للإصلاح كلمة تتعلق بالحوار قبل أيام البوار/ محمدو بن البار

خميس, 11/05/2015 - 00:14

كلمة الإصلاح هذه المرة ستعود إلى وضع آرائها أمام المحاورين سواء كانوا أغلبية أو معارضة .

ففي كلمات الإصلاح الماضية اتجهت الكتابة إلى تـنبـيه كل من الموالاة والمعارضة إلى ما يعانيه كثير من الشعب الموريتاني من الفقر المتمثل في سكن الفقراء تحت الأضواء الحمراء

ونبهت إلى أن ذلك أصبح منظرا بشعـا ويسبب خطرا لا يمكن تصوره .

أما الفقراء الذين لا يسألون الناس إلحافا ( وما أكثرهم ) فقد نبهت أنهم إذا كانوا لا يقفون أمام الأضواء الحمراء فهم قابعون تحت ظلام دامس لا ينتظرون إلا حر الصيف وصقع الشتاء لبداية النهاية .

وقد نبهت كذلك أن معاملة الفقر بوضع حد للأسعار التي يتحكم فيها إلى حد بعيد خفض الأسعار التي يصعدها سعر البنزين ، وأن هذا الأخير انخفض إلى أقل من النصف ومع ذلك مازلت الحكومة الموريتانية خاصة تحرم هذا الشعب ( ولا سيما فقراءه) الذين تضر بهم الأسعار من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم تحرمهم من نتيجة هذا الانخفاض  .

فالقوت اليومي والتـنـقل وستر العورات إلى آخر ضروريات الإنسان كل ذلك لم يحرك الجانب العاطفي من المسؤولين عن استمرار هذه الكوارث التي تسبب وراء الكواليس ما تخـر له الجبال هدا .

ولكن المؤسف أن تلك الكتابات وجدت الآذان المعنية تحمل وصف المثـلين الموريتانيـن     ( وذن شواط  ما تسمع لعياط ) خبط الماه فيك كي فل فجدر .

ومن ما هو أكثر أسفا أن تـلك الكتابة لم تـلفــت حتى نظر الصحفيـين أصحاب المواقع فـلم نـعـثر على أي كلمة في تـلك المواقع تــتـكلم عن تلك الكارثة الحمراء تحت الأضواء الحمراء .

وحتى المواقع الفضولية التي تـنـقل لنا يوميا موبقات الجنس في البلاد الأخرى لم تـنـقل هذه الموبقات الوطنية وأسبابها وضررها وتـفاقم ذلك كله .

أما الآن فإن كلمة الإصلاح وقد قرأت كثيرا من التصريحات تنذر بأن موريتانيا تتجه لا قـدر الله إلى البوار، وأنها كل ساعة تـنـتـظر ما لا يحمد عقباه وأنها لا قدر الله تتجه إلى الصوملة أو الليـبرلية إلى آخر أسماء تلك الدول الممزقة شر ممزق .

وهذه التصريحات وردت كثيرا على لسان المعارضة بل بعض من زعمائها ، وترد كذلك من بعض الأغلبية وإن كان تصريحا خجولا .

وكلمة الإصلاح تـقول للجميع إذا كنتم رجالا مسلمين في يدكم الحل والعقد وتعرفون أن الله سائـلكم عن تعـثـر بغـلة في آخر الحدود لماذا لم تسووا لها الأرض فلماذا يمتنع أي طرف منكم عن الحوار، ولاسيما الحوار الذي يبدد هذه المخاوف الخطيرة كما تقولون وتصرحون علنية .

 

فالحوار ليس شيئا لا يقـبل القسمة وإذا وقع حوار يرد هذا الخطر ويقف أمامه ويناقش فيه مشاكل الشعب المادية والمعنوية دون مشاكل السياسة وأنواع الحكم والتمهيد للبحث  عن تغيـيره بأي وسيلة من الطرفين ، فإن موريتانيا سترتاح دولة وشعبا وبيئة وأخلاقا إلى هذا الحوار .

أما السياسة فتــتـرك معاركها إلى ميدان منفصل لا يلتفت الشعب فيه إلى الغالب والمغلوب مادام الأمن والاستـقرار والعيش الهني قد اتفق كل من الموالاة والمعارضة على تحقيقها بالحوار الذهبي .

وسوف يكون الحوار ناريا على الشعب إذا كان موضوعه السياسة الحبلي بالكراهية والحقـد وتتـبع آثار الخلاف المدمر فعلى الشعب أن يقيم صلاة الجنازة على الدين الخالص لدى المسؤولين موالاة ومعارضة لأن أهل الضلال هم الموصوفون بقوله تعالى (( ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من ديارهم حتى يأتي وعد الله)) .

