الفرد بالمتوسط كأدنى رتبة بينما في إفريقيا وبلدنا بصفة خاصة فالحالة من سيئ إلى أسوء بالنسبة لتسعة أعشار السكان. 
، لذلك لا استغرب ظهور مجاعة وتفشي امراض سوء التغذية في هذه الولاية او تلك ولا انحراف مجموعات من الشباب ولا حتى التحاقها بمنظمات الجريمة العابرة للحدود كتجارة المخدرات والمؤثرات العقلية والأسلحة وغيرها مما منع دوليا واخلاقيا.ويكفي لتدهور الاقتصاد الوطني حتى ولو لم يواجه أي خطر،حجم الفساد الذي عرف و يعرف  ،قبل وبعد هبوط أسعار الذهب والحديد، وما ارتفاع المديونية الخارجية التي وصلت  80في المئة من الناتج الخام المحلي  إلا دليلا قاطعا على سوء التدبير والتسيير حيث عم الفساد  كل القطاعات وانتشرت الرشوة ،و استفحل التلاعب بالثروة الوطنية التي تم تحويلها إلى قطعان إبل  وقصور ومنتجعات هنا وهناك وعابرات الصحاري و تسديد فاتورات الفنادق العالمية والرحلات الكرنفالية .
      في مجتمع هش البنية ضعيف التكوين ،قليل المعارف سطحي التعامل والمعاملات كثير التمايز  محب للتميز،فقير إلى درجة التنافس على الرتبة الأولى عالميا في الفقر وسوء الحال تكون كل احتمالات زواله واردة إذا استمر في التحسن نحو لأسوء:
- إما احتكاكات وتصدعات وصراعات أهلية  داخلية على غرار ما وقع في جل الدول الإفريقية لأسباب اقتصادية متمثلة في الغبن والحرمان والحذف والإقصاء..
- انتفاضة شعبية يؤطرها الجياع المظلومين ،المهمشين، المنسيين ،تقتلع جذور النظام وتنتزع الحقوق وتشرع في إعادة بناء وتأسيس الدولة على المبادئ والأسس الديمقراطية .كما هو حال بلدان كانت أكثر منا مالا وقوة ،عددا وعدة،صلابة وصمودا،في وجه عاتيات الزمن ،ليبيا الغنية بالبترول ،سوريا القوية ،العراق مهد الحضارات ودول افريقية أخرى كلها أصبحت في خبر كان وأختها أصبح ،نتيجة لظلم السلطة وغياب العدالة
       إن الحس بضرورة العدالة هو القدرة على فهم واستيعاب حقوق الآخرين واحترامها والاعتدال في معالجة المظالم والالتزام برفع الظلم وتساوي الفرص وبعث الروح في المؤسسات لتكون عادلة دونما تمييز عرقي أو لوني أو على أساس رتبة اجتماعية لإزالة المعوقات والفوارق الاقتصادية والاجتماعية أمام الجماعة المحرومة لخلق روح الشعور بالتضامن والانسجام والوحدة في سبيل بناء ثقة مشتركة وإيمان راسخ بضرورة وإلحاح هذه الوحدة الموصلة لتأسيس دولة المواطنة التي سيستجيب الفرد فيها تلقائيا وعفويا لقبول القرارات الديمقراطية ومخرجات الأحكام المتعلقة بالإدارة عموما والقضاء خصوصا التي بموجبها ينال الفرد حصته على معيار التفاوت في المواهب والكفاءات والاستعداد والخدمة والتضحية والتفاني في سبيل إنجاح المشروع ّ"العام الدولة"ولا تقتصر العدالة على نيل الحقوق والاعتراف بها بل إن الجانب المتعلق بالجزاءات العقابية الردعية قد يكون أهم في بعض الأحيان بصرف النظر عن العرق أو الانتماء السياسي.
  
لا يمكن معالجة مشكل العبودية " الوحدة الوطنية "بمعزل عن باقي المجالات الأخرى السياسية والاقتصادية والثقافية، لأن معالجته يجب أن تكون شاملة وواقعية ومتكاملة .. في إطارها  الثقافي والتاريخي،والجغرافي ،والسسيولوجي الطبيعي، لتكون الوحدة في خدمة المجتمع، والمجتمع في خدمة الوحدة،ومن ثم يحدث التفاعل والتواصل أفقيا لا عموديا، بمعنى  أنه لابد من الارتكاز على فلسفة اجتماعية ،اقتصادية،سياسية وديمقراطية واضحة تنطلق من حاجات الأمة  - الدولة - وتستجيب لمتطلباته.. فلسفة تتسم بالاستقلالية،وتنطلق من مرجعية فقه المرحلة في علم السياسة  السسيولوجي والانتربولوجي لتحقيق أهداف  مشروع الوحدة الوطنية وقيم ومثل ومبادئ  الديمقراطية.إذ لا مكان للعبودية في دولة القانون ولا مكان للعنصرية والتمييز والمراتب الاجتماعية والسياسية في دولة يراد لها أن تكون دولة مواطنة.
-يتواصل- في العدد القادم حول الأزمة الاجتماعية والأمن