صمود الشرعية في ليبيا

أربعاء, 04/10/2019 - 09:25

د. حماه الله السالم
أعلن حفتر “الزحف المبين” على غرب ليبيا، وحرك مليشياته المدعومة إماراتيا نحو طرابلس لتحاصر الشرعية في عقر دارها.
ظنها نزهة وضربة لازب بعد أن راهن على “تحييد” كتائب مصراتة و كتائب الزاوية وحتى رئيس الحكومة الشرعية السيد السراج نفسه.
كتائب مصراتة وحدها تحوز نصف ترسانة السلاح الليبي منذ عهد القذافي، بينما تمتلك الكتائب الأخرى داخل العاصمة وخارجها قوة لا يستهان بها.
الخارطة التي تنشرها بعض الصحف عن سيطرة حفتر على ثلثي ليبيا، خارطة خادعة لأن معظم تلك الأراضي خالية من السكان وليست بذات أهمية.
وبالرغم من ذلك ارتكبت قوات حماية الشرعية الخطيئة الكبرى عندما تركت حفتر يقوى شسئا فشيئا تحت سمعها وبصرها ومن دون أن تحرك شيئا واتكلت على الشرعية الدولية التي تستند هي الأخرى إلى مواقف “غامضة” أو مترددة في أحسن الأحوال، وإن كانت “أجمعت” أخيرا على رفض سيطرة حفتر على غرب البلاد في حملته المستفزة، لكنه ما ض من دون خوف ما يشي بضوء أخضر من طرف ما أو دعم مباشر من الإمارات ـ السعودية ـ مصر أو ما بات يعرف بـ”محور الشر العربي” الرافض لأي تغيير ديمقراطي في الدول العربية.
قوات حماية الشرعية في ليبيا أثبتت صلابتها وتماسكها واستطاعت في اللحظة الأولى أن توقع هزيمة سريعة بالقوات المتقدمة من كتائب حفتر، بل وأسرت منها العشرات وغنمت عشرات الآليات وكميات معتبرة من السلاح والذخيرة.
الحكومة الشرعية وقواتها تمتلك ورقة هامة هي شرعيتها لقانونية والمجتمعية، حيث بات العالم يرفض عودة نظام القذافي تحت أية يافطة، والشعب الليبي متمسك بحقه في إقامة نظام مدني منتخب.
على الجانب الآخر يشكل حفتر وميليشياته التي يسميها جيشا نظاما، نقيضا مبينا للحكم المدني الديمقراطي ولا يحظى بأي تزكية شعبية جدية، بل ويرفض هو نفسه أي حوار وطني يفضي إلى بناء الدولة الليبية الحديثة وفق الأسس الدستورية والقانونية المعروفة، وظل ينتهز الفرص للانقضاض على مؤسسات الدولة وتخريب أي اتفاق يجري برعاية دولية، حتى أن هجومه الأخير تم قبل أيام من انعقاد مؤتمر الجوار الوطني الليبي في غدامس عاصمة الجنوب!
الوضع في ليبيا يتجه إلى المزيد من التصعيد قد يفضي إلى تمزق البلاد أكثر من أي وقت مضى، لكن الثابت هو رفض الغالبية العظمى من الليبيين للعودة إلى ما قبل ثورة 17 فبراير مهما كلف الثمن.
أكاديمي موريتاني