على ضوء الاستقلال..... : عبدو أحمد السالم.

خميس, 11/19/2015 - 16:35

 

مع اقتراب الخامسة والخمسين لعيد الاستقلال الوطني المجيد تبدو العديد من النخب المثقفة في بلادنا غير راضية عن المستوى الذي وصلت إليه البلاد ليس فقط على المستوى الاقتصادي ومؤشرات النمو بل على مستوى التطور الاجتماعي من حيث تغيير العقليات والسلوك وحتى نمط التفكير والأهم مدى الاقتناع بالولاء للوطن والانتماء له.

فعلى الرغم من مرور خمسة عقود ونصف  على استقلال الجمهورية الاسلامية الموريتانية ما يزال هذا البلد يعاني من العديد من المشاكل البنيوية تمثل حجر عثرة أمام تقدم البلاد على كافة الأصعدة ومن اهم هذه المشاكل غياب التجسيد الفعلي لإحساس الانتماء للوطن الذي نتحدث عنه إذ يحول دخول تجسيد حقيقة الدولة في صراع مع كيانات اجتماعية واقتصادية وكذا المسلكيات الناتجة جراء ذلك فضلا عن غياب نظام الدولة على مر تاريخ البلاد..عائقا امام تحقيق الولاء القائم على ثنائية الحقوق والواجبات.

لم يعرف المجال الموريتاني الذي ظل لعقود طويلة مسرح لحركة بشرية تعددت أعراقها ولغاتها نظام الدولة لا بمفهومها التقليدي احرى الحديث باستثناء دولة المرابطون التى بسطت سيطرتها فقط على جزء يسير من شمال البلاد، كما لم تظل بلاد السيبة أو المكب البرزخي أو موريتانيا كما سماها الفرنسيون راية الدولة العثمانية كما هو حال دول عربية إسلامية عديدة، ولم يخلف الفرنسيون عند مغادرتهم البلاد في الثامن والعشرين من شهر نوفمبر  عام 1960 حواضر تمتلك مرافق تشجع على التحضر حتى يكون لدى مجتمعنا  تجربة نصف قرن من المدنية، لذلك ظل الكثير من الموريتانيين بعيدين عن "المدنية" حتى أرغمهم جفاف السبعينيات على الهروب إلى المدنية فدخلوها بالأمتعة والعقليات..وبالخيمة المفتوحة على مصراعيها وبالشاة والناقة والجمل..

وإذا كان هذا السرد التاريخي يمكن أن يكون مبررا وتفسيرا للجانب المتعلق بالسلوك البدوي في واجهتنا الحضرية وغيرها فإن الجوانب الأخرى لم نجد لها تفسير منطقيا رغم اعترافنا بأن ديناميكية المجتمعات بطيئة التطور والتغير.

يتحدث واقعنا المحلي اليوم من دون سؤال وعلى ضوء الذكرى الخامس بعد الخمسين للاستقلال عن وطن تفتك بسيادته العادات والتقاليد والتخندق والولاء والمصالح لتمثل بذلك استعمارا جديدا لسيادة الدولة وللسواد الأعظم من الموريتانيين وتقلل بذلك من فرص الانسجام والوحدة والإحساس بحضن الوطن ودفئه.

إننا اليوم في موريتانيا بحاجة إلى الاستقلال عن الكثير والكثير من المسلكيات والممارسات التى لا تخدم الصالح العام وهي مسلكيات وإن تغاضينا عنها فإنها في واقعنا المعاش وقد تتحول مع الوقت إن لم يدق ناقوس الخطر إلى قيم متحكمة

نحن بحاجة إلى أن يعم الاستقلال كامل البلاد ويحس به كل مواطن وأن نتصالح مع الوطن ونتخلى عن ما يتناقض مع الوطنية

نحن بحاجة إلى أن يستقل كل موظف براتبه عن المال العام ولا يستغل من يملك منصبا منصبه في التوسط لمن لا يستحقه ، بحاجة إلى أن يستقل السائق سياراته طبقا لقانون السير وإشارات المرور وأن لا يستغل المستعجل المتسرع معرفته بمقدم الخدمة ليخرق طابور من المنتظرين منذ الصباح.

نحن بحاجة إلى أن لا يستغل الموطن دراهمه لتقديم رشوة لمقدم خدمة يكفلها له القانون

وحتى يستقل الوطن عن استعمار أبنائه تقبلوا تحياتي: عبدو أحمدالسالم.