من قرع طبول الحرب إلى قمة بين الرئيسين: ترامب وروحاني

اثنين, 09/09/2019 - 15:26

عمر الردّاد

بالرغم من استمرار الحملات الإعلامية المتبادلة وحرب التصريحات والتصريحات المضادة بين إيران وأمريكا،إلا ان مؤشرات عديدة تؤكد ان الأزمة دخلت في المراحل الأخيرة من المحطة التي حكمت اتجاهاتها ،خلال الأشهر القليلة الماضية وعنوانها “العض على الأصابع”في ظل رهانات أمريكية على ان الضغوط الاقتصادية الحادة على إيران ستدفع القيادة الإيرانية للقبول بالمفاوضات، تقابلها رهانات إيرانية بالقدرة على الصمود أمام العقوبات واستخدام كافة أوراقها ،بما فيها تهديد الملاحة البحرية في الخليج ومضيق هرمز، وتفعيل اذرعها وأدواتها في العراق،سوريا ولبنان، بالإضافة لليمن،وعدم تحقيق نجاحات تذكر على تلك الرهانات، بما فيها موقف أوروبي يبتعد عن موقف الرئيس ترامب.

  ومفهوم “التفاوض” لم يغب عن القاموسين الأمريكي والإيراني، منذ بدء التصعيد الذي شهدته الأزمة، ودخول أطراف عديدة على خط الوساطة لحلها ” اليابان،سلطنة عمان،سويسرا،وجهات عراقية وأخرى قطرية، وآخرها فرنسا”رغم تباين مفهوم وشروط التفاوض لدى الجانبين، فأمريكا تتطلع لمفاوضات مع بقاء العقوبات على ثلاثة ملفات “النووي،الصواريخ والدور الإقليمي”،فيما تتطلع القيادة الإيرانية لمفاوضات،ولكن بعد رفع العقوبات،ويبدو ان الوساطة الفرنسية حققت اختراقا بإمكانية رفع جزئي للعقوبات الخاصة بتصدير النفط الإيراني لنهاية العام الجاري،وبما يمكن إيران من تامين حوالي “16” مليار دولار.

وبالرغم من عدم وضوح الموقف الأمريكي تجاه المقترح الفرنسي،إلا أن مفاوضات أمريكية –إيرانية “مباشرة وعير مباشرة” تجري في مختلف الساحات،وربما من خارج الأطراف المشار اليها ، مهدت لما تم الإعلان عنه من احتمالات عقد لقاء بين الرئيسين “ترامب وحسن روحاني” على هامش اجتماعات الأمم المتحدة بعد أسابيع.

ويبدو ان تلك المفاوضات لم تبدأ فقط بحضور وزير الخارجية الإيراني وبصورة مفاجأة الى فرنسا،حيث كانت تنعقد قمة السبع،وبحضور الرئيس الأمريكي،وإنما تبعتها الكثير من الإشارات والرسائل منها :”التهاون” الأمريكي تجاه قضية السفينة الإيرانية”ادريان” التي تم احتجازها في جبل طارق،واحتمالات وصولها بحمولتها الى سوريا،بالإضافة لكون ما جرى بين حزب الله وإسرائيل “عملية” تفاوض مدروسة بين طهران وواشنطن، لا تختلف كثيرا عن الحوارات التي تم الإعلان عن انطلاقها من قبل واشنطن مع الحوثيين، والجدالات التي تجري على خلفية انهاء ملف الحشد الشعبي العراقي.

من غير الواضح حدود موضوعات التفاوض، والصفقة التي يمكن ان يتم التوصل إليها بين الجانبين، لكن المؤكد انه وخلافا لما يتم الترويج له إعلاميا حول خلافات بخصوص الملف النووي ونسب التخصيب، والبرنامج الصاروخي،فان إيران أعلنت قبولها بإخضاع هذين الملفين للتفاوض، ولا يستبعد انه تم الوصول لاتفاق بخصوصهما،تضمن تنازلات إيرانية كبيرة،ويبدو ان الملف الثالث”دور إيران ووكلائها في الإقليم”هو ما يجري عليه التفاوض ،وهو ما يفسر التطورات بين إسرائيل وحزب الله والضغوط التي يتعرض لها الحشد الشعبي العراقي، بالتزامن مع مفاوضات أمريكية مع الحوثيين.

يحتاج الرئيسان روحاني وترامب للقاء مصافحة، على غرار لقاء ترامب مع رئيس كوريا الجنوبية،فروحاني يعيش أزمة مركبة مع المتشددين في إيران ،بوصفه مسئولا عن الاتفاق النووي، فيما تداعيات العقوبات تشكل هاجسا للقيادة الإيرانية بشقيها”إصلاحيين ومتشددين” وبالتزامن يتطلع ترامب لالتقاط صور تؤكد انتزاع تنازلات من القيادة الإيرانية ،لاستخدامها بالانتخابات القادمة.

احتمالات عقد اللقاء بين روحاني وترامب تبدو واقعية، وهي مرتبطة بمخرجات الصراع بين روحاني وفريقه ، مع التيار المتشدد بقيادة المرشد الأعلى”علي خامنئي”، الذي أصبح بعد تطورات الأزمة الأخيرة طرفا رئيسا فيها ،وهو ما أكده الرئيس ترامب ،بان أية مفاوضات مع إيران يجب ان تكون باطلاع وموافقة والتزام المرشد الأعلى،بما يضمن عدم استفادة الحرس الثوري من أية أموال تأتي بعد رفع العقوبات، فهل سيلتقي الرئيس روحاني مع الرئيس ترامب ، حاملا معه توقيع المرشد الأعلى على حدود الصفقة،بوصفه ممثلا ونائبا له؟

مثل هذا التساؤل وغيره من تساؤلات تطرح في أوساط المتابعين بالمنطقة حول: حدود التنازلات التي يمكن ان تجترحها القيادة الإيرانية، بخصوص وكلائها وأدواتها في :سوريا ولبنان ،اليمن والعراق، وموقفها من إسرائيل، التي تنشط لضمان مصالحها في تلك الصفقة “المؤكدة”من وجهة نظر القيادة الإسرائيلية، بالإضافة للموقف الإيراني من صفقة القرن،وعلاقاتها المستقبلية مع السعودية ودول الخليج،فيما تؤكد الإجابات على كل تلك التساؤلات على أهمية دور إيران الإقليمي، وهو ما تسعى للاعتراف به،وتذهب أدراج الرياح بالأحلام بمعركة كبرى، يتم خلالها القضاء على إيران،أو ينتج عنها هزيمة أمريكا.

كاتب اردني