لماذا يحرق الأكراد سفنهم

اثنين, 03/25/2019 - 17:36

بسام ابو شريف

لو كان عبدالله أوجلان خارج السجن لما كانت خيارات أكراد سوريا محصورة بتلك التي قررها أتباع اميركا من قادة الأكراد .

قد يكون هذا هو السبب الرئيسي الذي دفع الاسرائيليين للقيام بعملية اختطافه لصالح تركيا ، فعبدالله أوجلان بطل من أبطال التحرر ، ولاترتفع قدماه عن الأرض الصلبة … أرض الواقع أقول هذا لأني أعرف عبدالله أوجلان معرفة جيدة ، وأعرف كيف بدأ نضاله وكيف تتطور أفكاره ، وكان آخر لقاء لي معه في روما بعد أن رحل من روسيا لايطاليا وقبل أن تخطفه اسرائيل .

كان رئيس وزراء ايطاليا آنذاك ” ماسيمو داليما ” ، يعاني من مأزق كبير فالقانون الايطالي يمنع ترحيل عبدالله أوجلان من ايطاليا قسرا ، وبقاؤه فيها كان يهدد مصير الحكومة الايطالية ” اليسارية ” ، وقد طلب أوجلان رؤيتي فدعاني رئيس الوزراء للتوجه الى روما لأساعد في ايجاد حل للأزمة .

وفي لقائنا ، وكان بحضور عدد من مساعديه ومرافقيه وآخرين تحدثنا عن أزمة وجوده في ايطاليا وعن مستقبل النضال الكردي ، ودون الغوص في التفاصيل كانت لدى عبدالله أوجلان أفكار جيدة حول الحلول التي يمكن أن يبلورها هو بمبادرة سياسية تطرح علنا لايجاد حلول سياسية عملية للمشكلة المزمنة للشعب الكردي الموزع بين ايران والعراق وتركيا وسوريا .

أما بالنسبة لأزمة وجوده في ايطاليا ، فقد انصب تفكير المحيطين به على ” اليونان ” ، كملجأ … استنادا لفكرة ساذجة سياسيا ، وهي أن هنالك تناقض بين تركيا واليونان فحذرته من هذا وقلت له بالحرف : ” ان للدول مصالح ، وان بدت متحاربة ولن أتردد في القول بأن اليونان ستبيعك عند أول منعطف اذا وجدت ذلك من مصلحتها ” ، وعرضت عليه كرفيق وأخ في النضال ملجأ عربيا نضمن فيه سلامته ، ففوجئت أن من كان يترجم لي ماقالوه يهمس في أذني انهم يكرهون العرب ، ويعتبرونهم أعداء وان العرب سيخونونه ، دهشت من هذاالكلام وفكرت بسرعة : لماذا هذا الكره واتفاق آذارمع أكراد العراق كان اتفاقا غير مسبوق ، والأكراد في سوريا يتمتعون بكافة حقوق المواطن وواجباته ؟؟!! ، وعند خروجنا قلت لأصدقائي وللايطاليين : ” هنالك خمسة ممن يحيطون بعبدالله أوجلان مدسوسون يعملون ضده وأتوقع أن يسلم لتركيا من خلالهم ” .

فهل تتكرر المأساة مع أكراد سوريا لماذا يحرقون سفنهم ؟؟، لقد عرضت دمشق التفاوض مع أكراد سوريا دون شروط ، فكان الجواب شروطا مسبقة صاغها الاميركيون وقرأها بعض عملائهم في قسد .

عندما يضع قادة قسد أو بعضهم الشروط الاميركية مقدمة للتفاوض يقطعون الطريق على التفاوض مع دمشق ، فدمشق المسؤولة عن وحدة الأراضي السورية وعن وحدة مكونات الشعب السوري ، وعندما تعرض التفاوض مع الأكراد فان هذا ايجابي وأكثر … ، لكن الشروط الاميركية المتعلقة بشعارقسد هي استفزاز للنظام والسلطة والسيادة السورية ، وهذا مايريده الاميركيون والاسرائيليون .

المبعوث الاميركي الذي حاول أن يحصد الانتصارات التي دفع الشعب السوري والجيش السوري والمقاومة ثمنا باهظا لها من الأرواح والدمار باظهار أن الولايات المتحدة هي التي قضت على داعش .

قادة قسد يعلمون كما نعلم أن قيادات داعش فرزت وقامت اميركا بنقل هذه القيادات للعراق وهم يعلمون أيضا أن عددا كبيرا ممن سلم للعراق لايعدو كونهم مقاتلين بالأجرة ، وليسوا قياديين ، وستعرف قسد لاحقا أن مصيرهم لدى الاميركيين ليس مهما تماما كما باعت اليونان عبدالله أوجلان لاسرائيل حتى تنقله لتركيا ، وعلى قسد أن تراقب لمن سيبيعهم الاميركيون لينظروا الى خريطة يرفعونها ؟

هل يعقل أن يفكر أكراد سوريا كما يفكر بعض قادة قسد المجندين من السي آي ايه ؟؟

تعرفت خلال مسيرتي النضالية على عدد كبير من الشخصيات الكردية ، وشيوخ عشائرهم وكبار المثقفين منهم ولايفكر أحد من هؤلاء كما يفكر بعض قادة قسد .

القضاة والمحامون والأطباء والمعلمون ، وكل من هو متعلم وتواق لخدمة شعبه الكردي وضمان حقوقه لايفكرون كما تفكر قسد ، ان هؤلاء الخاضعين للهيمنة الاميركية ” ومن خلالهم للهيمنة الاسرائيلية ” ، يقودون الأكراد نحو هاوية السفن المحروقة .

هل من أصوات عاقلة ترتفع الآن في وجه عملاء اميركا المعششين قيادة قسد ؟؟؟

كاتب وسياسي فلسطيني