ثلاثون عاما؟ ويقول لك: لم نرغب في الحكم!

ثلاثاء, 02/19/2019 - 20:46

عبد الرحمن بجاش
ألبس الوطن العربي وبالتحديد منذ انهيار الاتحاد السوفيتي قميصا اكبر من مقاس جسده، ظل إلى الآن يلعب داخله ولم يفطن الى أنه اكبر من حجمه، لأن اللعبه استهوت الحاكم فظل يخدع الناس بما صدر اليه واسماه لهم “ديمقراطيه”!

هل سمعتم بديمقراطية تتيح للحاكم أن يتربع على كرسي الحكم اكثر من ثلاثه الى اربعة عقود؟؟، في العالم العربي فقط يحدث هذا، لان الحاكم بجهازه الامني ولسانه الاعلامي حول الناس إلى مجرد قطيع، في العالم العربي هذا ممكن بل وقائم !!!..

الغرب رأى في ديمقراطية تناسب الجهل هو هذا النموذج العبثي الذي تراه انتخابات مزوره معظم من يصوتون فيها جنود المعسكرات افضل وسيله للسيطره على هذا العالم وثرواته وموقعه الجغرافي …..

ديمقراطيه الها بها الحاكم ودجن بها القطيع الذي يذهب طائعا إلى صناديق مملوءه باوراق التصويت مقدما لمرشحي الحاكم سواء أكان حزبا “الحاله الجزائريه” او جبهة كما هو الحال في السودان ..او بمختلف الاشكال والصور لدى البقيه !!!..

في احد الكولخوزات في الاتحاد السوفيتي وكان يزورها مسئول في تعاونيات اليمن سنويا، اقترب احد العاملين منه وشكى له بمراره حال الكلخوز وتدني الانتاج سنويا، وسأل الزائر: هل تجد للأمر تفسيرا كونك تزورنا للمرة العشرون وتعرف احوالنا؟ ابتسم الزائر الدائم وأشار الى لوحة عليها اسم واحد : هنا السبب، كانت اللوحة تحمل اسم رئيس الكلخوز من ثلاثين عاما!!!..

قرأت ما قاله البشير في السودان وهو نموذج لحال العرب واحترت هل ابكي او اضحك، او الاثنين معا، قال البشير :(( جبهة الانقاذ لم تكن تطمع في الحكم ابدا)) !!!!..

ثلاثون عاما والرجل يتربع على الكرسي وحيدا ويا ويل من يقترب، ياتي الان وهو يهدد ويتوعد ويقول للناس وبالعلن : انا مليت الكرسي فانتخبو البشير بدلا عني !!!..
علي عبد الله صالح كان يقول ايضا قبل كل “انتخابات” : انالم يعد لدي رغبه، والناس ملوني وأنا مليتهم! ولاعلاج للديمقراطيه الا بمزيد من الديمقراطيه .. وفي الجزائر يهتم بوتفليقه رغما عن صراخ الناس “يكفي” بصحته وهو قعيد : “من اجلكم”..

مدرسة واحده انتجت الحاكم الفرد “الجهل” وتطويع الدين لصالحه، الديمقراطية العجيبه بيد والعصى بيد الامن، واللسان يغرد كل لحظه بالمعجزة التي لن تتكرر زعيما اتى من الغيب “من اجلكم”..

هناك حاله عامه عربيا متعلقه بالتربية الوطنيه، حيث لم يتربى الانسان على المطالبة بالحقوق، بل إن منظومة التربيه ورداءة المنظومة التعليميه رسخت في ذهن المواطن العربي حاله من الخنوع ادت به فقط الى الانتظار راضيا لما سيجود به الحاكم، في اليمن كان الناس يحرصون على متابعة نشرة اخبار التلفزيون عند التاسعة مساء انتظارا لظهور صورة القصر الجمهوري ليعرفوا من هو حسن الحظ بتعيينه في اي موقع نظرله دوما على انه مصدر رزق وليس تكليفا بمسئوليه …

المناهج التعليميه تعتسف النص وحتى الاحاديث لتكريس حالة الخنوع للحاكم ولمنظومة ولي الامر حسب كل مذهب وصار الشعار(( ليس في الامكان ابدع مما هو كائن )) وجبة هنيه يتناولها الانسان كل صباح برضى ….أما البعد التربوي فيترك لخطاب ديني متخلف يردده خطيب الجمعه منذ الازل ….

في اي زمن وفي اي مكان يكون المثقف هو من يتقدم الصفوف لنيل الحقوق، للاسف طغت حالة التجهيل المقدسة على مقدرة الفعل فانهزم المثقف بمبررات كثيره، وصارفي الغالب الاعم مثقفا انتهازيا ضمن نخبة او نخب تسبح بمقدرة الحاكم وضرورة بقائه باعتباره الضرورة القصوى التي لا يمكن للكون أن يظل ويستمر الا بوجوده، لذلك تجد العربي دائما يردد ..لوكان، ولم يعلمه احد ولم يسعى هو إلى تعلم القول بما يفترض أن يكون كائن ….

هل المشكلة في الانسان ؟ لا…المشكلة في منظومة سلطة قاهره أشهرت سيف الجوع في وجهه ليظل مشغولا ومهموما بلقمة العيش لاطفاله …
وانظر الى الثروات التي تبدد بايدي حكام سفهاء لا يقوى مواطنهم على حتى مجرد الاعتراض على اهدار حق الاجيال القادمه …

ما لم يناضل المثقف في هذا العالم الموصوم بالجهل في سبيل رؤية ومشروع فسيظل الحاكم الفرد والنخبة يمنعان حتى مجرد الهواء للتنفس …
مطلوب من المثقف تحديدا أن يكون مستعد التقديم حياته قربانا للحرية التي في ظلها فقط يوجد الانسان الحر القادر على أن يقول لا …ولا يستطيع احدا أن يسلبه حقه …
متى ؟ وكيف؟ ومن اين تكون البدايه ؟ ..هذا هو السؤال الاهم
صحفي / اليمن