النفاق السياسي والإسلام الإرهابي.... محمد عاليون صمبيت

أحد, 11/22/2015 - 22:51

من يعيش عالمنا اليوم يدرك حجم التناقضات الموجودة على كافة الأصعدة , فلم يعد بالإمكان رأية الأمور على حقائقها بقدر ما صارت الأشياء تقدم إلينا في شكل ملفوف من تحت الطاولات لا يراد لنا سوى تقبلها بالصيغة التي خطط لها آخرون وأوجدوها بها.

 هل أتاك حديث العالم قبل أسبوعين تقريبا عن ما حدث في العاصمة الفرنسية باريس , كل من عليها تهمة عدى الغربيون , وكل من سواهم يبادر بتبرأة نفسه وماله وعياله قبل دينه ومن رؤى تلك البرقيات السريعة كالبرق وتضامن وصل حد ارتداء العلم الفرنسي وإنشاد نشيدهم والصلاة عليهم وما يشا كل ذلك مما يدل على وجود خلل وتدجين لنا لمصلة الآخر .

للوهلة الأولى يأتي على ذهن المشاهد أن ما حدث كان لأول مرة في التاريخ يحدث وأنه كان ضد فصيل يختلف قيمة ومعنى عنا , ولا نريد من هذا المنطلق التبرير لأي عدوان إرهابي إنما نريد العقل والتعقل والإدراك والتفهم . إن فرنسا نفسها مدينة للجزائر بمليون شهيد لم تظهر من الاحترام لهم بعد الممات حتى ما تستحق عليه الاحترام والتقديس من قبل الأباطرة الاستعماريين (أمريكا وباقي الدول الغربية ) ولا من لدن عبيدهم الجشعون ( دول العالم الثالث العربإفريقية والبقية ) أحرى أن تصل مرحلة التبجيل والتقديس , ونفس الدين لا زالت مطالبة به لمصلحة الفيتناميين وربع قارة إفريقيا اليائسة . ولما كانت العدالة لا تطلب نفسها ولا ترجى لذاتها كان على معسكر النفاق الدولي إنصاف أمم وقعت بالأمس ضحية النفاق السياسي بعد الإرهاب الاستعماري . وحري بحكومات الدول المسيْرة الخروج عن السيطرة وإدراج الاستعمار البائد ضمن لا ئحة الأحداث الإرهابية الأشنع وبالتالي في اللائحة السوداء التي يخشون هم الاندراج فيها من قبل سادتهم الغربيون, فلو أنهم يعودون بالذاكرة بذهن صافٍ من شوائب البترول وحقول الغاز والدولارات النتنة من دماء قتل مواطنيهم لأدركوا حقيقة لا مراء فيها هي أن الاستعمار بأشكاله المختلفة كان سببا رئيسيا لما سمي من لدن الغالب بالإرهاب ولم تكن المقاومة سوى نتيجة حتمية للتعسف والظلم , وربما يغيب عن أذهان مصاصي دماء شعوبهم أن مصطلح الإرهاب ظهر أول ما ظهر في فرنسا غير بعيد في ثنية حربها الأهلية في القرن الثامن عشر , وعليه يكون أي دين والدين الإسلامي بالذات براء من مثل هكذا فعل وبعيد من هكذا وصم .. ((لا إكراه في الدين )) ((من شاء فاليؤمن ومن شاء فاليكفر ))... هي آيات كريمة من رب رحيم سميع عليم تدحض فكر أصحاب الفكر الأعرج وتلغي أي وصاية لهم على الإسلام , وترديهم في حسرة من أمرهم ليبحثوا لأنفسهم عن الخلاص من هواجسهم النفعية التي يحاولون كبتها واستغلال الدين من أجلها ... لا يوجد إرهاب إسلامي إنما صفة إسلام خاطئة تقمصها آخرون وبالتالي تكون تلك الصفة الجزئية التي لا تمثل سواهم هي الإرهابية في ذاتها وتلغي أي علاقة لها بالإسلام بالتعريف , وهنا نصطدم بإشكالية الدين والتدين حيث أن طرق التدين أحيانا تجني على الدين أمورا لا علاقة له بها . عند ما نتحدث عن الشريعة السمحاء فلسنا ملزمين ضرورة للحديث على شكل تبرئة لها للآخر فهي بريئة بالأساس وهذا ما يجب أن ندركه لكي يعيه غيرنا , كما على تلك الوجوه المتخفية التي ليست سوى جزء منا أن تبرز علاقتها بالإسلام الإرهابي ونفاقها السياسي وأخرى داخل السرب على الجانب الآخر أن تكون شجاعة كفاية .