شهادتي بعد الاصابة… كورونا سجن بلا سجان… لا تستهينوا بالكمامة.. كونوا جميعا بخير

ثلاثاء, 10/06/2020 - 09:28

اسيا العتروس
اصدقائي احبتي في الواقع و في العالم الافتراضي …كل الشكر و الامتنان على كل ما غمرتموني به , كل الشكر على اتصالاتكم التي لم تتوقف ..اعتذر منكم جميعا لعدم التواصل في احيان كثيرة ليس خوفا و لا جزعا من الفيروس و لكن خوفا على احبة يعانون من هشاشة ولا نريد لهم الاذى و نخشى ان نكون سببا في اي لحظة في اصابتهم ..انتظار نتائج التحاليل مقلق و مثير للهواجس خاصة عندما يتعلق الامر بالام …شكرا لرسائلكم و لكلماتكم الجميلة وهي بمثابة البلسم الذي نتوق اليه في هذا الزمن ..يخطىء من يعتقد انه محصن كائن من كان و لو كان في بيت من بلور …لا احد يعرف بالتاكيد من اين تسلل اليه الفيروس و لكننا نعرف جميعا على الاقل في هذه المرحلة كيف يمكن تجنب تضاعف المخاطر …الفيروس يفقد الكثير من قوته و لكن هذا ليس سببا في الاستهانة به او التقليل من شانه ..الكمامة هي الحل الافضل و الاقل تكلفة للجميع و ربما ساهمنا بطريقة او باخرى في انتشار الفيروس عندما اعتبرنا الكمامة جزء من المشكلة و ليس جزء من الحل ..
عودتنا للتواصل يعني اننا قادرون على الانتصار على الفيروس المستجد في حياتنا و لكنه انتصار مؤقت غير في انتظار الانتصارالنهائي للاطباء و العلماء .. لكل من سيتوقف لقراءة هذه الكلمات و قد بدأنا نتعافى و الحمد لله لا تستهينوا بالكمامة ولا تقتربوا من احبتكم امهاتكم و ابائكم الذين يعيشون معكم و هذا اهم ما سيتعين الانتباه له خلال ما بقي من الحرب على الفيروس كورونا الذي قلب حياتنا رأسا على عقب وأصاب العالم بالشلل وحرم عاءلات من التلاقي ومنع شعوبا من ممارسة حياتها العادية وحكم على الجميع بالعيش في سجن مفتوح بلا سجان يقف على ابوابه أويمنعه من الخروج و هو سجن ليس كبقية السجون فالسجين في هذه الحالة من يملك المفتاح ولكنه لن يقامر ولن يغادره طالما لم يحصل على اذن بذلك والاذن ممثل في تصريح طبي يشهد بان الفيروس قد غادر جسدك و لكن من دون ضمانات بانه لن يعود ..و في الانتظار سيتعين عليك ان تتحرك في المساحة المحددة لك و ان تتعمل احصاء عدد الخطوات التي ستقطعها في البيت و من عشر خطوات الى مائة خطوة الى الف و الى ان ينتهي بك المطاف الى التوقف عن احصاء عدد الخطوات التي هي في الواقع مقياس ايضا لجهازك التنفسي وقدرتك على التحمل .. و على سجين كورونا ان سيتعين عليه ان يتذكر في كل حين الا يكون متسببا في الاذى لغيره ولن يحتمل ان ينقل لغيره العدو بسبب الانانية المفرطة وعدم احترام حياة الاخرين او هذا على الاقل ما بدا لي خلال هذه المحنة اوهذا الاختبار الذي اعيش على وقعه ..لا خلاف ان التجربة مؤلمة و مشوشة لنسق الحياة ولا خلاف ايضا اني استفدت من كل ما قرأته عن الفيروس اللعين لا سيما من تجارب و محن بعض الذين سبقوني في الاصابة به ولم يترددوا ولم يخجلوا من اعلان ذلك والحديث عن الامر وتقديم النصيحة للكثيرين للتعاطي معه و من ذلك ما دونه الزميل صلاح الجورشي و الاستاذة رجا بن سلامة و نتمنى لهم جميعا شفاء تاما عاجلا .والاكيد أن تجربة الوحدة على اهميتها في هذه المرحلة ففيها ما يمكن ان يمنح النفس فرصة ان تقف وقفة صدق مع الاحداث وان تقيم الكثير مما يحيط بها من هموم ومشاغل يومية رتيبة و من علاقات مهنية و انسانية وغيرها و لاشك ايضا أن قدرة الانسان على التكيف مع هذا الوضع المستجد والقدرة على الاحتمال والصبرو عدم التهور جزء مهم من الاختبار لتجاوز المحنة وتجنب الوقوع في الاحساس بالذنب ان تكون سببا في ايذاء احبتك واهلك او تكون مسؤولا عن اصابة قريب ..سيمنحك سجنك فرصة العودة الى الكثير من العناوين والكتب التي ستعيد قراءتها برؤية مختلفة و ستكشف فيها اشياء مرت بك و لم تكتشفها من قبل و سيمنحك الفرصة ان تبحث في ذاتك و علاقاتك و تعيد النظر في اوراقك المبعثرة و تحاول قدر الامكان الاستفادة من دروس هذا الوباء اللعين وهي بالتاكيد كثيرة لمن شاء ..و اولها و ليس اخرها تلك الفئة المتنمرة و هي لحسن الحظ قليلة التي لا يمكن وصف طريقتها في التعاطي مع المصاب بالفيروس الا بالجهل و الاانسانية ..طبعا لا نتمنى لاحد ان يصيبه ما اصابنا حتى لا يواجهوا تلك النظرات و العبارات المشينة التي يتجاوز تاثيرها والمها تاثير الفيروس الذي سيزول مهما طال امده في حين ان تلك الممارسات ستظل عالقة في الاذهان لا تزول ..لن نقول اكثر من ذلك كل العالم يتحدث اليوم عن اصابة الرئيس الامريكي دونالد ترامب و زوجته بالفيروس و هو المحاط بجيش من الاطباء و الخبراء و الحراس و ذلك قبل اسابيع على موعد الانتخابات و قبله بوريس جونسون الرئاسية رئيس الوزراء البريطاني و غيرهما من قادة العالم و قد كانوا يهزاون بالفيروس و يعولون على مناعة القطيع …
اخيرا وليس اخرا فهذا ليس الا جزء من حكاية لم تكتمل عن حياتنا في زمن الكورونا و سيتعين على الجميع تعديل عقارب الساعة و من لم يفعل عليه ان يعجل بذلك ..الفيروس يحيط بنا و لكن مصارعته و مغالبته ممكنة فلا تستهينوا به فقد تمكن حتى الان من التسلل الى صفوف اعتى الجيوش ولم تتفطن له اعتى الاليات العسكرية و لم توقف انتشاره اشد الاسلحة فتكا و رصدا للمخاطر ..تمنياتي للجميع بالسلامة و شفاء عاجلا للاحبة و الزملاء والاصدقاء حيثما كانوا ..نعم سيزول الفيروس و سنعود و نلتقي اذا التزمنا بكل الشروط الوقائية …
كاتبة تونسية