أمران أحلاهما مر.؟؟؟؟؟؟

أربعاء, 05/27/2015 - 01:40

إن الرغبة الجامحة في رفع التحديات التنموية و تعزيز قيم الديمقراطية وتحقيق عدالة اجتماعية أمور من بين أخرى تحرك الكثير من النخب وقادة الرأي والفاعلين إلى الفعل من أجل إحداث تغيير في عمق المجتمع ومرتكزات الدولة , وفي هذا السياق تحضرني مقولة شوبنهاور ." نادرا ما نفكر بما نملك , لكننا نفكر دائما بما نفتقد " إذن هل يجدر بنا أن نفكر أكثر فيما نحن عليه أم فيما نريد أن نكون عليه ؟

نعتقد أنه ليس من السهل الإجابة على إشكالية تتعلق بواقع ومصير مجتمع لازالت القوى المؤثرة فيه تنزع إلى المحافظة بينما تريد الأخرى التحول أو التغيير أو التبدل مما قد يؤدي حتما إلى صراع ما لم يتوافق الطرفان في أغلب المصالح الأمر الذي يقتضي من كل القوى السياسية و الاجتماعية توخي الحذر وتوجيه فعلهم السياسي و الاجتماعي فيما يخدم الوطن والمواطن , وإنه قمين بالنخبة وقادة الرأي والفاعلين الموازنة بين أمرين:

أولا: إن الحرص الشديد للتقدميين من النخب وقادة الرأي في تحول ديمقراطي فعلي في البلد والتخلص السريع من تراكمات المجتمع في فترة ما قبل ظهور الدولة بالإضافة إلى الحراكات الاجتماعية التي يشهدها البلد اليوم والتي تتعلق بالتصدعات التي توشك أن تتعرض لها العلاقات البينية الاجتماعية داخل القبائل والمكونات

يحدث هذا التطور في الوقت الذي تتزايد فيه متطلبات الحياة المدنية التي بدأت كواقع يفرض نفسه على مجتمعنا قبل أن يتهيأ لتعقيدات الحياة المدنية الحديثة عندها بدأ الاهتمام بالدولة يزداد أكثر وأصبح المواطنون يتطلعون إلى المزيد من خدماتها  وفي ظل واقع كهذا بدأ صوت الشرائح الهشة و المهمشة اقتصاديا و اجتماعيا يعلو شيئا فشيئا مطالبة بتوزيع أكثر عدالة للثروة الوطنية و مشاركتها بشكل فعلي في إدارة الشأن العام للبلاد.

ثانيا: إن التغيرات و التحولات السياسية و الاقتصادية و الدولية و الإقليمية دفعت شعوبا عديدة في العالم الثالث لاسيما في عالمنا العربي إلى التحرك لتتحرر من قبضة حكامها الذين يصفونهم بالديكتاتورية برغم الثوب الديمقراطي الذي لبسه بعضهم و تحمل هذه الشعوب أنظمتها المسؤولية عن الفقر و التخلف الذي لا زال العالم العربي يعاني منه بالرغم من مضي أزيد من نصف قرن على استقلالها عن الاستعمار الأوروبي و ما يمتلكه من مقدرات.

أما في بلدنا الذي لم يشهد تناوبا سلميا على السلطة إلا مرة شهد فيها انتكاسة في مساره الديمقراطي السياسي نجم عنها أزمة سياسية لا زالت مخيمة بظلالها على المشهد السياسي و أصيب معظم النخب السياسية بخيبة أمل أنتجت رأيا يكاد يكون عاما يجزم بأن العسكر لا زالوا يديرون دفة الأمور في البلد من وراء حجاب و بأن هناك غياب البعد المؤسسي و المدني في كل مفاصل الدولة و إن جانب الصواب هذا الرأي فإن الوضعية صعبة للغاية لأن مجتمعنا لا زال يتسم بالكثير من الهشاشة و لم تترسخ دعائمه التي يجب أن ينبني عليها مما أتاح المجال أمام تنامي خطاب الشرائح و المكونات كنتيجة حتمية لغياب دولة مدنية يلجأ إليها الأفراد و الجماعات لنيل الحقوق و تفرض تأدية الواجبات.

عندها بدأ الكل يشعر بخطب ما يحدق بالبلد مع أن لكل مسؤوليته في ما آلت إليه الأمور و لاسيما أن محيطنا الإقليمي يشهد اضطرابات و تحديات لا تساعد على استقرارنا الداخلي.

من خلال ما تقدم يتضح أن بلدنا يعيش واقعا يفرض التحول الذي بدأ يدب في مجتمعه قصد خلق واقع أفضل لكن الطريق ليس معبدا لأن التيار الثابت لا زال مسيطرا ، مما يتطلب النظر في آليات تحول آمن و إن كان للواقع ضرره فللبديل المجهول خطره إذن إنهما أمران أحلاهما مر.