والمتـفق عليه بين المسلمين أن كل وعيد فيه لفظ الكفار يجر ذيله على عصاة المسلمين .

ومن هنا فعلى كل من الموالاة والمعارضة أن يشخصوا هذا الدمار أو هذه الكوارث التي تـنـتـظر موريتانيا ، وكل كاتب وكل مصرح ينذر الموريتانيـين من وصولها إلى درجة الانفجار فـليـبين أين هي وتكمن في ماذا ؟ وإذا كانت غير موجودة  بل هو الأرجاف فقط  فعلى المصرحين أن يكفوا عن ذلك الخطأ إن كانوا يؤمنون بالله واليوم الآخر .

ولاشك أن كثيرا من المسؤولين وأفراد الشعب يجعلون قضية عدم السلم الاجتماعي هي أخطر ما يهدد هذا الشعب بوقوع كارثة لا قـدر الله لا تبقي ولا تـذر .

ولكن على الجميع أن يعلم أنه ــ ولله الحمد ــ الطبيعة الموريتانية والبيئة التي تربى فيها الموريتاني والأخلاق الحميدة التي رضعها من ثـدي أمهات هذا الشعب تجعل كل هذه النظرية السوداء للمستـقـبل هي مجرد إرجاف في المدينة لن يتحقق بإذن الله .

فموريتانيا ليست مكونة من أعراق بمعنى الكلمة في دول أخرى ، لأن الدول الأخرى حتى لو كانت إسلامية تتمسك عقائديا بالفوارق بينها سواء كان لونا أو عـرقا أو دينا داخل الدين العام ، وهذه الأعراق مستعدة بالتضحية لبقاء هذه الوضعية كما هي كما ظهر ذلك أخيرا في السودان الجنوبي المتفقون في كل شيء إلا الفرق بين أعراقهم .

أما نحن الموريتانيون المسلمون جميعا فإننا تعايشــنا منذ قرون من غير سلطة تحول بين أعراقنا بعضها مع بعض بل الفـتـن التي كانت تـقع وتقع فيها الكوارث إما بين القبـيلة الواحدة أو بين قـبائل من عرق واحد .

ولذا فإن الرجال الموريتانيـين المخلصين لهذا الشعب من أي عرق والذين خلقوا موريتانيا لم تكلفهم هذه الوحدة النادرة والانسجام المتكامل أي مجهود فهم جعلوا الموريتاني تعنى بطاقة تعريفه الموحدة من غير ذكر عـرق ولا دين إلى آخره ، وجعلوا الموريتاني العامل عبارة عن ملفه الموحد كما وكيفا شبرا بشبر وباعا بباع .

وهكذا لم يقع أي نزاع عـرقي في موريتانيا ولم يهدد به إلا في هذه الأيام الأخيرة أيام الإهمال الإداري والقانوني وضعف النظر وحصره في الأنشطة السياسية المستـندة على سماع التطبـيـل ولو من متربص يتربص بدائرة السوء ..

فجميع ما يذكره المرجفون في المدينة من فـتـنة عرقية وقعـت بين المواطنين في التاريخ الماضي بعد الاستـقلال فهو كذب محض .

فالتحركات التي وقعت بين الزنوج والعرب سنة66 هي بين التلاميذ فقط ولم يتدخل فيها أي عنصر لا يحمل ذلك الوصف وعالجتها الدولة وحدها وببساطة أنهتها ، أما أحداث 89 فقد وقعت بين العسكريـين فقط المحاولين للانقلاب من جهة ومن هم هدفا للانقلاب ، واقتصرت أولا على العسكريـين الفاعلين إلا أن تصرف السنغاليـين فيما بعد أدى إلى رد فعل من الحكومة فقط بإبعاد من أتهموه آنذاك بأنه أصلا قادما من السينغال كما فعلت السنغال للقادمين من موريتانيا ولم يتدخل في كارثة التسفير آنذاك أي موريتاني لا يعمل عسكريا أو شبه عسكري بأوامر الحكومة.

وهذه الحقيقة  القائـل غير هذا إنما يتبع أهواءه والله يقول (( ومن أضل ممن أتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين  )) .

أما أعـراق ما يسمى بالعرب فإنه لا يمكن أن تقع بينهم فـتـنة أولا لأن اللغة واحدة والأعراق بمعنى الأصل واحد وهو العروبة إما العرب العاربة أو المتعربة .

