إصدار جديد على هامش معرض فرانكفورت الدولي للكتاب

خميس, 10/15/2015 - 16:44

 أصدر مشروع »كلمة« للترجمة، التابع لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، الترجمة العربية لكتاب »111 فضيلة 111 نقيصة« للمؤلف الألماني مارتين زيل، ونقله إلى العربية د. نبيل الحفار، من سوريا.

منذ سقراط وأفلاطون وأرسطو، حاولت الفلسفة معالجة أخلاق الإنسان، ولا سيما موضوع الفضائل والنقائص، بالعرض والتحليل، وصولاً إلى استنتاجات صارت مبادئ يُبنى عليها في أي محاولة جديدة لتناول الموضوع.

وتحاول فصول الكتاب الوصول إلى فهم معاصر للعلاقات بين الفضائل والنقائص، بوصفها صفات بشرية مرتبطة بشخصيات أناس يُظهرونها خيراً أو شراً في أفعالهم ومواقفهم، وهي تتداخل بعضها ببعض، حيث تكون عاملاً حاسماً في تقييم ما نفعل وما نحجم عن فعله.

وفي سياق ذي صلة كتب بلال رمضان تحت عنوان :

" 111فضيلة ونقيصة وجهان لعملة واحدة. كيف ينقلب الشيء إلى ضده" قائلا:

"ليتصور القارئ أن هذا الكتاب كمسرحية موسيقية، يظهر أمامه في تتالٍ متبدل حشدٌ من الفضائل والرذائل، التي تتقارب وتتباعد باستمرار. والعملية الإخراجية المؤلفة من 111 فصلاً، والتي جاءت في الكتاب الصادر عن مشروع كلمة للترجمة التابع لهيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة، ستُظهر على الخشبة 555 من فتيات وفتيان الاستعراض الذين سيجسدون أدوارهم الساطعة، سواء كانت براقة أم كالحة. وبرقصة الحلقة ستقدم الفرقة متعددة الرؤوس مشاهد حيوية متبدلة من احتمالات الحياة الإنسانية.

وتصميم الرقصات لهذه المسرحية سيكشف لأعين المشاهدين دراما أسلوب معيشة يتمسك بالفضيلة دون أن يصم أذنيه عن إغراءات الرذيلة.

إن الفضائل والرذائل، كما يرى المؤلف مارتين زيل في كتابه، هي ميزات بشرية أو مثالب، بوسع الإنسان جزئياً على الأقل، أن يفعل شيئاً حيالها. إنها صفات مرتبطة بشخصيات أناس يظهرونها، خيراً أم شراً، في أفعالهم ومواقفهم. بعضها: كالتواضع أو التكبر قد يبدو بريئاً، وبعضها الآخر: كالكرم أو القسوة، يعد من كبريات الهبات أو الرذائل. ومع ذلك ليس ثمة هنا ما هو بريء، فالفضائل والرذائل تتداخل في بعضها بعض هناك أيضاً، حيث تكون عاملاً حاسماً في تقييم ما نفعل وما نحجم عن فعله.

منذ القديم كان للفلسفة مهمتان: أن توقع البشر في الحيرة، وأن تسعفهم في بلوغ الوضوح. رغم أن أصل النشاط الفلسفي ينبع من الدهشة، فإن المهمة الأولى من المهمتين -خلافًا لأيام سقراط- يتم تجاوزها اليوم بكل خفة وبكل سرعة.

بعد الدهشة من اتساع العالم تأتي الحيرة: تعجبٌ بصدد كيفية فهم عملية استيعابنا لشيء ما. ومن هذا التعجب تولد الحاجة إلى الوضوح: إلى اكتشاف الحقائق المتداخلة في بعضها، حيث تنفتح أمامنا دروب للفهم.

يقول لودفيغ فيتغنشتاين في كتابه استقصاءات فلسفية: “لا تفكر، بل انظر!”، مطالباً نفسه بذلك وقراءه أيضاً. وهو طبعاً لا يعني بذلك أن الإنسان في الفلسفة لا يجوز أن يفكر، بل إنه من ينصح لا أكثر، بالتخلي عن مناهج التفكير المطروقة لمصلحة تأمل متروٍ ونزيه في موضوعات التفكير، وهو ما يجب أن يجري هنا أيضاً. إن عرضاً سرلياً نوعاً ما للعبة النقائص بين فضائل ورذائل البشر هو وحده ما يمكن أن يقدم صورة واقعية لتداخلات وجود قديم.

في تتالي أرقام الاستعراض الــ 111 تسود أحيانا فوضى مبهجة، ومُرّة أحياناً، ومتوزانة في أحيانٍ أخرى. وترتيبها يتبع إلى حد كبير نظاماً يعتمد التداعى والترابط، وهذا الرقم متطابق الأعداد يبين أن الأمر لا يتعلق بالشمولية، في أي وجه من وجوهها. ومع ذلك يتبع الاستعراض قاعدة معينة، فكل فضيلة مفترضة، وكل رذيلة مفترضة، ستبقى قيد العرض إلى أن ينجلي طابعها المتناقض.

ومن أمثلة هذه الفضائل وما يقابلها في الوقت نفسه من متناقضات: الطيش، الخجل، اللباقة، النزاهة، الحياد، القسوة، التعاطف، الرثاء الذاتي، الفكاهة، والحماقة، السخرية، الفضول، رحابة الصدر، الجشع، المتعة، الاعتدال، الدقة في المواعيد، ضعف الإرادة، الرزانة، الفطنة، الغباء، الحكمة، الكآبة، الخمول، الكسل، الاتزان، الأصالة، الرصانة، الخيال، رقة الشعور، الجمال، الغرور، احترام الذات، التكبر، العبقرية، الابتكار، الإعجاب، الحسد، الشماتة، الضغينة، البخل، الكرم، التسامح، الإيمان، الأمل، الشك، التواضع، الضمير، الحرج، الأنس، الصداقة، النرجسية، الغيرية، الحرية، العناد، الحظ، الشجاعة، وغير ذلك الكثير، مما تحتويه كل فضيلة على ما يقابلها في الوقت نفسه.

ولد مارتين زيل عام 1945 في مدينة لودفيغسهافن على نهر الماين في ألمانيا. درس الأدب الألماني والفلسفة والتاريخ في مدينتي ماربوغ وكونستانس بألمانيا. حصل على دكتوراه عام 1984 من جامعة كونستانس، وعلى درجة الأستاذية عام 1990.

درّس الفلسفة في جامعة هامبورغ ثم في جامعة غيسن وكلاهما في ألمانيا. وانتقل عام 2004 إلى جامعة غوته في فرانكفورت على الماين، حيث صار عام 2008 عضواً مؤسساً في مشروع تكوين نظم معيارية، المشكل من أساتذة الفلسفة في الجامعة.

ونشر المؤلف حتى الآن 13 كتاباً تناول فيها قضايا نظرية المعرفة وفلسفة الأخلاق وعلم الجمال ولا سيما جماليات الفن السينمائي".