الجزائر: الفاتح من نوفمبر ومعانيه

أربعاء, 09/30/2020 - 21:41

وجيدة حافي
يبدو أن الفاتح من نُوفمبر هذه السنة سيكون مُميزا، يحمل في أجنداته الكثير من المواعيد المُهمة والتاريخية الراسخة في الذاكرة الوطنية، فهو يوم إنطلاق أول رصاصة تُعلن بداية الحرب على المُستعمر الغاشم، فللذين يجهلون التاريخ الجزائري ويعتبرونه لا شيئ، نقول أنه وفي هذا اليوم إنطلقت الثورة التحريرية وقرر أبناء الوطن الأشاوس التحرر من فافا التي دون شك لن تنسى هذا اليوم، لأنه يوم نحس وسوء بالنسبة لها، ففي هذا اليوم وبوسائل بسيطة وقنابل تقليدية قرر أجدادنا قول لا لفرنسا التي لم تفهم لحد الساعة كيف حدث هذا، وهي التي كانت تظن أن جزائر المُعجزات ستبقى فرنسية للأبد.
والحمد لله نحن الآن أحرار بفضل المُجاهدين الذين سمتهم ومازالت تُسميهم فافا بالإرهابين والقتلة، ولأن هذا اليوم يحمل في دلالاته قيما تاريخية، فالجزائر وعبر كل حُكامها دائما ما يختارونه يوما للقرارات المُهمة والإستحقاقات الكُبرى كما سيحدث في إستفتاء الدُستور فالرئيس إتبع نهج أسلافه وإختار هذا اليوم ليستفتي الشعب على الدُستور الجزائري وبُنوده التي نُكرر ونقول أنها لم تكن في مُستوى تطلعاتنا، فالجزائريون سيخرجون في 1 نُوفمبر ليُعبروا عن رأيهم في الدُستور الجديد للجزائر الجديدة كما يُسميها البعض، كذلك في هذا اليوم كل صيغ السكن ستُوزع، يعني كل من وضع ثروته وماله في أي صيغة سكنية، عليه أن ينتظر الفاتح من نُوفمبر ليرى حُلمه يتحقق وينام في البيت الذي تقشف من أجله وباع اللي قُدامو ووراه كما يقول المثل. ورؤوساء البلديات والدوائر، الوُلاة سيخرجون مع الكاميرا ليُوزعوا السكنات الإجتماعية التي طال إنتظارها وهرم أصحابها، ومناطق الظل التي طالب الرئيس بالإعتناء بها وإعطائها الأولية ستـأخذ حصة الأسد وكل ما كان ينقصها سيصبح موجودا وفي لمح البصر، ستُعبد الطُرقات، ويحظى سُكانها بالغاز والكهرباء، كذلك ستُدهن الجُدران وتُغرس الأشجار لإستقبال المسؤولين في هذا اليوم العظيم.
الشباب الحالم بالإدماج ومنصب عند الدولة، سيكون هذا اليوم بالنسبة للفئة الأولى التي ستحظى بشرف الترسيم الفرحة الكُبرى، فهو بعد كل هذه السنوات التي خسرها من عمره سيتوج بعمل، ويضمن الإمتيازات التي تأتي من وراء ذلك وأهمها التقاعد، وطبعا الكثير من الوعود ستتحقق فيه، وسيفرح الشعب وتُزغرد النساء وتدعوا للرئيس، والبعض سيعتبر هذا بمثابة بداية الفرج ويطلب من الرئيس الترشح لعُهدة أُخرى وغيرها من الأشياء التي تعودنا رُؤيتها وسماعها، فكم تمنيت أن يكون إستفتاء الدُستور بعيدا عن العاطفة الجياشة، فأيام السنة طويلة بنهارها وليلها، وكان من المُمكن أن نختار أي يوم بعيدا عن تواريخنا التاريخية حتى لا نُؤثر في الشعب بطريقة وأخرى، وهل تسليم المشاريع لا يكون إلا في الخامس جويلية والفاتح نوفمبر وغيرها من التواريخ التي تحمل حدثا تاريخيا مُهما عندنا، فالمفروض أن يكون المُواطن في أجندة المسؤول طول السنة، وإنشغالاته تُحل وبسرعة ولكن ….، فصراحة هذا كُله يدل على أن كل من حكم الجزائر ومازال سينهج نفس النهج والأًسلوب في إقناع الشعب وتمرير مشاريعه.
وهنا أتمنى أن لا يُفهم رأينا على أنه “معزة ولو طارت” كما يقول المثل، بمعنى التقد من أجل النقد، فكجزائرية أفخر بتاريخي المُشرف، لكن ما أمقته هو إستعماله في قضاء المصالح وشراء السُلم الإجتماعي وغيرها من السياسات التي هرمنا منها وكرهناها.
فمبروك علينا الفاتح من نوفمبر كتاريخ وطني عزيز على قُلوبنا، ومبروك لكل من سيُحقق أمنيته في هذا اليوم العظيم، وللجزائر طبعا دُستورها الجديد الذي حسب المُختصين سيكون فاتحة خير لنا ولجزائرنا الجديدة، جزائر العزة والكرامة، العدل والإزدهار. دُستور يبقى يُثير علامات الإستفهام والجدل، الرفض لبعض بنوده، وعلى كل حال سيكون لنا رأي في قادم الأيام حول بُنوده، حتى وإن كان لا يُقدم ولا يُوخر والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
كاتبة جزئرية