إلا أن وجود ضعف هالك في الدولة من قصر النظر في المسؤولية عن جميع ما يتعلق في الدولة مثـل احترام القانون وتطبيقه إذا دعت الضرورة لذلك والإطلاع الفوري على كل دعاية يقوم بها أفراد أو جماعات صغيرة لا تمثـل إلا أفكارها الخاصة بها  هو السبب الأول في هذا الإرجاف .

فالرعـيل الأول من المسؤولين في موريتانيا سجل في أول مادة في الدستور أن كل دعاية عرقية يعاقب عليها القانون وانتهت السنون المفضلة في إدارة موريتانيا ولم يستطع أي عرق أن يقوم بدعاية من ذلك القـبـيل .

وكل دعاية عـرقية في هذا الوطن الآن لا تمثل 1% ممن تنسب إليهم جماعيا هذه الدعاية  إلا أنها لم تجد أمامها سلطة تعزلها عن غيرها وتقيم عليها الحجة بذلك وتسمعها النصوص القانونية في هذا الصدد .

فما معنى نجدة العبـيد وحراك لمعـلمين والدفاع عن الاستـرقاق ..... الخ .

فالرق لم يكن يوما شرعيا في موريتانيا وقد وقع منه في زمن الجهاد في سبيل الله في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدون  ما وقع وذلك  رق شرعي وجاحده كافر .

وما وقع منه بعد ذلك في الأمصار الأخرى خارج الجزيرة العربية فهو زور وبهتان والقائل بذلك مهما كان كذاب أشر ، بل الاسترقاق الذي كان في موريتانيا مثـل الاسترقاق في جميع افريقيا المسلمة وغير المسلمة بل جميع دول العالم فهو ظاهرة في عالم الإنسان مثـل الجهل والأمية إلى غير ذلك إلا أن الدول المسلمة نسبت رقها للشرع من غير أي تشابه لا في الأصل ولا في المعاملة ولا في أي  شيء آخر .

مع أن موريتانيا لم يقع فيها من العادات والتقاليد المخالفة للشرع خبر الرق وحده بل زمن السيبة المعروف وقع  فيه كل محرم عند الله وأباحته السببية مع تمسكم بأنهم مسلمون .

فما معنى الزوايا أو الطلبة أو حسان أو العرب أو أزناك أو الأصحاب كل هذه المسميات ماذا تعنى ؟ وما معنى التلميذ التعبدي الذي هو رق من نوع آخر بل هو أخطر من الرق لأن صاحبه يتعلق بمخلوق لأجل الآخرة والمخلوق لا يعرف مصير نفسه فيها بنص القــــرآن (( وما أدري ما يفعل بي ولا بكم )) والنصوص القرآنية الكثيرة تحذر من ذلك مع أنه فيه أكل بالدين المنصوص على حرمته ،وبما أن ذكر هذا يصادف نقطة حساسة من الشيطان لا يتحمل أن يتركها ( لأنها ربيعه المفضل ) فيأمر ضحاياه بالبطش على كل حامل فكرة كهذه فإني كتبتها فقط مع نظائرها الرق والغصب والتلصص وأكل أموال الناس إلى آخر ذلك التاريخ الأسود تحت اسم الإسلام .

إذن فعلى  كل من المعارضة والموالاة أن يتحاورا أولا لدفع هذه المضار المنتظرة و يتعاونا جميعا على إجراءات صارمة تحظر جميع الدعايات في رؤوس أصحابها الخاصة بهم ، وتبدأ بتـنفيذ ما يتطلبه ذلك الموقف حتى تطمئن قلوب جميع الموريتانيـين ويذهب غيظ قـلوبهم ويتوب الله على من يشاء .

فتطبـيق قانون إلغاء الرق ليس مطلبا لمن كان مسترقا وحده بل هو مطلب لكل مسلم يريد النجاة في الآخرة ولكن ينبغي أن يحل محله دعاية عرقية لا تقتصر على من كان مسترقا بل تـشـمل الشرائح والمسميات التـقـليدية فعلى الموريتانيـين أن يرجعوا إلى بداية إنشاء دولتهم بتلك العدالة والمساواة إلا ظاهرة ممارسة الرق  العلني و فالخفي فليتعاون الجميع على قطعها من جذورها ويعودون إلى الديمقراطية الأولى الموريتانية وهي الموريتاني هو شخص مسلم يحمل الجنسية الموريتانية وشروط عمله في الدولة ملف تحدده الوظيفة  العمومية للجميع وكل دعاية غير هذا فهي منكر من القول وزورا  .

وأختم هذه الكلمة بقوله تعالى (( رينا أغـفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قـلوبنا غـلا للذين آمنوا ربنا إنـك غفور رحيم ))